ما جدوى نزع أيديولوجية التطرف من زوجات الدوعش الاأمانيات ؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

تفاعلت قضية زوجات الدواعش من حملة الجنسية الألمانية  في الأيام الأولى من إعلان تنظيم داعش “دولة الخلافة” يونيو 2014، وظهرت للواجهة من جديد، بعد هزيمة تنظيم داعش في معاقله في الموصل والرقة عام 2017. وشغل مصير عائلات وأطفال الدواعش، الحكومة الألمانية إلى جانب دول أوروبا.

الاستخبارات الألمانية لم تخفي قلقها من عودة زوجات الدواعش، وتتوقع أن تكون هناك موجة جديدة من عودة المقاتلين الأجانب إلى ألمانيا، وتعتبرهم خطر قائم على أمن ألمانيا.

وسائل الاعلام الالمانية عرضت فديو إطلاق سراح أول طفل لإحدى المنتميات إلى تنظيم داعش، من سجن في العراق وجلبه لألمانيا يوم 5 فبراير 2018. وتُجرى تحقيقات ضد الأبوين المحتجزين في الحبس الاحتياطي في أربيل لانضمامهم الى تنظيم داعش. وقد سافر جد الطفل إلى العراق وبوساطة من وزارة الخارجية وتسلم الطفل وعاد به إلى ألمانيا. وقبل ذلك أثبت فحص الحمض النووي صلة قرابته بالطفل. وتعتقد الحكومة الالمانية أنه وجود اكثر من 100 طفل مولودين لأبوين ألمانيين ينتميان إلى داعش العودة إلى ألمانيا.

خطرعائلات الدواعش

الاستخبارات الالمانية كشفت عن سفر مايقارب 940 المانيا الى سوريا والعراق للقتال بصفوف داعش، وتمثل النساء الداعشيات 20% اي مايقارب 200 امرأة، غالبيتهن لديهن اطفال، وبعضهن تزوجن هناك وانحبن اطفال في ظل “دولة داعش” وعاد نحو ثلثهم إلى ألمانيا.  ويوجد في كردستان العراق، وفي أربيل تحديداً، وفقاً لمصادر إعلامية، أربعة أطفال على الأقل مع أمهاتهم في السجن.

رئيس الاستخبارات الداخلية يقول : ” النساء اللائي عشن في مناطق داعش خلال السنوات الأخيرة، يكن غالبا متطرفات إلى حد كبير، ويتماهين مع أيديولوجية داعش بشكل كبير، لدرجة أنه يمكن توصيفهن بشكل مبرر تماماً بأنهن جهاديات أيضاً”.

وتقول السلطات الألمانية بان لديها معلومات حول وجود على عدد من النساء الالمانيات  سافرن من ألمانيا إلى سوريا والعراق وهن الآن محتجزات في العراق أو شمال سوريا أو تركيا. ويقول المدعي العام الالماني بيتر فرانك : “بالنسبة لنا يعد ذلك مشكلة، لأن هؤلاء الأطفال والشباب يمكن أن يكونوا خطراً في بعض الأحيان”، لافتاً إلى أن النساء أيضا يمكن أن يمثلوا تهديداً جزئياً.

تحول الألمانيات نحو التطرف

تقرير مجموعة “الوقاية من الإرهاب” يقول أن الخطر الآتي من الألمانيات المسيحيات اللاتي اعتنقن الإسلام أكبر من خطر المسلمات في ألمانيا، وتشكل الألمانيات المتحولات للإسلام نسبة 33 % من الملتحقات بالقتال في سوريا والعراق، في حين أن نسبة المسلمات الأصليات لا تزيد على17%. وكشفت  مجلة “دير شبيغل” يوم 5 فبراير 2017 أن محكمة عراقية أصدرت حكما بسجن ضد ابنة إسلامية ألمانية لمدة عام، وإلزامها بدفع غرامة مالية لإدانتها بدخول البلاد بشكل غير مشروع. وأوضحت مجلة “دير شبيغل” الألمانية أن المتهمة المدانة هي (ناديا ك ،21 عاما) التي كانت أمها( لميا ك).. قد أصطحبتها نهاية 2014 من ألمانيا إلى المنطقة التابعة لتنظيم داعش في سوريا، التقارير كشفت عن وجود ثلاث نساء لدى الحكومة العراقية ابرزهن ليندا.

