ماذا بعد فض رابعة؟.. عنف الإخوان يستمر وميلاد أمراء الدم

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

منذ نجاح الأمن المصري في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، جاء الفض بداية جديدة لميلاد عنف إخواني وإرهابي آخر، وتفريخ جماعات وميلاد شخصيات اتخذت من العنف والقتل طريقًا ومن الدم سبيلًا لعودة شرعية الإخوان المزعومة، ونشر الرعب والتدمير والإرهاب هدفًا لإرعاب المصريين ومحاولة هدم مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء لعودة محمد مرسي للحكم بالقوة، ضد رغبة ملايين المصريين التي كانت واضحة في مظاهرات الـ30 من يونيو 2013.

أرض رابعة، لم تكن مجرد التقاء للإخوان وتابعيهم بل خرج منها عناصر كثيرة رأت في العنف الطريق الأصوب لإكمال مشوار الحكم بالدم وولاية المرشد الإخواني، ومن العناصر التي استسلمت لفكر القتل وهيمن عليها تفكير إسقاط الدولة عقابًا على رفض حكم الإخوان، على سبيل المثال لا الحصر، يحيى موسى وأبوعبيدة الطوخي والضابط السابق بالأمن المركزي المصري حنفي جمال والضابط محمد السيد الباكوتشي وآخرون.

الدور الذي لعبته شخصيات أمنت بالعنف وطريق الدم للحكم بالقوة، جعل الدراما المصرية تركز في واحد من أحدث مسلسلاتها (الاختيار2) الذي تبثه قنوات مصرية في شهر رمضان الجاري، على أدوار لعبتها قيادات الدم والإرهاب التي خرجت من رابعة لتحدث دمارا وإرهابا شهد له العالم بالجبن والخسة ودفع ثمنه أبرياء.

من بين تلك القيادات الإرهابية المصرية دور القيادي بجماعة بيت المقدس (محمد علي عفيفي بدوي ناصف) في صناعة العديد من الأحداث الإرهابية التي جرت في مصر عقب فض اعتصام رابعة، خاصة تخطيطه لاغتيال المقدم محمد مبروك بجهاز الأمن الوطني، وتوليه قيادة التنظيم في منطقته المركزية بالقاهرة، عقب مقتل رئيسه “أبوعبيدة” محمد السيد منصور حسن إبراهيم الطوخي، وذلك في العام 2014.

مفرخة الإرهاب

هناك شخصيات إخوانية جرى الدفع بها عبر تكليف من قيادة جماعة الإخوان عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة لتشكيل لجان وخلايا عنف مسلحة بهدف الثأر لإسقاط حكم الجماعة والضغط العنيف لإعادة محمد مرسي بالقوة ولذلك جرى تشكيل ما عرف باللجان النوعية.

يقول الكاتب الصحفي بالأهرام والمتخصص في شؤون الإرهاب هشام النجار في تصريحات خاصة لـ”رؤية” إن هيكل الإدارة الجديدة تزود بقيادات متحمسة لهذا التوجه منهم محمد كمال ويحيى موسى وغيرهما وهو ما نتج عنه تأسيس ما يشبه النظام الخاص الجديد للإخوان الذي بلغ ذروة نشاطه المسلح بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٧.

وأضاف هشام النجار أنه في نفس السياق فتحت جماعة الإخوان طرق التواصل والتعاون مع تنظيمات السلفية الجهادية الناشطة على الساحة ومنح تنظيم اعتصامي رابعة والنهضة هذه الجماعات الفرصة لتشكيل العديد من الكيانات والخلايا المسلحة النوعية التي ارتكبت خلال هذه الفترة العديد من العمليات الإرهابية الكبرى بين تفجيرات واغتيالات وبرزت أسماء عديدة في هذا الإطار منهم هشام عشماوي وحنفي جمال وأبوعبيدة الطوخي وهمام عطية وغيرهم.

يحيى موسى

يعد يحيى السيد إبراهيم موسى، مسؤول إدارة الكيان المسلح في الجماعة الإرهابية، ومطلوب لدى الإنتربول، حيث أنه محكوم عليه في العديد من القضايا الإرهابية وأدرج بقوائم الإرهاب بعد الحكم عليه بالمؤبد في محاولة اغتيال اللواء مصطفى النمر، واغتيال اثنين من طاقم حراسته، وهي خطوة مهمة لملاحقة الإرهابي المصري الأشهر، والمتورط في العديد من الأعمال التخريبية بمصر، وتورط يحيى موسى- المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة في عهد حكم محمد مرسي- في الإشراف على خطة اغتيال النائب العام الراحل المستشار هشام بركات.

ويعتبر يحيى موسى، المتورط الرئيسي في استهداف الكنيسة البطرسية بالكاتدرائية عن طريق إعداد الانتحاري محمود شفيق، فضلًا عن الإشراف على استهداف كنيستي طنطا والإسكندرية، ليكون السبب في سقوط العشرات من الضحايا في الحوادث الإرهابية الثلاثة.

نسق يحيى أبوموسى مع عناصر حركة إرهابية من خلال إعادة تشكيل مجموعات مسلحة عنقودية من العناصر الإخوانية المتحركة على الساحة الداخلية وإعدادهم نفسيًا وعسكريًا لتصعيد العمل المسلح واغتيال بعض رموز الدولة المصرية واستهداف مؤسساتها الحيوية بعمليات تفجيرية، وذلك على فترات متباعدة، بهدف إحداث حالة من الفوضى وإنهاك الدولة اقتصاديًا.

