لمكافحة جرائم العنف.. لندن على خطى اسكتلندا ونيويورك

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

مشاهد جرائم العنف أضحت شبه مألوفة في بعض أحياء العاصمة البريطانية خلال الفترة الأخيرة، فقد شهدت لندن أكثر من 50 جريمة قتل بين المراهقين والشباب منذ بداية العام الجاري، استخدم فيها السلاح الأبيض والأسلحة النارية.

وارتفع معدل الطعن بالسكاكين بنسبة 21% في موجة الجرائم التي اجتاحت المدن البريطانية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، ويعود السبب بحسب بعض الوثائق المسربة من الداخلية البريطانية إلى انخفاض أعداد الشرطة بواقع 20 ألف فرد سنويا.

وتبرر الحكومة البريطانية ذلك – في مراجعة استراتيجية مواجهة العنف- بأن المخدرات هي السبب الأساسي وراء تزايد الجريمة وإن عملية التصدي لها معقدة، وتتطلب تكاتف جهود الأسرة والشرطة والدولة معًا.

وتقول الكاتبة والسياسية البريطانية رابينا خان، إنه بعد الانتخابات المحلية التي جرت الأسبوع الماضي، كان على السياسيين مثلي أن يعملوا على السيطرة على جرائم العنف، هذه الآفة التي انتشرت في لندن بشكل مأساوي، ففي نهاية الأسبوع الماضي وخلال 24 ساعة، تم إطلاق النار على خمسة أشخاص أحدهم صبي يبلغ من العمر 13 عامًا، وآخر يبلغ من العمر 17 عامًا، بعد أن تعرض لهجوم في ساوثوارك.

نما معدل القتل في لندن بنسبة تقترب من 40% في غضون ثلاث سنوات فقط ، وارتفعت معدلات جرائم الأسلحة النارية والسكاكين بشكل مروع في حي تاور هامليتس وحده، خلال العام الماضي – تقول خان-  نحن بحاجة إلى النظر إلى أماكن مثل اسكتلندا ونيويورك، حيث أدت استراتيجيات الوقاية إلى انخفاض كبير في جرائم العنف.

في اسكتلندا، كانت وحدة الحد من العنف التي أنشئت عام 2005، ناجحة إلى حد كبير بحيث لم يكن هناك وفيات بسبب جرائم العنف خلال عام 2017، وفي جلاسكو -أكبر مدن اسكتلندا- على مدار العقد الماضي، انخفضت جرائم القتل بنسبة 60%.

وفي نيويورك، يعتقد أن عمل الشرطة الأكثر فعالية كان سببا رئيسيا في الحد من جرائم القتل والجرائم عامة، كما حدث انخفاض في عدد السجناء داخل سجون المدينة.

في تقريره نيابة عن حزب المحافظين، أشار شون بيلي مؤخرا إلى أن الشباب في بريطانيا أقل ثقة في قدرة الشرطة على السيطرة على جرائم العنف، إذ تقدر عمليات التوقيف والتفتيش التي تتعلق بجرائم الطعن بالسكاكين بـ15%، فيما يتعلق 60% من أوامر التوقيف سنويا بالمخدرات، وعلى الرغم من حقيقة أن تعاطي المخدرات بين البيض هو ضعف ما لدى السود، فإن الذكور السود يزيد احتمال تعرضهم للاعتقال بسبب جرائم المخدرات أكثر من 10 مرات، ما يطرح تساؤلات حول نزاهة الشرطة، واقترح أن يتم تركيز جهود الشرطة بشكل أكبر على مكافحة جرائم الطعن لتصحيح التوازن.

في أحياء لندن، يحتاج السياسيون إلى الالتفاف حول الطاولة والاتفاق على ما يمكن تسميته استراتيجية “تغيير الآفاق” لاستهداف أولئك المعرضين لخطر الانزلاق إلى عالم الجريمة، وتوجيههم بدلا من ذلك إلى مخططات إيجابية تخدم المجتمع.

في نهاية المطاف، من خلال تعزيز آفاق الشباب، وعن طريق التعليم و العمل، يمكن أن تمول المجالس المحلية تلك المخططات الإيجابية من خلال منظمات المجتمع المدني، تضيف رابينا خان: إنه خلال حملتي الانتخابية، ركزت على سلامة المجتمع، والتقيت بشاب يدعى كريستوفر الذي صنع دراجات نارية من الخردة للمساعدة في إبقاء أقرانه خارج هذا المأزق، فهذا هو النشاط الذي نحتاج إلى تعزيزه ليس فقط لإعطاء الشباب تركيزًا إيجابيًا، بل لتزويدهم بالمهارات الحياتية القيّمة.

وتتابع خان في مقال نشرته “الإندبندنت”: كما نحتاج إلى حملة لقوانين أكثر صرامة حيال جرائم الطعن وحيازة السلاح، ولأجل استخدام قوى البحث والتفتيش بطريقة أخلاقية وبنزاهة، نحن بحاجة أيضا إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على مرتكبي جرائم العنف، كما نحن بحاجة للعمل مع الأسر والمدارس والشباب أنفسهم، وضمان أنهم يشعرون بالأمان والدعم في جميع مجالات حياتهم، وحماية أسر جديدة من تحمل مأساة فقدان طفل بسبب جرائم العنف.

“الآباء يبكون، الجميع يبكي من ارتفاع موجة القتل في لندن، أتوسل إليكم جميعا السعي لوقف هذا القتل للأبرياء من الشباب” – تختم خان-  على السياسيين الاستماع إلى عائلات المتضررين من جرائم العنف، سواء الضحايا أو الجناة، إن قصتهم هي التي يمكن أن تحدث التغيير والأمل.

ربما يعجبك أيضا