ماذا تعني صفقات الأسلحة الروسية الإيرانية بالنسبة للشرق الأوسط؟

شروق صبري
روسيا

هل يمكن لأسلحة موسكو أن تخرب روح المصالحة التي تنتشر في المنطقة؟


في الاتفاق الناشئ بين روسيا وإيران لتزويد بعضهما البعض بالأسلحة، تلقت روسيا مئات الطائرات الإيرانية بدون طيار.

وتستخدم روسيا الطائرات الإيرانية في حربها ضد أوكرانيا، حيث تهطل على المدن الأوكرانية والبنية التحتية المدنية. كما نقلت موسكو أسلحة أمريكية وغربية استولت عليها إلى طهران، وتستعد إيران أيضًا للحصول على مقاتلة روسية متطورة.

علاقات عسكرية ودبلوماسية

أشار البيت الأبيض إلى أن إيران ستحصل على مقاتلة روسية من طراز Su-35 و”مكونات عسكرية متقدمة” وأسلحة أخرى، مثل طائرات الهليكوبتر وأنظمة الدفاع الجوي، وهو ما أكده أحد أعضاء البرلمان الإيراني، في يناير الماضي، حين قال إن بلاده طلبت هذه الأنظمة وتنتظر التسليم.

صفقات أسلحة بين روسيا وإيران

صفقات أسلحة بين روسيا وإيران

فضلاً عن التعاون في التدريب العسكري وتطوير الأسلحة، فإن الطائرة الروسية التي تنتظرها إيران تكشف عن تطور العلاقات العسكرية والدبلوماسية بين طهران وموسكو، التي زادت مبيعاتها من الأسلحة إلى طهران خلال هذه الفترة، حسبما أوردت مجلة “فورين بولسي” الأمريكية يوم 19 إبريل 2023.

الحرب الباردة

حسب فورين بولسي، كانت الصفقة الأبرز في العقد الماضي هي استحواذ إيران على نظام الدفاع الجوي الروسي S-300 في عام 2016. وكانت آخر مرة زودت فيها روسيا إيران بطائرات مقاتلة في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، عندما استلمت طهران ستة من طائرات الهجوم الأرضي من طراز Su-25.

وكانت عمليات النقل هذه بعيدة كل البعد عن السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، عندما باع الاتحاد السوفيتي لإيران أعدادًا كبيرة من الطائرات المقاتلة والقاذفات والدبابات والغواصات وأنظمة الدفاع الجوي، وفقًا للمجلة الأمريكية.

ميزان القوى في الشرق الأوسط

على المدى القريب، قد لا يغير خط الأسلحة الجديد من روسيا إلى إيران بشكل كبير ميزان القوى العام في الشرق الأوسط لعدة أسباب هي:

أولًا: الخسائر الهائلة في المعدات الروسية في الحرب الأوكرانية تدفع موسكو لتقليص صادراتها من الأسلحة.

ثانيًّا: القوة العسكرية الأساسية لإيران تكمن في قدراتها على استخدام منصات غير مأهولة، وصواريخ كروز، وصواريخ باليستية، وشبكة معقدة من الوكلاء الإقليميين. وبمجرد إدخال طائرات Su-35، سيتعين على إيران تطوير فيلق تجريبي لتشغيلها، بالإضافة إلى إنشاء خط أنابيب للصيانة لإبقائها عاملة.

ثالثًا: العقوبات المفروضة على صناعة الدفاع الروسية واستنزاف موسكو في ساحة المعركة في أوكرانيا سيجعل الحصول على قطع غيار للمنصات الروسية أمرًا صعبًا. لذلك من المحتمل أن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن تتمكن إيران من دمج طائرات Su-35 في قدراتها الدفاعية لإظهار قوتها.

قدرات إيران العسكرية

حسب فورين بولسي، التأثير الأكبر لهذه الأسلحة سيكون على المدى الطويل، حين تكشف إيران عن قدرتها على الإنتاج الضخم لمكونات هذه المنصات، كما أنها ستضيف المزيد من القدرات العسكرية التقليدية إلى ترسانات وكلائها.

ووفق المجلة الأمريكية، تمتلك إيران صناعة أسلحة متطورة وقد نجحت تاريخيًّا في الهندسة العكسية للعديد من المنصات، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والصواريخ وأجزاء الطائرات، وقد كشفت عن متغيرات مسلحة وغير مسلحة ذات هندسة عكسية في عام 2014.