كيف تتعامل الحكومة الالمانية مع زوجات الدواعش العائدات الى المانيا؟

القضاء الالماني يفرض عقوبات على من يلتحق بتنظيمات او منظمات ارهابية داخل وخارج المانيا. ويخضع  الاشخاص المنتمين للحبس على ذمة التحقيق، حسب ما يقول الباحث الاجتماعي والخبير في مكافحة التطرف في “مكتب مكافحة الجريمة” في ولاية بادن فورتمبيرغ، فرانك بوشهايت. ولكن مهمة القضاء  في ألمانيا لا تنحصر بتحقيق العدالة فقط، ولكن ضمان أن يخرج المشتبه بهم والمتهمون والمحكومون بحالة أفضل من حالتهم قبل أن تبدأ محاكماتهم أو سجنهم، وهذا يشمل تقديم استشارة نفسية أيضاً.

السلطات  الألمانية تشعر بالقلق من زوجات الدواعش وهو ما دفع الادعاء العام في ألمانيا اعلان تشديد إجراءات التعامل مع الزوجات الدواعش، حتى وإن لم يشاركن في العمليات القتالية. وقال المدعي العام الألماني بيتر فرانك في تصريحات: “نحن نعتقد أنه يمكن إثبات انضمام هؤلاء النساء إلى تنظيم إرهابي في الخارج”.

وناقشت دراسة مركز المعلومات والخبراء المختص بمكافحة التطرف بولاية هيسن ومكتب الشرطة الجنائية وجهاز الاستخبارات الألمانية الداخلية، خلال شهر نوفمبر 2017 بالتحليل سيرة نحو 800 من الإسلاميين العائدين إلى ألمانيا من مناطق الصراع “الجهادية” في الخارج والذين تتراوح أعمارهم بين 13 و62 عاماً. وكانت إحدى نتائج الدراسة، التي تُصنف على أنها سرية، تؤكد أن ربع ا”لجهاديين” العائدين من مناطق الصراع “الجهادية” إلى ألمانيا يتعاونون مع السلطات الألمانية. لكن الخبراء المعنين في مكافحة الارهاب يعتقدون بان تعاون بعض “الحهاديين” العائدين، هو سلوكا تكتيكيا، لايمكن الوثوق به.

تعاون “الجهاديات ” مع اجهزة الاستخبارات سلوكا تكتيكا

اجهزة الاستخبارات الالمانية كشفت خلال عام 2017  حالة “جهادي” عميل للاستخبارات سرب معلومات الى تنظيم داعش ولعب لعبة العميل المزدوج، واثر كثيرا بسمعة الاستخبارات الالمانية الداخلية. فلم يلبث هؤلاء المتطرفين طويلا الا بتنفيذ عمليات ارهابية ربما بسبب الحقد والكراهية اكثر من رسوخ الايدلوجية المتطرفة. وهذا ينطبق ايضا على منفذ عمليات برشلونة الارهابية، عندما أرسلت بروكسل ايضا تحذيرات لمدريد بشأن  عبد الباقي الساتي  بعد فشله في العمل إماماً في بلجيكا، الذي تعتبره سلطات التحقيق الإسبانية العقل المدبر للهجمات التي ضربت كاتالونيا في أوغست 2017، مخبراً للاستخبارات الإسبانية، ولم تصنفه ضمن قائمة الخطرين.

الخلاصة، ان هذه الجماعات المتطرفة، التي حصلت ترسخت في عقولهم ايدلوجية التطرف والتكفير، ليس من السهل تطبيق المناصحة الفكرية معهم داخل اوروبا، نتائج الدرايات اثبتت ذلك.  ويفترض ان تبقى هذه الجماعات المتطرفة ضمن قوائم التطرف والعناصر الخطرة التي تمثل تهديدا للامن والاستقرار، حتى بعد اعلان تعاونهم مع اجهزة الاستخبارات. هذه الجماعات ممكن ايضا ان تكون تحت ضغوطات نفسية، واجتماعية وربما تجت تهديدات التنظيمات المتطرفة، في حالى التخلي عن التطرف، وهذا يعني ان نزع التطرف من عقول هذه الجماعات لم يكن في يوم  وليلة او من خلال تعاونهم مع فريق التحقيقات الخاصة بمكافحة الارهاب، بل ربما ينتقل من عقولهم الى جيل جديد من المتطرفين.

*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات*

ربما يعجبك أيضا