ليست بالجديدة.. اتهامات لإسرائيل بسرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين

إسراء عبدالمطلب

ليس بجديد.. تاريخ إسرائيل في سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين


وصلت، أمس الثلاثاء 26 ديسمبر 2023، جثامين عشرات الشهداء الفلسطينيين قتلهم الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية، إلى قطاع غزة، بعد إفراج تل أبيب عنها.

من جهته، اتهم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسرائيل، بسرقة أعضاء من الجثامين، ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، قائلًا: إنه “بعد معاينة الجثامين تبين أن ملامح الشهداء مُتغيرة بشكل كبير، في إشارة واضحة إلى سرقة الاحتلال أعضاء حيوية من أجساد هؤلاء الشهداء”.

جثامين عشرات الشهداء تصل غزة بعد أن احتجزها جيش الاحتلال - الخليج الجديد

سرقة أعضاء الجثامين

حسب بيان المكتب الإعلامي في غزة، اتهم الاحتلال بسرقة قرنيات وأعضاء حيوية أخرى من جثامين الشهداء كالكبد، قبل أن يعيد الجثامين مجددًا إلى القطاع. وكانت وزارة الصحة بغزة، تسلمت الجثامين، عبر معبر كرم أبو سالم (جنوب)، فيما تولت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عملية الدفن في مقابر جماعية.

وندد المكتب الإعلامي في قطاع غزة بـ”امتهان الجيش لكرامة جثامين 80 شهيدًا فلسطينيًا”، لافتًا إلى أن تسليمها تم عبر معبر كرم أبو سالم التجاري جنوبًا، والمشكلة الآن أن هذا الانتهاك الكبير الذي أقدم عليه جيش الاحتلال لم تقف تداعياته عند سرقة الأعضاء وحسب، إذ أن جزءًا كبيرًا من هؤلاء الشهداء مجهول الهوية ومصنف ضمن المفقودين.

تاريخ إسرائيل في سرقة الأعضاء الفلسطينية

تابع المكتب الإعلامي الحكومي أنّ الاحتلال كرر هذه الجريمة (احتجاز جثث شهداء) أكثر من مرّة خلال حرب الإبادة الجماعية، كما قام سابقًا بنبش قبور في جباليا شمالي القطاع وسرق بعض جثامين الشهداء منها، وأفاد بأنّ إسرائيل ما زالت تحتجز “جثامين عشرات الشهداء من غزة”، داعيًا إلى “تشكيل لجنة دولية مستقلة تماماً للتحقيق في اختطاف جيش الاحتلال جثامين الشهداء وسرقة أعضائهم الحيوية”.

وأدان المكتب الإعلامي ما وصفها بـ”المواقف الصامتة للمنظمات الدولية التي تعمل في قطاع غزة، مثل منظمة الصليب الأحمر (اللجنة الدولية للصليب الأحمر) تجاه مثل هذه الجرائم الفظيعة التي يرتكبها جيش الاحتلال”.

قبورًا جماعية

قال مروان الهمص، مدير مستشفى أبو يوسف النجار بمدينة رفح (جنوب)، إن الأمم المتحدة أبلغتهم في وقت مسبق بوصول عدد من الشهداء إلى قطاع غزة، تقدر أعدادهم بنحو 80، مضيفًا: “وصلت جثامين العشرات من الشهداء، داخل حاوية، بعضهم أجسادهم مكتملة والبعض الآخر أشلاء، والبعض تحللت أجزاء من جثامينهم”.

وأضاف الهمص أن الحاوية تنبعث منها رائحة قوية قد تسبب أوبئة في حال تم استخراج هذه الجثامين في منطقة مكتظة بالسكان، ذاكرًا أنه تم نقل الجثامين إلى المقبرة لعدهم وتوثيق هذه الجريمة عبر وزارتي الصحة والعدل. وفي وقت سابق، جهزت وزارة الأوقاف بالتعاون مع بلدية رفح (جنوب)، قبورًا جماعية لدفن هذه الجثامين المحتجزة.