صفقات أسلحة بين روسيا وإيران

صفقات أسلحة بين روسيا وإيران

خصوم إيران

أنشأت إيران أيضًا العديد من الإصدارات المحلية من الصاروخ الأمريكي المضاد للدبابات (بي جي إم-71 تاو)، وكذلك صاروخ (طوفان) ومتغيراته، والتي نقلتها منذ ذلك الحين إلى وكلائها في سوريا واليمن.

ووفق المجلة الأمريكية، سيتعين على خصوم إيران الرئيسين، الولايات المتحدة وإسرائيل، التخطيط ليس فقط حول جيش إيراني يتمتع بقدرات متطورة، ولكن أيضًا شبكة إقليمية من الوكلاء المجهزين بأسلحة فتاكة من إيران.

تحول خطير

تنذر شحنات موسكو أيضًا بتحول محتمل مقلق في صادراتها من الأسلحة في المنطقة. إذ حققت روسيا، تاريخيًّا، توازنًا في عمليات نقل الأسلحة إلى الشرق الأوسط والمناطق المجاورة.

وأدى تأثير حرب أوكرانيا والعقوبات اللاحقة على صناعة الدفاع الروسية إلى تعقيد صادرات الأسلحة الروسية في أماكن أخرى. ففي مارس 2022، ادعت إحدى الشركات المصنعة للدفاع الروسي أنها غير قادرة على معالجة ما يقرب من مليار دولار من مدفوعات الأسلحة من دول مثل الهند. ونظرًا لأهمية الصادرات الدفاعية للاقتصاد الروسي، قد توجه روسيا المزيد من مبيعاتها إلى إيران بعد تعرض معاملاتها مع العملاء التقليديين للخطر.

الإنفاق الدفاعي

أشارت فورين بولسي إلى أنه من المرجح أن تؤدي هذه الشحنات، على المدى الطويل، إلى زيادة الإنفاق الدفاعي في الشرق الأوسط الذي يعد أحد أكبر المناطق المستوردة للأسلحة في العالم. فهو موطن 5 من أكبر 15 مستوردًا للأسلحة في العالم.

ويضم الشرق الأوسط 9 من أكبر 15 دولة من حيث الإنفاق الدفاعي بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بحسب بيانات عام 2022. لم تكن الدول الإقليمية بحاجة إلى سبب لإنفاق المزيد على الأسلحة، لكن إضافة إيران طائرات Su-35 إلى ترسانتها، سيثير قلق الحكومات الإقليمية ومن المحتمل أن تحفز شراء منصات مماثلة.

التقارب الإيراني السعودي

رأت المجلة الأمريكية، أن تزويد إيران بالأسلحة الروسية سيقضي على روح المصالحة التي تنتشر حاليًّا في المنطقة. فقد أشار التقارب الدبلوماسي الإيراني السعودي الذي توسطت فيه الصين إلى انخفاض خطر التصعيد، لكنه فشل حتى الآن في معالجة زعزعة الاستقرار على المدى الطويل وسط سعي إيران لامتلاك سلاح نووي واستمرارها في استخدام الوكلاء في جميع أنحاء المنطقة.

وترى المجلة الأمريكية أن تدفق الأسلحة الروسية المتقدمة سيزيد من إجهاض الديناميكية ليس فقط بين إيران وجيرانها العرب، ولكن أيضًا بين إيران وإسرائيل التي يجب أن تأخذ في الاعتبار خلال أي عمل مستقبلي محتمل ضد طهران، قدرات عسكرية إيرانية إضافية.

إيران وروسيا

إيران وروسيا

حرب روسيا في أوكرانيا

أشارت فورين بولسي إلى أن خط أنابيب الأسلحة الذي يسير في الإتجاه الآخر، من إيران إلى حرب روسيا في أوكرانيا، هو مصدر القلق الكبير، فتملأ الطائرات بدون طيار الإيرانية فجوة حرجة في القدرات العسكرية الروسية، وتهدد عمليات التسليم الإضافية المحتملة من الصواريخ الباليستية الإيرانية، بإحداث المزيد من الخراب في أوكرانيا.

وإلى جانب هذا التهديد المباشر، فإن تدفق الأسلحة إلى إيران سيؤدي إلى تفاقم التوترات في الشرق الأوسط وزيادة احتمالية نشوب صراع في المنطقة في المستقبل.

اقرأ المزيد: ما حقيقة المواجهة بين غواصتين أمريكية وإيرانية تحت مياه الخليج؟

اقرأ المزيد: الشاباك يكشف عن مخطط إيراني ضد إسرائيل.. ماذا حدث؟

ربما يعجبك أيضا