مائدة حب ومودة.. مائدة رحمن تاريخية في ضيافة المطرية

شيرين صبحي

بكواليس دافئة استعدت المطرية لأكبر حفل إفطار جماعي.. إليك التفاصيل.


من رمضان إلى رمضان يستعد أهالي عزبة حمادة بالمطرية بتجميع النقود استعدادًا ليوم الإفطار الجماعي، الذي صار لديهم عيدًا.

على أطول مائدة إفطار في مصر، وفي يوم النصف من رمضان، يجتمع الرجال والنساء والأطفال، ويحضر الجميع من عامل النظافة، إلى عضو مجلس النواب، يجلسون وكأنهم عائلة واحدة. مع صوت الأذان، تتعالى أصوات الفرحة وترتفع الألعاب النارية في السماء، بينما تمسك أيادي الكثيرين من الكبار والصغار، بالبالونات والأعلام.

اشتياق بعد غياب عامين

 

987

محمد مفتاح أحد الشباب المنظمين

 

قبل منتصف الشهر بيومين يبدأ الشباب في دهان المنازل وكتابة كلمات تعبر عن فرحتهم منها “عقبال كل سنة”، “8 سنين ومكملين”، إضافة إلى الرسومات المبهجة.

انقطاع هذا الإفطار العامين الماضيين بسبب كورونا كان صعبًا جدًّا على أهالي المنطقة الذين اعتادوا على تنظيم هذا الحدث لمدة 8 سنوات. يقول محمد مفتاح أحد الشباب المنظمين: “كان لدينا اشتياق كبير لهذه الأجواء. نبيت قبلها بيومين في الشارع، نشكل فريق عمل وننظم اجتماعات لتحديد دور كل منا”.

كيف بدأت الفكرة؟

 

276166519 1607753066265732 5404621685608430580 n

عدسة زياد أحمد

يضيف مفتاح، لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “لدينا منظمين للترابيزات، وطيارين لتنزيل الوجبات، ومسئولين عن الميديا، وشيفات، ومسؤولين عن الزينة، وغيرهم”. بدأت الفكرة بمجموعة من الشباب نظموا إفطارًا جماعيًّا، في العام التالي بدأ كل منهم يعزم بعض أهاليهم وأصدقاء آخرين، حتى اتسعت الفكرة وصار إفطارًا للعزبة بأكملها.

ما يقرب من 4 آلاف شخص، اجتمعوا حول أطول مائدة رحمن في مصر، نظمتها عزبة حماده في المطرية. لم يجتمع الفقراء فقط، بل الأغنياء والفقراء، المسلمون والمسيحيون. يوضح مفتاح: “جهزنا أكثر من 3.5 ألف وجبة لم تكف العدد الكبير، نحن الشباب لم نفطر إلا في التاسعة مساءً بعد انتهاء الإفطار”.

الراحلون يشاركون بأرواحهم

أول يوم في رمضان يعلق الشباب زينة موحدة، وقبل الإفطار بيومين يطبعون صورًا لرمضان، ويجهزون “بنرات” لمن كانوا معهم في الأعوام الماضية وتوفاهم الله، لفتة وفاء تقول أنهم لا يزالون يسكنون القلوب. كذلك يطبعون تيشرتات موحدة مكتوب عليها “15 رمضان”، للشباب المنظمين.

يقول مفتاح: “القرية كلها تعمل، كل شقة نجهز لها شنطة فيها الخضار والزيت والسمن والأرز وكل الطلبات، وتعدها الأمهات والبنات في المنازل، ويضعون تيكت على الأواني، حتى يفرقون بينها”.

اللي سمع غير اللي جرب

 

278260027 1607753789598993 1301610274160856313 n

صورة من الإفطار بعدسة زياد أحمد

 

قال مفتاح: “اشترينا 130 كيلو أرز، و300 فرخة، وذبحنا عجلًا”، وتابع: “اللي سمع غير اللي شاف وجرب، ورأى الإضاءة والبهجة وسمع أصوات الضحكات. نجهز أعمدة بلالين في كل الشوارع، وأعطينا بلالين للأهالي حتى يلقونها من البلكونات والنوافذ وقت الإفطار، لتبدو الأجواء مثل الكرنفال”.

وأوضح أن الشباب يفرشون الترابيزات في الساعة الرابعة، وفي الخامسة “نجهز الوجبات ليبقى الطعام ساخنًا”. الناس تأتي من كل مكان، أشخاص لا نعرفهم يأتون ليشهدوا هذا اليوم الذي يسمعون عنه. “لم نسمع صوت الأذان من كتر الهيصة، والصواريخ والشماريخ التي أطلقناها”. وبين أنه علي قدر تعب اليوم والأيام التي تسبقه، لكن فرحة الناس بالدنيا.

الخير أنهار

 

278412668 1607752836265755 5041711318142047335 n

صورة بعدسة زياد أحمد

 

يستعين المنظمون بعدد من الطهاة من العزبة نفسها، يجهزون الطواجن واللحوم والفراخ والحلويات. وتساهم كل أسرة بما تستطيع، فهناك من يساهم بالمال، وآخر بإعداد الطعام، وترسل أسرة أخرى المشروبات، ويعهد إلى غيرها بالحلويات، فيكون للجميع بصمته الخاصة.

حالة من البهجة التي أحدثتها المطرية، كانت حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي، والصحف، في مشهد تكاتف فيه جميع الشباب لتقديم أشهى الأطباق على الإفطار.

عظمة وطيبة

 

278567562 1607752989599073 7663009444820632313 n

عدسة زياد أحمد

 

“الحدث من المشاهد التي تبهر العالم الذي يرى تلاحم كل فئات الشعب لإخراج تلك العظمة والطيبة، وإصلاح ما تفسده بعض الأعمال الدرامية التي تسيء إلى المناطق الشعبية وتظهرها على أنها وكر للبلطجة”، وفقًا للمصور محمد ورداني في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية” عن مائدة مليئة بالحب والمودة.

أوضح الشيف أحمد أكرم، لصفحة “أكلة عدنان“: “قبل رمضان بشهرين أو 3 نشتري الزيوت والسمنة والأرز والتوابل، وكل الأشياء التي لن تفسد.. نحن خلية، الجميع يعملون لكي يخرج اليوم بهذا الشكل. بعد انتهاء اليوم نتعرف على التعليقات بشأنه حتى نتفاداها العام المقبل. بعضنا يكتب كلنا نشتغل محبة. لو هنعمل محاشي، نصف البيوت تقور، والنصف الآخر يقوم بالحشي”.

بمجرد أن ينتهي الضيوف من طعامهم يمر الشباب على الموائد، يلتقطون الأطباق التي لم يلمسها أو يفتحها أحد، ويرسلونها إلى البيوت الفقيرة في العزبة.

 

278369336 5085204111546311 3769427215220409992 n

صورة بعدسة بلال أحمد

276154785 1607752399599132 7362436377265213807 n

ربما يعجبك أيضا