ويتحرك يحيى موسى ما بين أنقرة وإسطنبول بعد هروبه إلى تركيا عقب ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان في مصر، حيث أنه مطلوب في العديد من القضايا المتعلقة بالتحريض على العنف والتظاهر ومهاجمة مؤسسات الدولة.

elbashayer 2021 04 17 897922 1024x570 1

حنفي جمال

ضابط عمليات خاصة سابق قبل فصله من وزارة الداخلية المصرية، وخطط لاغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسي، كان ضابط شرطة دفعة 2012 من محافظة سوهاج مركز مراغة ونجل مستشار سابق، حنفي جمال، كان من الضباط الذين يشهد لهم بالانضباط وشارك في فض اعتصام رابعة، وأدي عمله بقوة وكان قريب من الموقع الذي استشهد فيه اثنان من زملائه الضباط، هما محمد جودة ومحمد سمير.

وكان دائمًا يدافع عن فض رابعة وكانوا يقول لمن يجادله: “أنت ماشُفتش الملازم محمد سمير وهو بيموت.. إحنا شفناه.. مات قدام عينينا والإخوان كانوا مسلحين ومعاهم عناصر بأسلحة ثقيلة”. كما شارك في المهام الخاصة وكثير من عمليات ضبط القيادات والعناصر الإخوانية، وكان ضمن قطاع سلامة عبدالرؤوف للأمن المركزي، وكأن الحارس الشخصي لقائد قطاع الأمن المركزي. كان أحدث ظهور لحنفي، وهو بلحية طويلة، في إصدار لمبايعة تنظيم داعش الإرهابي في مارس الماضي، بعدما اختفى رفقة زملاء له قبل حادث الهجوم على سيارة تقل رجال الشرطة في حلوان، في مايو 2016، وتبنى تنظيم «داعش مصر»، بزعامة الإرهابي عمرو سعد، الهجوم حينها.

وعاد اسم الضابط المفصول للظهور بعدما أعلن النائب العام تورطه، إلى جانب عدد من الضباط المفصولين الآخرين، في محاولة اغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسي. وكانت وزارة الداخلية قد قررت فصل جمال وزملاء له على خلفية ظهور أفكارهم المتشددة، ورفضهم تنفيذ بعض الأوامر.

ووفقًا لبيان النائب العام في نوفمبر 2016، فإن أحد الضباط المتهمين في محاولة اغتيال السيسي اعترف خلال التحقيقات بتقديمه معلومات لقيادات تنظيم الإخوان الإرهابي بموعد فض اعتصام رابعة نظرًا لمشاركته في العملية.

والضابط حنفي جمال شارك في التخطيط لاستهداف وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، واللواء مدحت المنشاوي مساعد وزير الداخلية السابق للأمن المركزي، خلال اجتماعهما بضباط الأمن المركزي، مستغلًا وظيفته كأحد أطقم الحراسة آنذاك.

ووفقًا لتحقيقات النيابة العسكرية في القضية رقم 148 لسنة 2017 عسكرية، المعروفة إعلاميًا بـ«محاولة اغتيال السيسي»، تبين تأسيس رائد شرطة سابق، يدعى محمد السيد الباكوتشي، خلية إرهابية ضمت إلى جانبه 5 ضباط شرطة سابقين، بينهم حنفي جمال، ومدنيين اثنين، للتخطيط لاغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسي وعدد من قيادات الداخلية، قبل أن يلقى مصرعه في حادث سير.

2019 2 4 16 30 6 795

فكرة للمواجهة

يرى الكاتب الصحفي المتخصص في شؤون الإرهاب والجماعات المسلحة ماهر فرغلي، أن جماعة الإخوان تشيع أنهم فكرة والفكرة لا تموت ويزرعون ذلك في عقول أعضائهم منذ الطفولة ويعتمدون على عاملين، الوقت والنسيان.

وقال ماهر فرغلي في تدوينة له عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: من الضروري والحتمي محاربة الفكر بالفكر بجانب المحاربة الأمنية، والحل الأمني حل لليوم ولكن الحل الفكري للمستقبل وممكن يساعد على الحل الأمني لو جففنا المنابع التي تساعد على تغذية التطرف منذ الطفولة، وهو أمر ضروري وحتمي من مرحلة خامسة وسادسة ابتدائي أن ندرس للأطفال في مادة الدين، لماذا يجب ألا يوجد جماعات وفرق في الدين؟

وتابع قائلًا: نستدل بالأحاديث وبواقع الإخوان الذي تفرق إلى أكثر من جماعة وصولًا للدواعش وما اقترفوه في حق الإسلام، وكذلك في مادة التربية الوطنية يتم تدريس تاريخ الإخوان وجرائمهم على مر تاريخهم الأسود، وبهذا يكون هناك حائط صد لأبنائنا من الوقوع مستقبلًا في فخهم لأن ما يزرع في هذا السن يبقى.

الحديث طويل ولا تسعفنا سطور أو كلمات في الحديث عن فض رابعة وما حدث بعدها من ميلاد لأمراء الدم الذين تفرقوا كل في طريق القتل، منهم من لجأ لأنصار بيت المقدس والتقى توفيق فريج زعيم أنصار بيت المقدس عام 2013 مثل أبوعبيدة الطوخي وتولى عمليات التنظيم الدموي في الدلتا والقاهرة وتسبب في تفجيرات مديريتي أمن الدقهلية والقاهرة، ومنهم من عمل مدربًا ومخططًا لعمليات تنظيم ما يسمى بـ”ولاية سيناء” الموالي لداعش مثل الضابطين المفصولين حنفي جمال وخيرت السبكي ومنهم من اتخذ طريق العنف مع الإخوان مثل يحيى موسى ومحمد الباكوتشي.

ربما يعجبك أيضا