لوموند دبلوماتيك: في إسرائيل.. القادة العلمانيون يجندون الدين لخدمة الحرب

مجلة فرنسية: العلمانيون الإسرائيليون يستخدمون الخطاب الديني لتبرير الإبادة الجماعية في غزة

بسام عباس
3 مزهريات مصنوعة من القذائف المدفعية، المدرسة الإسرائيلية، القرن العشرين

لم تتردّد الصهيونية العلمانية في الاستيلاء على المفاهيم الأساسية للديانة اليهودية وإعادة صياغتها لبناء هوية وطنية، الخطاب الذي استخدمه الاحتلال الإسرائيلي لتبرير الحرب المدمّرة التي يشنها على غزة.

وفي هذا الإطار، أضاف اليمين الإسرائيلي في السلطة إلى شعاره المركزي الذي يرفعه في حرب غزة “سننتصر معاً!” بشكل منهجي عبارة “بعون الله” لإعطاء بُعد دينيّ للصراع مع حركة حماس.

تبرير الإبادة الجماعية

انتقدت مجلة “لوموند دبلوماتيك” في مقال كتبه ماريوس شاتنر، التوجه المتزايد لدى المتمسكين بالسلطة في إسرائيل، سواء من العلمانيين أو المتطرفين، لاستخدام الخطاب الديني من أجل تبرير الإبادة الجماعية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، ويرصد الكاتب أمثلة متعددة على هذا الخطاب ودلالاته.

وذكرت، في عددها الصادر مطلع شهر أبريل، أن بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر صحفي عقده في تل أبيب في 28 أكتوبر 2023، وفي رسالة وجهها إلى الجنود حيّى من خلالها “معركتهم ضد قتلة حماس” في 3 نوفمبر، استشهد بسفر التثنية من الكتاب المقدس العبري، قائلاً: “اذكر ما فعله عماليق بك”.

وأضافت أن رئيس الوزراء، على الرغم من أنه بعيد كلّ البعد عن كل الممارسات الدينية، اضطر للاستشهاد بالنصوص الدينية للدفاع عن نفسه من تهمة التحريض على الإبادة الجماعية، رداً على اتهامات جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية.

غطاء إلهي

أوضحت الصحيفة الفرنسية أن استخدام نتنياهو للنصوص الدينية اليهودية يهدف إلى منح هذه الحرب غطاءً إلهيًّا، فإنه لا يشكل رد فعل فحسب على عملية حركة حماس في 7 أكتوبر، لافتة إلى أن السلطات الإسرائيلية اعتادت استخدام هذا الخطاب منذ عدة سنوات، ولكن بشكل أكثر تحفظًا، مستشهدة بالعديد من الأدلة.

وقالت إن شهادة ضابط في لواء مشاة جولاني، ونشرتها منظمة “كسر الصمت”، تضمّنت: “خلال عملية (الرصاص المصبوب) في 2008-2009، أمر الحاخام الأكبر للجيش أفيحاي رونتسكي جنود “جيش الله” بأن يتعاملوا بقسوة مع العدو، في إشارة إلى حروب غزو كنعان، أرض الميعاد.

وفي عام 2014، خلال عملية (الجرف الصامد)، في قطاع غزة أيضًا، أعلن الجنرال عوفر وينتر، قائد لواء المشاة جفعاتي، ما يلي: لقد اختارنا التاريخ رأس حربة في المعركة ضد العدو الإرهابي في غزة الذي يهين ويلعن إله الحروب في إسرائيل”. في ذلك الوقت، تسببت هذه التعليقات الصادرة على لسان جندي رفيع المستوى في فضيحة.

تبرير التعطش للانتقام

قالت الصحيفة إن الخطاب القومي الديني بات أمرًا شائعًا، يحمله وزراء اليمين المتطرف، كما يفعل أعضاء آخرون في الحكومة والنواب المنتمون إلى حزب الليكود، وينتشر أيضًا في أوساط المراتب الأدنى في الجيش، وكذلك في الوحدات القتالية حيث يميل عدد الضباط من الأكاديميات الدينية المُمهدة بدخول الجيش إلى الازدياد.

وأضافت أن القوميين المتطرفين لا يميّزون بين حماس وبقية السكان الفلسطينيين المتهمين بدعمها، وهو مزيج قاتل اُعدّ لدعم رؤية أخلاقية مزعومة، مستشهدة بقول الحاخام الجزائري الأصل، أوري شرقي: “الحرب ليست محاكمة، فنحن لا نقتل عدوًا لأنه مذنب ولا نتركه لأنه بريء. بل هي مواجهة جماعية ضد أخرى، وأمة ضد أخرى”.

وأوضحت أن هذه الأفكار اليمينية المتطرفة تجد صدى في المجتمع الإسرائيلي الذي تأثر على مدى عقود من الزمن بـ”تجريد” الفلسطينيين الذين يرزحون تحت وطأة الاحتلال من إنسانيتهم، كما أشار عالم الاجتماع ياغيل ليفي، الذي يرى أن البعد الديني الممنوح لحرب غزة يخدم تبرير التعطش للانتقام، ويعطي “معنى أسمى لمهمة” المقاتلين.

ربما يعجبك أيضا