ماذا عن قوة بحرية أوروبية في مياه الخليج لمواجهة الانتهاكات الإيرانية؟

جاسم محمد

كتب ـ جاسم محمد

مع تصاعد أزمة الناقلات في الخليج، إيران تعلن عن تفكيك شبكة جواسيس تعمل لصالح الاستخبارات المركزية من داخل إيران، وتدعي أنه الشبكة حصلت على تدريب في الاتصالات على يد ضابط مخابرات أمريكي؟

التوقيت جاء تماما مع اشتداد الأزمة في مياه الخليج، في أعقاب احتجاز الحرس الثوري الإيراني ناقلة نفط تحمل العلم البريطاني، بعد أن نجحت إيران في سحب الناقلة إلى مياهها الإقليمية، وتعذر على القطع البحرية الحربية البريطانية حماية الناقلة. الرئيس الأمريكي ترامب لم يتردد بالرد على إعلان ايران “بالكشف عن شبكة تجسس” وكذلك وزير خارجيته بومبيو، كلاهما رفض الرواية، واعتبرا أن إيران لها تاريخ طويل من الكذب.

السؤال: كيف حصلت إيران على تسجيلات صوتية خاصة بتجنيد عملاء إيرانيين من قبل الاستخبارات المركزية، وما هو الشيء الذي يثبت حقيقة صورة عميل الاستخبارات المركزية التي نشرتها؟

بدون شك في عمليات تجنيد العملاء، تحرص أجهزة الاستخبارات عدم ترك أي شواهد أو أدلة في عمليات التجنيد لا تترك صورا أو تسجيلا صوتيا أو غيرها، وهذا ينسف الرواية الإيرانية بالكامل.

توقيت إعلان الخبر جاء ضمن جهود الاستخبارات الإيرانية لتحويل الرأي العام من حرب الناقلات إلى حرب الجواسيس.

أعلنت السلطات الإيرانية يوم أمس، المصادف 22 يوليو 2019  صورا تزعم أنها “لضباط في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية” كانوا على اتصال بمجموعة أشخاص يشتبه في أنهم جواسيس جرى اعتقالهم في إيران. وذكرت وسائل الإعلام أن السلطات ألقت القبض على سبعة عشر جاسوسا يعملون لحساب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وصدرت أحكام على بعضهم بالإعدام. وقال مدير دائرة مكافحة التجسس في وزارة الاستخبارات الإيرانية للصحفيين -دون الكشف عن اسمه- أنه “تم تفكيك شبكة تجسس  CIA بنجاح في الثامن عشر من يوليو، مضيفا أنه “حكم على البعض بالإعدام، وعلى البعض الآخر بالسجن لفترات طويلة”.

من جانبه، نفى الرئيس الأمريكي ترامب “مزاعم” إيران بأنها فككت “شبكة تجسس” تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، قائلا في تغريدة إنها “كاذبة تماما”. بدوره اتهم وزير خارجيته إيران بـ “الكذب”. وسبق أن علق وزير الخارجية الأمريكي بومبيو على الإعلان الإيراني، قائلا: “إن النظام الإيراني له تاريخ طويل من الكذب… سأتعامل بقدر كبير من الشك مع أي تأكيد إيراني عن الإجراءات التي اتخذوها”.

قوة أمنية بحرية بقيادة أوروبية

ما تسعى له بريطانيا، في الوقت الحاضر، هو تشكيل قوة أمنية بحرية بقيادة أوروبية لضمان الملاحة في مضيق هرمز. وقال وزير الخارجية البريطاني، هنت -في أعقاب جلسة طارئة للحكومة البريطانية- “بموجب القانون الدولي، لم يكن يحق لإيران تعطيل  مسار السفينة ناهيك عن الصعود إلي ظهرها. ومن ثم فهذه قرصنة دولة”، وأضاف “سنسعى الآن لتشكيل قوة أمنية بحرية بقيادة أوروبية لدعم المرور الأمن للطواقم والحمولات في هذه المنطقة الحيوية”. وحذر وزير الخارجية البريطاني من أنه إذا واصلت إيران “هذا المسار الخطير فعليها قبول أن الثمن سيكون وجودا عسكريا غربيا أكبر في المياه على امتداد سواحلها”.

