ما تداعيات اندلاع حرب أهلية في أفغانستان على دول الجوار؟

لماذا تسعى دول الجوار لتحقيق الاستقرار في أفغانستان رغن اختلافها مع طالبان؟

بسام عباس
عناصر طالبان في عرض عسكري

أعلن زعيم جبهة المقاومة الوطنية في أفغانستان، أحمد مسعود، مؤخرًا أنه سيهزم طالبان “مهما كانت الصعوبات”، ولكي يتمكن مسعود من تشكيل تهديد عسكري لطالبان، فإنه يحتاج إلى تعاون جمهوريات آسيا الوسطى، وإيران أو باكستان لتحقيق هذا الهدف.

ولكن الدول المجاورة لأفغانستان ليس لديها مصلحة في اندلاع حرب أهلية أخرى في أفغانستان، لأن العنف واللاجئين سينتشرون عبر حدودها ويتسببون في تفكك اقتصادي واضطرابات تمتد إلى أوروبا.

أسرى الجغرافيا

أوضحت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية، في تقرير نشرته الثلاثاء 24 سبتمبر 2024، أن دول الجوار لا تفضل حركة طالبان على أي جماعة أخرى، كما تعترض على حكومة النظام غير التمثيلية وسياساته تجاه النساء، ولكن يتعين على قادتها أن يعملوا على حل المشاكل التي تواجههم اليوم، رغم كراهيتهم لأساليب طالبان الرجعية.

وأضافت أن جيرانها تعاملوا معها منذ فترة طويلة بسياسة “جيران إلى الأبد”، أو بالنسبة للمتشائمين، “أسرى الجغرافيا”، فمن ناحية، أزالت كازاخستان طالبان من قائمتها الإرهابية في ديسمبر 2023، فيما لم تعلن أوزبكستان أبدًا أن طالبان جماعة متطرفة، وفي عام 2018 شجعت على بدء مفاوضات مع طالبان.

والتزمت تركمانستان الصمت بشأن موضوع طالبان بما يتماشى مع سياستها المتمثلة في الحياد الدائم، وفي سبتمبر 2024، زار رئيس جهاز الأمن في طاجيكستان كابول لإجراء محادثات وصفت بأنها “مثمرة”، وفي نفس الشهر أزالت جمهورية قيرغيزستان طالبان من قائمتها للمنظمات الإرهابية.

تعاون مع دول الجوار

ذكرت الصحيفة أن أفغانستان تتعاون مع جيرانها في آسيا الوسطى لتسهيل التجارة والنقل، وتجديد الطرق والسكك الحديدية في أفغانستان، ومساعدتها على تحسين مشاريع الري، ونقل الغاز الطبيعي من تركمانستان إلى أفغانستان وباكستان والهند، وبناء ممر نقل متعدد الوسائط من كازاخستان إلى باكستان.

ويعتمد النمو الاقتصادي على توفر إمدادات كافية من المياه؛ وتشكل جبال هندوكوش في أفغانستان منابع أحواض المنطقة، وفي مارس 2022، أطلقت طالبان بناء قناة قوش تيبا بطول 285 كيلومترًا، والتي ستحول 10 مليارات متر مكعب من المياه سنويًا من نهر أمو داريا، الذي تعتمد عليه أوزبكستان وتركمانستان المتعطشتان للمياه.

وتابعت: ستعاني الدولتان من انخفاض بنسبة 15% في العرض الحالي، وسيكلف المشروع 684 مليون دولار، لكنه سيروي 2100 ميل مربع، ويخلق 250 ألف فرصة عمل، وتشعر كابول أنه سيضمن الأمن الغذائي للبلاد، ورغم أن طشقند وعشق آباد غير راضيتين عن المشروع، إلا أن الأوزبك عرضوا على أفغانستان تقديم المساعدة الفنية لضمان أن يكون البناء “وفقا للمعايير الدولية”.

العنف يهدد الاقتصاد

وفقًا للأمم المتحدة، يوجد الآن نحو 7.6 مليون أفغاني في إيران وباكستان، معظمهم من اللاجئين، وفي 2023، طردت باكستان أكثر من 540 ألف لاجئ أفغاني، ومن المرجح أن يؤدي العنف المتزايد في أفغانستان إلى عكس مسار هذه التدفقات وإثقال كاهل إيران وباكستان، اللتين لا تستطيعان تحمل تكاليف دعم اللاجئين لديهما الآن.

وحذرت الصين باكستان مؤخرًا من ضرورة السيطرة على العنف الذي يهدد الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي تبلغ قيمته 62 مليار دولار، فوجود مزيد من العنف شمال خط دوراند من شأنه أن يؤخر الممر أكثر، والذي قد يُنظر إليه على أنه “فوز” استراتيجي في واشنطن، ولكنه سيضر بآسيا الوسطى والجنوبية.

ليست معزولة

حظرت حركة طالبان، في أبريل 2022، زراعة الخشخاش، ما يصب في مصلحة إيران، التي لديها أعلى معدل من متعاطي الأفيون في العالم، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة فقد “قُتل أكثر من 3700 مسؤول إنفاذ قانون وطني وأصيب أكثر من 12 ألفًا في عمليات مكافحة المخدرات على مدى الـ30 عامًا الماضية”.

واختتمت الصحيفة تقريرها بأن طالبان ليست معزولة، فهناك 17 دولة، بما في ذلك جميع دول الجوار بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تحتفظ بوجود دبلوماسي في كابول، وأن البراجماتية ستكون هي الفائزة، بغض النظر عما تعتقد الحكومات أو مواطنوها بشأن سياسات طالبان.

ربما يعجبك أيضا