ماذا يعني تعيين مستشار خاص للإشراف على التحقيقات مع ترامب؟

بسام عباس

ينبغي أن يضع المستشار الخاص مسافة بين القيادة السياسية لإدارة بايدن وسير التحقيقات المتعلقة بالرئيس السابق لأمريكا، دونالد ترامب.


أعلن وزير العدل الأمريكي، ميريك جارلاند، تعيين المدعي العام السابق لجرائم الحرب، جاك سميث، مستشارًا خاصًّا للإشراف على التحقيقات مع الرئيس السابق دونالد ترامب.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي، أمس السبت 19 نوفمبر 2022، عن جارلاند قوله إن تعيين مستشار خاص في هذا الوقت هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، مشيرة إلى أن سميث سيعود إلى البلاد لتولي مهامه.

أسباب التعيين المفاجئ

قالت وكالة أسوشيتد برس إن تعيين جاك سميث، بعد 3 أيام من إعلان ترامب رسميًّا ترشيحه لانتخابات 2024، يُعد اعترافًا بالآثار السياسية الواضحة لتحقيقين، لا يستهدفان الرئيس السابق فحسب، بل يطالان أيضًا البيت الأبيض.

وأوضحت أنه يثبت سلسلة جديدة من إدارة التحقيقات التي يُنظر إليها على أنها من المرجح أن تتسارع الآن بعد انتهاء انتخابات التجديد النصفي، فاستشهد جارلاند بدخول ترامب السباق، ونية الرئيس، جو بايدن، المعلنة للترشح مرة أخرى كأسباب لتعيين سميث المفاجئ.

الاستقلالية والمساءلة

قالت شبكة سي إن إن الأمريكية إن سميث سيقدم تقريره النهائي إلى جارلاند، لكن بصفته مستشارًا خاصًّا، سيعمل خارج إشراف القيادة السياسية، وإن اتصاله مع إدارة بايدن سيكون محدودًا، لافتةً إلى أنه يجب أن يضع مسافة بين القيادة السياسية للإدارة وسير التحقيقات المتعلقة بترامب.

ونقلت عن جارلاند تصريحه بأن مثل هذا التعيين يؤكد التزام الوزارة بالاستقلالية والمساءلة في الأمور الحساسة، لافتًا إلى أنه يسمح للمدعين العامين والوكلاء بمواصلة عملهم سريعًا، واتخاذ قرارات استرشادية بطريقة لا تقبل الجدل إلا بالوقائع والقانون.

ضمانات للحياد

يرى مراسل بي بي سي في أمريكا الشمالية، أنتوني زورتشر، أن “قرابة نصف البلاد ستنظر إلى تحرك وزارة عدل بايدن لتوجيه الاتهام إلى رجل يمكن أن يواجهه في الانتخابات الرئاسية العامة 2024، على أنه مشبوه، بغض النظر عن أي ضمانات بالحياد”.

وأضاف أن “تسليم هذا إلى مستشار خاص، وإعطاء ذلك المستشار سلطة تنفيذ ما يراه مناسبًا، يوفر لإدارة بايدن قدرًا من العزل على الأقل ضد مثل هذه الادعاءات”، ويشير إلى أن وزارة العدل تعتقد وجود أدلة كافية لمقاضاة ترامب، لأنه كان من الممكن أن تتخلى عن قضية لا أساس لها”.

ماذا كان رد فعل ترامب؟

في كلمة ألقاها بمقر إقامته في مارالاجو بولاية فلوريدا، الجمعة، انتقد دونالد ترامب ما وصفه بـ”الإعلان المروع اليوم من إدارة بايدن الفاسدة ووزارة العدل التي يستخدمونها كسلاح ضدي”، وأضاف: “هذا الاستغلال الرهيب للسلطة هو الأحدث في سلسلة طويلة من المطاردات السياسية التي بدأت منذ وقت طويل”.

ورأى ترامب، في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز“، الجمعة، أن تعيين مدع عام مستقل للإشراف على تحقيقات بحقه هو أمر “غير عادل” و”مسيَّس” منددًا بما وصفه “أسوأ تسييس للعدالة” في التاريخ الأمريكي، مؤكدًا أنه لن يشارك في التحقيقات.

تسارع وتيرة التحقيقات

أوضحت أسوشيتد برس أن سميث سيتولى إدارة تحقيقين مستمرين بحق ترامب، يتعلق أحدهما بعرقلة نقل السلطة بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2020، والآخر يتعلق باحتفاظه بوثائق سرية في منزله في مارالاجو بولاية فلوريدا.

وأضافت أن وتيرة التحقيقات تسارعت كثيرًا، فمنح المدعون العامون حصانة لحليف مقرب من ترامب لتأمين شهادته أمام هيئة محلفين فيدرالية كبرى، وأجرى المحققون في هذه القضية مقابلات مع مجموعة واسعة من الشهود، لافتين إلى مخاوف قانونية بشأن محاولات لعرقلة هذا التحقيق.

هل من موعد نهائي للتحقيق؟

أوضحت سي إن إن عدم وجود موعد نهائي محدد لينتهي المستشار الخاص من تحقيقه. ولفتت إلى أن سميث يمكن أن يكون أكثر انعزالًا عن الضغط السياسي لإنهاء التحقيق، فيشكو منتقدو القواعد الحالية للمستشار الخاص من أن النظام يسمح للتحقيقات بأن تطول، في حين أن نطاقها يتضخم.

ومن جانبه، أكد سميث، في بيان أصدرته وزارة العدل مع إعلانه، أنه لن يدع تعيينه يبطئ من سرعة التحقيقات، قائلًا: “لن تتوقف وتيرة التحقيقات تحت إشرافي، سأمارس حكمًا مستقلًّا وسأمضي بالتحقيقات قدمًا، وبطريقة شاملة لأي نتيجة تمليها الحقائق والقانون”.

دور روبرت مولر

أوضحت فوكس نيوز أن الضبابية خيمت على رئاسة ترامب بسبب تحقيق المستشار الخاص، روبرت مولر، في قضية التنسيق المحتمل مع روسيا للتأثير في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، لافتة إلى أنه بعد قرابة عامين، لم يسفر تحقيق مولر عن أي دليل على وجود مؤامرة أو تنسيق بين حملة ترامب والمسؤولين الروس.

وذكرت أسوشيتد برس أن تعيين مولر كان اعترافًا بالصراع المتأصل في التحقيق مع الرئيس الذي يسيطر على السلطة التنفيذية، مشيرة إلى أن مولر رفض البت في ما إذا كان ترامب أعاق العدالة جنائيًّا، مستندًا إلى سياسة وزارة العدل ضد توجيه الاتهام إلى رئيس في منصبه.

من هو جاك سميث؟

ذكرت أسوشيتد برس أن سميث نشأ في شمال ولاية نيويورك، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، وترأس قسم النزاهة العامة بوزارة العدل في واشنطن، وعمل أيضًا رئيس نيابة فيدرالية بالإنابة في ولاية تينيسي، وأشاد به مؤيدوه ووصفوه بالحياد وأنه يعمل بجد.

وأضافت أن وحدته أقامت سلسلة من القضايا البارزة ضد مسؤولين منتخبين من كلا الحزبين السياسيين، ولم تكلل جميعها بالنجاح، ما رآه سميث “درسًا قويًّا”، بحسب وكالة أسوشيتد برس، وفي الآونة الأخيرة، كان سميث مدعيًا عامًّا في المحكمة الجنائية الدولية المكلفة بالتحقيق والفصل في جرائم الحرب في كوسوفو.

ربما يعجبك أيضا