ماذا تخبرنا حروب الماضي عن أفق الحرب الروسية الأوكرانية؟

علاء بريك

الحرب مأساة إنسانية كبيرة فيها تُزهَق الأرواح وتُرتَكبُ الفظائع ويروَّع الآمنين وتدمَّر ثروات الأمة ونسيجها الاجتماعي، لكنَّها لا بد تنتهي مهما طال أمدها واشتد أوارها.

شهد التاريخ الإنساني عددًا كبيرًا من الحروب، ووثَّق الباحثون العديد منها وأشبعوها درسًا واستخلصوا منها عديد النتائج والدروس. فماذا يقول لنا تاريخ الحروب بصدد الحرب الروسية الحالية؟ وما أفق حلها؟

الحرب والبيانات

في مقالة منشورة على موقع مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، يذهب الباحث في برنامج الأمن القومي بنيامين جِنسِن إلى استقصاء تاريخ الحرب منذ العام 1946 إلى اليوم في محاولة للعثور على إجابة عن سؤال كيف للحرب الروسية الأوكرانية أن تنتهي.

بالرجوع إلى بيانات الحروب، وجد جِنسِن أنَّ 26% من الحروب بين الدول انتهت في أقل من 30 يومًا، و25% منها في أقل من سنة، ومن بين الحروب التي استمرت شهرًا واحدًا، انتهى 44% منها بوقف إطلاق نار أو اتفاقية سلام، أما التي استمرت أكثر من شهر وأقل من سنة، فانتهى 24% منها بوقف إطلاق نار. أما في حال تجاوز مدة الحرب لسنة، فإنها تمتد بالمتوسط إلى عقدٍ من الزمان.

روسيا والحرب

فيما يتعلق بالتاريخ الحربي لروسيا، فإنّ لها تاريخًا من الحروب العقابية استمرت في الغالب بين يومين و3 أشهر، منها حرب شتاء 1939 بين الاتحاد السوفييتي وفنلندا والدخول إلى هنغاريا عام 1956 وحرب اليومين إبان ربيع براغ 1968، وحربها مع جورجيا في 2008 التي استمرت 13 يومًا، وأزمة القرم 2014 التي استمرت حربها لأكثر من شهر.

ويشير جِنسِن إلى أنَّ لكل تلك الحروب طابعها الفريد، بيد أنَّها تقدِّم لنا صورة مأساوية عن لجوء روسيا إلى العنف بغية الحصول على التنازلات أو فرض إرادتها، موضحًا أنَّ الغزو الشامل ليس النمط الغالب في تاريخ الحروب بعد الحرب العالمية الثانية، فالنمط الأبرز بعد هذا التاريخ هو الحروب بالوكالة والتمردات والعصيانات الداخلية.

أفق الحل

على هذا الأساس، يخلُص جِنسِن إلى أنَّه في الوقت الحالي لا تزال ثمّة فرصة لإنهاء العنف في أوكرانيا عبر ممارسة الولايات المتحدة لدورٍ دبلوماسي وتقديمٍ عرضٍ لموسكو يغريها بالموافقة على وقف إطلاق النار وتجنب مأساة أكبر، لأنّ القيادة الروسية قد يأخذها جنون العظمة وتفقد رشدها.

بناءً على استطلاع البيانات، يقول جِنسِن إنَّ الحروب المشابهة لحرب روسيا اليوم تميل إلى التسبب بمقتل 25 ألف من الجنود وعددٍ أكبر بكثير من المدنيين وترك آثارٍ مأساوية وخلق أوضاع إنسانية معقدة. وعلى الرغم من شجاعة الشعب الأوكراني، فالعواقب خطيرة جدًا وسوف تتفاقم أزمة اللاجئين ويقضي العديد من المدنيين لو طال أمد الحرب.

ربما يعجبك أيضا