ما العلاقة بين الألم المزمن والطعام؟ أدلة جديدة تفسر

رنا أسامة

السمنة لدى المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة قد لا تكون ناجمة عن قلة الحركة بل تغيير سلوكهم في الأكل.


ثمة علاقة بين تناول الطعام والشعور بالألم، فالأشخاص المصابون بألم مزمن غالبًا ما يعانون من زيادة الوزن. لكن ما تفسير ذلك؟

وجدت دراسة حديثة أجراها باحثون في معهد ديل مونتي لعلم الأعصاب بجامعة روشستر الأمريكية، أن دوائر الدماغ المسؤولة عن التحفيز والشعور بالمتعة تتأثّر عند الشعور بألم، بحسب تقرير نشره موقع ساينس ديلي الأمريكي في 11 فبراير الحالي. وقال الدكتور بول جيا، المؤلف الرئيسي للدراسة المنشورة في مجلة بلوس وان الطبية، إن “هذه النتائج قد تكشف عن آليات فسيولوجية جديدة تربط الألم المزمن بتغيير السلوك في الطعام. وهذا التغيير قد يؤدي إلى تطور السمنة”.

لماذا قد نشعر بالمتعة عند الأكل؟

يرتبط الشعور بالمتعة عند تناول الطعام بكيفية استجابة عقولنا لما نأكله. بحثت هذه الدراسة في كيفية استجابة الدماغ للسكر والدهون باستخدام حلوى الجيلاتين والبودينج. ووجدت أن سلوك المرضى المشاركين بالدراسة، في الأكل لم يتغيَّر عند تناولهم السكريات، لكنه تغيّر مع الدهون. وبحسب الدراسة فإن المشاركين الذين عانوا من آلام حادة أسفل الظهر وتعافوا لاحقًا كانوا أكثر عرضة لعدم الشعور بالمتعة عند تناول الحلوى.

ووفقًا للدراسة فقد ظهرت إشارات الشبع المتقطعة أيضًا، عبر الاتصال من الجهاز الهضمي إلى الدماغ، في حين أنه لم يطرأ التغيير نفسه على السلوك الغذائي لأولئك الذين كانوا يعانون من آلام حادة أسفل الظهر، واستمرت لمدة عام واحد.

ما العلاقة بين السمنة والطعام؟

بحسب الدراسة كذلك، أفاد مرضى آلام أسفل الظهر المزمنة أن الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والكربوهيدرات، مثل الأيس كريم والبسكويت، أصبحت تمثل مشكلة لهم بمرور الوقت، وأظهرت فحوصات الدماغ لديهم إشارات شبع متقطعة.

وقال الدكتور جيا: “من المهم أن نلاحظ أن تغيير سلوكهم في الطعام لم يُغيّر كمية السعرات الحرارية التي يستهلكونها”، مُضيفًا أن “هذه النتائج تُظهر أن السمنة لدى المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة قد لا تكون ناجمة عن قلة الحركة، بل عن تغيير سلوكهم في الأكل”.

هل يرتبط تغيير سلوك الطعام بالألم المزمن؟

كشفت فحوصات الدماغ للمشاركين في الدراسة عن أن النواة المتكئة، وهي منطقة صغيرة في الدماغ مسؤولة عن المكافآت وتنشط عند حصول الإنسان على طعام جيد، قد تقدِّم أدلة على الأشخاص الأكثر عُرضة للخطر، إذا اختبروا تغييرًا طويل الأجل في سلوك الأكل. ووجد الباحثون أن بنية هذه المنطقة من الدماغ كانت طبيعية لدى المرضى الذين تغيَّر سلوكهم الغذائي، لكن ألمهم لم يكن مزمنًا. أما المرضى الذين كان سلوكهم الغذائي طبيعيًّا وألمهم مزمنًا، فكانت لديهم نواة متكئة أصغر.

والمثير للاهتمام، بحسب الدراسة أيضًا، أن النواة المتكئة توقعت معدل الشعور بالمتعة لدى مرضى آلام الظهر المزمنة، والمرضى الذين تحوّل ألمهم إلى مزمن بعد نوبة حادة من آلام الظهر، بما يشير إلى أن هذه المنطقة من الدماغ مهمة في تحديد السلوك المُحفِّز لمرضى الألم المزمن. ووجدت أبحاث سابقة أجراها الدكتور جيا أن النواة المتكئة الأصغر قد تشير إلى مدى خطورة تعرُّض أي شخص للإصابة بألم مزمن.

 

 

ربما يعجبك أيضا