ماذا بعد التحالف بين واشنطن والأوروبيين.. هل يتم استخدام «آلية الزناد» ضد طهران؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

تقود واشنطن مهمة توحيد حلفائها الأوروبيين في مواجهة إيران؛ للضغط عليها والانتهاء من سياسة المماطلة التي تتبعها في العودة إلى طاولة المفاوضات النووية في فيينا، التي توقفت يوم 20 يونيو (حزيران) الماضي، بعد 6 جولات من المحادثات، ولم تحدد إيران بعد موعدا للجولة المقبلة.

فقد قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأحد الماضي 31 أكتوبر (تشرين الأول)، إن الولايات المتحدة “على اتفاق” مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا بشأن إعادة إيران إلى الاتفاق النووي. وأضاف أنه من غير الواضح ما إذا كانت طهران مستعدة للعودة إلى المحادثات “بطريقة مجدية” أم لا.

وتشترط إيران من أجل هذه العودة، أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية برفع العقوبات أو على الأقل تحرير جزء من أرصدتها المجمدة في الخارج. فقد قال سعيد خطيب زاده، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: “يمكن أن يتم التوصل سريعاً إلى اتفاق حول كيفية عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي ورفع كافة العقوبات بشكل مؤثر”، إذا رفعت الولايات المتحدة “عقوبات ترامب”.

كما قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إن التوصل إلى اتفاق يحتاج فقط أن يوقع جو بايدن على أمر تنفيذي برفع العقوبات.

وكان مسؤولون دبلوماسيون في إيران قد قالوا مؤخرًا إن طهران ستعود للمحادثات قبل نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، ردًا على الانتقادات الدولية لتأجيل العودة للمحادثات النووية.

ومع تنامي المخاوف بشأن برنامج إيران النووي، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن أولوية واشنطن هي الحد من برنامج طهران النووي من خلال إحياء الاتفاق النووي.

البحث عن ضمانة

وتريد طهران الحصول على ضمانة على عدم تكرار واشنطن الخروج من الاتفاق النووي، إذا ما عادت إليه؛ فقد انتقد عبد اللهيان، العقوبات الأميركية الجديدة الأخيرة على إيران، وسلوك الأميركيين، وقال: “نحن ندرس سلوك جو بايدن بعناية”، فيما وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، العقوبات الجديدة بأنها “خطوة مرفوضة”.

وتعليقًا على تغريدة المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، التي تفيد بأن “جو بايدن يجب أن يقنع المجتمع الدولي بأن لتوقيعه قيمة”، قال السناتور الجمهوري تيد كروز: في المستقبل، فإن أي رئيس جمهوري يأتي في أمريكا “سيمزّق” الاتفاقات مع إيران إن لم يوافق عليها الكونجرس.

وتعليقًا على تصريحات السناتور تيد كروز حول عدم وجود سلطة لجو بايدن في الاتفاق النووي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: “إن من مسؤولية الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يقنع المجتمع الدولي بأن توقيعه له معنى في الواقع. إن هذا الأمر يستلزم ضمانات عينية، لا أحد يقبل بأقل من هذا الأمر”.

مخاوف من التحالف الأوروبي

أصدر قادة الولايات المتحدة وثلاث دول أوروبية بيانات مشتركة أكدوا فيها عزمهم على ضمان عدم امتلاك إيران لسلاح نووي. وهذا التحالف هو نتاج جهود أمريكية، ما جعل الخبراء في الداخل الإيراني يقلقون من احتمالية ضياع فرص بلادهم في التفاوض مع الغرب، وبالتالي وجهوا الانتقادات لحكومة الرئيس الحالي، إبراهيم رئيسي. خاصة أن الحديث الآن أصبح يدور حول وجود الاتفاق النووي من عدمه، حيث بات الكثيرون يعتقدون بأن الاتفاق النووي الإيراني قد وصل إلى نهاية مطافه، بسبب اشتراط إيران جني الثمار قبل عملية التفاوض.

وقد حذر الدبلوماسي السابق، سيد جلال ساداتيان، في مقابلة مع صحيفة “آرمان ملي” من مغبة حصول تقارب واتفاق بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية حيال إيران، وأكد وجود أدلة على هذا التقارب بين الأطراف الغربية، وهو ما ينذر باحتمالية إقدام هذه الدول على “الخطة باء” وتفعيل “آلية الزناد”.

كما أشار ساداتيان إلى تغيير الموقف الروسي من إيران في قضية الملف النووي، وقال في هذا الخصوص: “نعم لقد تغيير الموقف الروسي منذ زمن ليس بالقريب”، مشيرا إلى خلافات إيران وروسيا في سوريا، حيث تطالب موسكو طهران بالانسحاب من سوريا وتتهم إيران بأنها تفتعل الحروب والأزمات في المنطقة، وتؤكد أنها لن تكون الحامل لأعباء السياسات الإيرانية.

