مؤتمر شركاء السودان.. فرصة لضخ الدماء في شرايين الاقتصاد “المنهك”

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

وسط ظروف اقتصادية صعبة، تتجه الأنظار اليوم الخميس صوب العاصمة الألمانية برلين، حيث تستضيف مؤتمر شركاء السودان، والذي يسعى إلى حشد الدعم الدولي لمساعدة الخرطوم على تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

وتعوّل الحكومة السودانية على نجاح المؤتمر في تأسيس شراكات قوية وضخ استثمارات أجنبية في شرايين الاقتصاد السوداني المنهك والسماح للبلاد بالتعامل مع المؤسسات المالية الدولية.

اهتمام دولي رفيع المســـــــتوى

ويحظي المؤتمر والمنعقد عبر تقنية الفيديو كونفرنس، باهتمام دولي رفيع المستوى بمشاركة أكثر من 40 دولة ومنظمة عالمية، حيث تشارك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومجموعة من الدول الأفريقية والعربية، وأعضاء مجلس التعاون الخليجي، والصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا.

كما يشارك فيه كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، ووزير الخارجية الألماني هايكو ماس، والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل.

إضافة إلى مشاركة أعضاء مجموعة العشرين، والمنظمات الإقليمية متعددة الأطراف، مثل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية “إيغاد”، والمؤسسات المالية الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

ومن الجانب السوداني سيحضر رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني إبراهيم البدوي، ووزيرة العمل والتنمية الاجتماعية لينا الشيخ.

خلق شراكة حقيقيـــــة مع العالم

ويركز مؤتمر شركاء السودان على الإصلاحات الاقتصادية، وبرنامج دعم الأسر، والاستجابة لجائحة فيروس كورونا، وتخفيف الأثر الاجتماعي لها.

كما يسلط الضوء على الدعم السياسي والاقتصادي لانتقال السودان نحو الديمقراطية، حيثُ تسعى حكومة الفترة الانتقالية لخلق شراكة حقيقية مع العالم، لتحقيق السلام والإصلاح الاقتصادي وإعادة تأهيل البني التحتية ومشاريع الإنتاج وبرامج إعادة الإعمار.

سفيرا الاتحاد الأوروبي وألمانيا أبديا تفاؤلهما الكبير حيال ما سيسفر عنه المؤتمر من مخرجات، وعبّرا عن اعتقادهما بأنه سيوفر دعما سياسيا وماليا للسودان وسيعمل على إعادة دمجه في المؤسسات المالية الدولية.

تحديات متعددة تواجه الســودان

رئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك أكد أن المؤتمر يأتي في ظل تحديات متعددة تواجهها البلاد، معربًا عن أمله أن يعالج المؤتمر تلك التحديات ويدعم الإطار العام لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للحكومة.

ورهن مراقبون نجاح مخرجات المؤتمر بترتيب البيت الداخلي وتحقيق السلام الشامل والقضاء على بؤر الفساد ووضع خطة تنموية واستثمارية متوازنة.

وشهد السودان خلال حكم البشير، تدهورا اقتصاديا، برزت ملامحه في ارتفاع الديون الخارجية لأكثر من 60 مليار دولار، واتساع رقعة الفساد، مما جعل السودان ضمن أكثر 3 بلدان فسادا في العالم ، وفق مؤشر الشفافية الدولية.

تدابير اقتصاديــة فاعلة وواقعية

القيادي في قوى الحرية والتغيير عادل خلف الله، شدد على أهمية إصلاح البيت الداخلي واتخاذ إجراءات وتدابير اقتصادية فاعلة وواقعية تسهم في التوظيف الصحيح للموارد المتنوعة التي يزخر بها الاقتصاد السوداني.

ويرى أن نجاح أي تعاون تنموي أو استثماري، متوقف على ضرورة الإسراع في إصلاح الخلل الهيكلي الذي يعانيه الاقتصاد السوداني، والقضاء على العجز التجاري من خلال تهيئة البيئة المناسبة لزيادة الصادرات ذات القيمة المضافة، وكبح جماح التضخم الذي وصلت معدلاته إلى نحو 110 بالمئة.

كما يجب أن تشمل أطر التعاون المساعدة في تخفيف أعباء الديون وإعادة تأهيل البنية التحتية ودعم وبناء السلام وإعادة بناء مؤسسات القطاع العام والشروع في تكوين شركات مساهمة عامة، وهيكلة القطاع المصرفي.

وأبدى خلف الله قلقه من أن تتحول مثل هذه المؤتمرات إلى مجرد شكل من أشكال العلاقات العامة، مشددا على ضرورة توفر إرادة حقيقية سواء من قبل البلدان المانحة أو الحكومة السودانية، بحيث تتحول العملية برمتها إلى شراكة استثمارية إنمائية حقيقية.

مرحلة اقتصادية جديدة للسودان

خبراء الاقتصاد يأملون أن يؤسس مؤتمر المانحين لمرحلة اقتصادية جديدة للسودان، إذا ما نجح في وضع أسس شراكة مثمرة، بدلا من أن يكون مجرد مؤتمر لتقديم العون المادي أو السلعي أو الخدمي المحدود.

واعتبروا أن مسألة إعفاء السودان من الديون من الجوانب المهمة التي تحتاج إلى دعم المجتمع الدولي، مشيرين إلى ضرورة تخطي العقبة الرئيسية المتمثلة في إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، التي حرمته الكثير من الفرص.

من جهته شدد الخبير الاقتصادي شوقي حسنين على أهمية الاستفادة من موارد السودان الزراعية والطبيعية في تحقيق النمو وجذب الاستثمارات الخارجية وفقا لأطر شراكة إنتاجية مفيدة.

بدوره اعتبر الخبير الاقتصادي عادل عبد العزيز المؤتمر بمثابة بارقة أمل للسودانيين، قائلا إن الدعم الدولي سيساعد السودان على الاستقرار، وبالتالي لعب دور فاعل في الحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي من خلال موقعه الجيوسياسيى المهم.

ويرى أن المستثمرين ومكونات المجتمع الدولي يمكن أن يستفيدوا من الميزات التفصيلية التي يتمتع بها السودان فى توفير الأمن الغذائي بشقيه الزراعى والحيواني، ولعب دور أكبر في تسهيل التجارة الدولية.

ربما يعجبك أيضا