إسرائيل جثامين الشهداء

هذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها فلسطين الاتهام لإسرائيل بسرقة أعضاء الجثامين الفلسطينية قبل إعادتها، وجاء في تقرير صدر أبريل 2022، أن “السلطة الفلسطينية تملك دلائل تؤكد فقدان جثامين، أفرجت عنها السلطات الإسرائيلية بعد عملية احتجاز طويلة، أعضاء من أجسادها، وهذا يؤكد أن إسرائيل تسرق أعضاء جثامين الشهداء الفلسطينيين أثناء فترة الاحتجاز”.

وبحسب التقرير الرسمي، فإن “السلطة الفلسطينية تملك صوراً لقتلى احتجزت إسرائيل جثامينهم لفترات متفاوتة في ثلاجات الموتى، ظهرت عليها خياطات جراحية توحي إلى أنه تم شقها لاستئصال أعضاء”.

إسرائيل تفرض عدم تشريح الجثة

حسب اللجنة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، ووزارة الصحة الفلسطينية، وعائلات القتلى، ومؤسسات حقوق الإنسان العاملة في الأراضي الفلسطينية، ومنظمة “بتسليم” الحقوقية الإسرائيلية، تشترط إسرائيل على عائلة القتيل عدم تشريح الجثة، ودفن الجثمان في الليلة ذاتها التي يتم تسلمه فيها، ويكون ذلك بحضور عدد محدود من أقارب القتيل ويجري تحديدهم مسبقاً.

كما تفرض غرامات مالية على مخالفين تقدر بقيمة 13 ألف دولار أمريكي في حال جرى التشريح، وأكثر من 5 آلاف دولار في حال تأخير عملية الدفن.

إسرائيل تعترف بسرقة الأعضاء

في عام 2015، بعث مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، رسالة إلى رئيس مجلس الأمن، وكان آنذاك سفير بريطانيا ماثيو ريكروفت، كتب فيها، “بعد إعادة الجثث المحتجزة للفلسطينيين الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية، وفي أعقاب الفحص الطبي، تبين أن الجثث أعيدت من دون القرنيات وأعضاء أخرى، إن هذا يؤكد تقارير سابقة عن استئصال أعضاء قتلى فلسطينيين، نرجو منكم التحقيق الفعلي في هذا الملف”.

وبشكل رسمي، اعترفت إسرائيل مرة واحدة عام 2000، في مقابلة أجريت مع متحدث الجيش الإسرائيلي لصالح شبكة “سي أن أن” بأن أطباء فيها تورطوا في عملية استئصال أعضاء من جثامين قتلى فلسطينيين، مع الإشارة إلى أن تلك الممارسات توقفت بشكل نهائي، ولم تعد تتكرر، ومن حينها، تنفي إسرائيل دائماً أنها تقوم في أي أنشطة من هذا النوع، وتؤكد نفيها إلى جميع المنظمات الدولية والأممية. ويقول منسق أنشطتها في الأراضي الفلسطينية غسان عليان، إن ذلك فرية دموية على إسرائيل.

170 مترًا مربعًا من الجلد البشري

رغم نفي إسرائيل الأمر، فإن المسؤول السابق عن الطب التشريحي والقضائي في معهد الطب العدلي الإسرائيلي يهودا هس كشف عن أنه أشرف شخصيًا على انتزاع أعضاء من جثامين قتلى فلسطينيين، وبخاصة قرنية العين وأجزاء من الجلد، وكذلك، قالت مديرة بنك “الجلد الإسرائيلي” ملكا شاؤت في مقابلة صحفية مع القناة الثانية العبرية، إن نسبة المتبرعين الإسرائيليين بأعضائهم تعد قليلة جدًا، في وقت تملك تل أبيب 170 مترًا مربعًا من الجلد البشري، ويعد أكبر بنك في العالم، تاركة السؤال مفتوحًا حول مصدر هذه الكميات.

ولكن النفي الإسرائيلي، والغموض في تقديم معلومات، دفع مديرة مركز الدفاع عن الفرد في إسرائيل (منظمة حقوقية غير حكومية) داليا كرشطاين، إلى اتهام المؤسسات الإسرائيلية بالانغلاق والتعامل بإهمال بكل ما يتعلق مع ملف جثامين الفلسطينيين، بخاصة المؤسسات الرسمية. وقالت إن الجيش والتأمين الوطني ومعهد الطب الجنائي، جميعهم يمتنعون عن توفير المعلومات اللازمة حول الملف.

ربما يعجبك أيضا