فرغم الحراك السياسي الداخلي المتعلق في ال “بريكست” التي تعيشه بريطانيا وانتخاب رئيس حكومة جديد خلفا الى تيريزا ماي، فقد أظهرت وزارة الدفاع تماسكها، ولم تتردد من تعزيز قطعها البحرية في مياه الخليج لتوفير الحماية، رغم ان هذه القوة ممكن وصفها غير كافية وتحتاج مزيد من التعزيزات.

السؤال: هل تمتلك القطع البحرية البريطانية صلاحيات استخدام القوة ضد السلطات الإيرانية عند تعرض ناقلاتها إلى أي عمل عسكري من قبل إيران؟

هذا ما تحتاج أن توضحه الحكومة البريطانية، خاصة في أعقاب اجتماعها الطارئ يوم أمس 22 يوليو 2019.ماتحتاجه الحكومة البريطانية والحكومات الأوروبية، وحتى الإدارة الأمريكية أن تتخذ موقف  حازم ضد الاستفزازات الأمنية التي تقوم بها إيران في منطقة الخليج.

أوروبا بعثت رسالة خاطئة إلى إيران

استبعاد الخيار العسكري والرهان على الخيار الدبلوماسي والمفاوضات، من قبل الإدارة الأمريكية ودول أوروبا، كانت بالفعل رسالة خاطئة إلى إيران! ما زالت دول أوروبا، لحد الآن تقدم التنازلات أمام “طموحات” اتفاق الملف النووي الإيراني، لتحقيق منافع اقتصادية، والتي أصبحت أخيرا في حكم “الطموحات”. وتلعب إيران أيضا على نقطة مهمة وهي “الفجوة” ما بين ضفتي الأطلسي، ما بين إدارة ترامب وأوروبا، التي ما زالت قائمة، رغم أن المواقف الأوروبية، تتقارب مع الموقف الأمريكي “دبلوماسيا” وتندد بالانتهاكات الإيرانية في المياه الدولية.

هذه الرسالة استغلتها إيران، فما تقوم عليه من إشعال المياه الإقليمية، لا يصب في صالح أحدا غير مصلحة حكومة طهران، التصعيد وعرقلة مرور الملاحة الدولية في مضيق هرمز، يعمل على رفع أسعار النفط والطاقة، ويأتي بنتائج عكسية على دول أوروبا والعالم، وهذا ما تريد أن تصل إليه إيران، طالما هي الخاسر الأكبر في حالة اللاحرب واللاسلم، تحت العقوبات الأمريكية.

ضرورة تعزيز أمن الملاحة البحرية دوليا

المشكلة تكمن أن بريطانيا وأوروبا، لم تكن في المستوى المطلوب لحماية ناقلاتها البحرية في منطقة الخليج، وهذا مأخذ كبير على بريطانيا، ربما تتحمله الحكومة البريطانية كاملة أكثر من وزارة الدفاع، كونه يتمحور في الموقف السياسي أكثر من ردود الأفعال العسكرية، وبلغة أخرى، لحد الآن لم توضح بريطانيا ما هي صلاحيات قوتها العسكرية البحرية في الخليج.

بات متوقعا أن تمضي إيران أكثر في تجاوزاتها في مياه الخليج وانتهاكاتها للقوانين الدولية المتعلق بأمن الملاحة، طالما، لا يوجد رد “عسكري” ولو محدود ضد إيران، وهذا يعني أن حالة الشد والجذب في منطقة الخليج سوف تستمر أكثر، وأن إيران هي المستفيدة من هذه الحالة ومن تصعيد التوتر في الخليج.

ما تحتاجه أوروبا وبريطانيا تحديدا إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، هو النهوض بمسؤوليتها في حماية الملاحة البحرية في الخليج، بالتوازي مع جهود أممية تتعلق بمجلس الأمن، بإصدار ما يلزم من قرارات دولية ضد الاستفزازات والانتهاكات الإيرانية في مضيق هرمز ومياه الخليج.

ربما يعجبك أيضا