ما أبعاد حرب الموانئ بين روسيا وأوكرانيا؟ خبير استراتيجي يوضح لـ«رؤية»

محمد النحاس
الحرب الروسية الأوكرانية

ما تأثير تطورات الحرب الروسية الأوكرانية على أمن الممرات المائية؟ وما تداعيات ذلك المحتملة على الاقتصاد العالمي؟


هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية ناقلة نفط روسية، في أحدث هجوم أوكراني قد يؤدي إلى تهديد ممرات الشحن الحيوية في البحر الأسود. 

ويأخذ الصراع أبعادًا جديدة، ويبدو أنه وصل إلى مستويات أكثر خطورة، بعد أسابيع معدودة من الانسحاب الروسي من صفقة الحبوب مع أوكرانيا، وسط مساعي طرفي النزاع إلى إمساك زمام المبادرة في المعارك الجارية.

تطور لافت

استهدف الهجوم الذي نفذته مسيرة أوكرانية، ناقلة نفط روسية ليلحق أضرارًا بغرفة المحركات، بينما كانت الناقلة على مقربة من جسر كيرتش الحيوي الذي يربط الأراضي الروسية بشبه جزيرة القرم، حسب ما نقلت وكالة أنباء تاس الروسية الرسمية، في وقت مبكر، السبت 5 أغسطس 2023. 

أواخر يوليو الجاري، حذّرت أوكرانيا صراحةً من أنها ستتعامل مع السفن المتجهة إلى الموانئ الروسية على أنها أهداف عسكرية محتملة، في محاولة لقلب الطاولة على الروس من خلال فرض “حصار تأميني” أي تجميد نشاطها البحري، إذا لم تقبل شركات التأمين التعاقد مع السفن المتجهة إلى الموانئ الروسية على البحر الأسود والمنطلقة منها. 

خطوة منطقية

لم تعلن أوكرانيا صراحةً مسؤوليتها عن الهجوم، تماشيًا مع النهج الذي تبنته عند شنّها هجمات مسيرة في المنطقة، وفق تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية. 

لكن رئيس جهاز الأمن الأوكراني، وهي الوكالة الاستخبارية الرئيسة في البلاد، فاسيل ماليوك، أشار، في منشور على تليجرام، إلى مسؤولية بلاده، إذ قال “الحادثة وقعت في المياه الإقليمية لأوكرانيا”، واصفًا الضربات بأنها “خطوة منطقية وفعّالة تمامًا”، وشدد على ضرورة مغادرة “العدو” المياه الإقليمية لأوكرانيا. 

ما أهداف طرفي النزاع؟ 

تعليقًا على أبعاد الهجوم، قال خبير الشؤون الاستراتيجية، حازم الضمور، في حديثٍ مع شبكة رؤية الإخبارية، إن الأهداف الجديدة للحرب الروسية الأوكرانية، قد انتقلت إلى السيطرة على نقاط ذات أهمية استراتيجية، موضحًا أن هذه الواقعة تتمثل في الموانئ المطلة على البحر الأسود، أو في الموانئ الأصغر، الواقعة على نهر الدانوب.

حازم الضمور مدير عام ستراتيجيكس 250x250 3

خبير الشؤون الاستراتيجية، حازم الضمور

ويأتي هجوم المسيرة الأوكرانية الذي استهداف النافلة النفطية، بعد يوم واحد من استهداف كييف سفينة إنزال روسية في ميناء نوفوروسيسك.

وأعلن المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، أندريه يوسوف، أن الضربة التي استهدفت أولينغوروسكي جورنياك تمثل خسارة كبيرة للأسطول الروسي، في هجوم يعبر عن وجود إمكانية لدى أوكرانيا بضرب بعض أبرز خطوط الإمداد العسكرية والنقاط ذات الأهمية الاقتصادية الكبيرة. 

ما هدف الضربات الأوكرانية؟ 

أما عن الأهداف، فقد أوضح الضمور أنها متعددة المستويات، ولا تقتصر على جانب دون آخر، وأشار إلى “على الرغم من أنها أهداف غير عسكرية في الأساس، لكنها تهدف إلى خنق الخصم اقتصاديًّا”.

حسب الضمور، بدأت روسيا هذا المنحى عندما أغلقت البحر الأسود أمام حركة الشحن باتجاه أوكرانيا، وجرى آنذاك استهداف الموانئ التي تصدر من خلالها أوكرانيا الحبوب إلى العالم والتي تعد المورد الأهم للبلاد.

 روسيا وتعويض صادرات القمح

يتابع خبير الشؤون الاستراتيجية “بالمثل جاء التعامل الأوكراني، إذ شرعت كييف في استهداف الموانئ الروسية لمنع موسكو من اكتساب القوة في علاقاتها مع الدول التي تستورد القمح الأوكراني”، مضيفًا “موسكو تسعى لأن تحل بدلًا عن كييف في تصديرها للقمح خاصة الدول الإفريقية التي تتجه لها روسيا بنهج استراتيجي”. 

وكانت روسيا قد عقدت في الـ27 و28 من يوليو الماضي، قمة جمعت عددًا من القادة الأفارقة بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وقد سعى لتقديم بلاده بديلًا للبلدان المتضررة من وقف اتفاقية الحبوب، وأبدى استعداد موسكو لإرسال شحنات من الحبوب إلى 6 دول إفريقية مجانًا. 

هل يتأثر الاقتصاد العالمي؟

في تعليقه على التداعيات المحتملة عالميًّا، أوضح خبير الشؤون الاستراتيجية أن الحرب الروسية الأوكرانية أحدثت اضطرابات كبيرة في حركة الشحن العالمية، وأثرت سلبًا في سلاسل الإمداد والتوريد المتعلقة بالحبوب والقمح. 

بالإضافة إلى هذا، أدّت إلى ارتفاع تكاليف الشحن، وكُل هذا يرتد بآثار تضخمية على الاقتصاد العالمي، وفق الضمور الذي يرى أن “استمرار الاضطراب في البحر الأسود وتفاقمه، قد يقود على المدى البعيد إلى البحث عن طرق شحن جديدة”.

ماذا عن تطورات الميدان؟

أما على الصعيد الميداني، فقد لفت الضمور إلى أن طرفي النزاع يسعيان إلى إمساك زمام المبادرة في المعارك الجارية، وتسعى روسيا إلى التحكم في سير العمليات القتالية، وسط افتقاد الهجوم المضاد زخمه وصولًا إلى تجميد الصراع والجلوس على طاولة المفاوضات، في ما تسعى أوكرانيا إلى إحداث اختراقات في الدفاعات الروسية المتقدمة، إما في المركز أو في الأطراف، خاصة قبل حلول فصل الشتاء، وتعقد مسرح العمليات بالعوامل الجوية والجغرافية. 

وأشار الضمور إلى “من المبكر الحديث عن تحقيق أي من الطرفين مكاسب تُذكر ضمن الهجوم المضاد الذي يُدرك الطرفان حاجته إلى مزيد من الوقت لتضح معالمه، وتتبين نتائجه”. 

اقرأ أيضًا| أوكرانيا: اتفاق الحبوب يحتاج لضغط دولي على روسيا

اقرأ أيضًا| روسيا: قرارنا بشأن اتفاق الحبوب نهائي.. وأمريكا تعلق

ربما يعجبك أيضا