كما رأى المحلل السياسي، مهدي مطهرنيا، أن الاتفاق النووي بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية أصبح لا معنى له في أرض الواقع، موضحا أن واشنطن كانت تريد من الاتفاق النووي تحجيم نفوذ إيران وإعادتها إلى دولة عادية، مضيفا أن الحكومة الإيرانية الحالية تواجه حالة من التردد وعدم الجزم في ملف الاتفاق النووي، لأنها بين خيارين: فإما العودة إلى الاتفاق الذي طالما انتقدت الإصلاحيين من أجله، وإلا فعليها التوصل إلى اتفاق يكون أفضل بكثير من الاتفاق السابق، وهو ما لا ضمان في الحصول عليه.

وذكر مطهرنيا أن إيران تمر في ظرف خطير وأكد أن اتخاذ “قرار كبير” أمر لابد منه نظرا إلى ظرف طهران وواقعها، مضيفا: “الظرف الآن خطير من كل النواحي واتخاذ القرار يكون كل لحظة أصعب وأكثر كلفة من اللحظة التي تسبقها”.

خلافات مع موسكو

كما أن الخلافات بين طهران وموسكو، أو الأهداف الروسية من وراء نجاح أو فشل الإتفاق النووي؛ باتت تقلق المراقبين داخل إيران.

فقد ذكرت صحيفة “ابتكار” وجود ثلاثة أبعاد للخلاف بين إيران وروسيا، الأول: يعود إلى تعلل إيران في العودة إلى الاتفاق النووي، ودعوة روسيا بشكل مكرر لإيران لكي تعود إلى المفاوضات، لكنها حتى الآن لم تحصل على رد من جانب طهران سوى تسويف وزير الخارجية الذي علق عليه مندوب روسيا في المحافل الدولية بالقول: “هل يعرف أحد ما معنى كلمة “سوف” في الواقع العملي؟”.

أما السبب الثاني للخلاف هو المحادثات التي تجريها إيران مع الدول الأوروبية، وهو ما تعتبره روسيا التفافا من جانب طهران على باقي أطراف الاتفاق النووي بما فيها روسيا.

وثالث أشكال الخلاف بين طهران وموسكو، حسب صحيفة “ابتكار”، يتمثل في موقف إيران الداعي إلى إعادة النظر في المفاوضات السابقة، وهو ما ترفضه روسيا وتؤكد على حصول نتائج في المفاوضات السابقة ويجب البناء عليها في المفاوضات القادمة.

ورغم الخلافات مع روسيا؛ إلا أن لها دور مهم في مساندة إيران في مجلس الأمن؛ بسبب امتلاكها حق النقض “الفيتو”.

آلية الزناد

وآلية الزناد “سناباك” هي آلية وردت في قرار مجلس الأمن رقم 2231، والذي بموجبه يتم رفع العقوبات الاقتصادية الشديدة التي كانت مفروضة على إيران.

وكان القرار صدر في أعقاب التوصل إلى الاتفاق النووي بين القوى الكبرى وإيران عام 2015.

وتتيح هذه الآلية لأي من الدول الأعضاء دائمة العضوية في مجلس الأمن التي وقعت الاتفاق النووي، أن تلجأ إليها لإعادة فرض العقوبات في حال انتهاك طهران التعهدات المنصوص عليها.

والآن يمكن للولايات المتحدة الأمريكية الاستفادة من حلفائها الأوروبيين في تفعيل آلية الزناد؛ إذا ادعت طهران من قبل، أن واشنطن لا يحق لها فعل ذلك بنفسها؛ لأنها اصبحت خارج الإتفاق النووي بخروجها منه في عهد “ترامب”.

ويمكن للولايات المتحدة إطلاق آلية الزناد بطريقتين! الأولى من خلال قوانين الاتفاق النووي نفسه، والثانية من خلال مجلس الأمن والقرار 2231.

ويسمح القرار 2231 لأي ​​من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة والصين وروسيا، بتفعيل آلية الزناد.

ونظرا إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت رسميا أن إيران غير ملتزمة بالاتفاق النووي تريد الولايات المتحدة بهذه الحجة تنشيط آلية الزناد!

وبالطبع ، يمكن للصين وروسيا المعارضة ، ولكن بموجب القانون، فإن أمريكا ، بإمكانها استخدام حق النقض ضد الآراء المخالفة!.

بعد ذلك يجب على الصين وروسيا إثبات أن القرار له أساس إجرائي ولا يمكن استخدام حق النقض ضد الرأي المعارض، والذي من غير المرجح أن يثبت مثل هذا الشيء.

ربما يعجبك أيضا