ما حجم تأثير الفيلسوف الروسي ألكسندر دوجين في قرارات روسيا؟

آية سيد
نفوذ ألكسندر دوجين

في التسعينيات، كانت أعمال ألكسندر دوجين رائجة بين الشباب الذين حمّلوا الليبرالية مسؤولية انهيار بلادهم. وبعد مرور 25 إلى 30 عامًا، أصبح الكثير منهم يتولون مناصب في مجالات مختلفة، من السلطة إلى الإعلام.


أثار مقتل داريا دوجين، ابنة الفيلسوف السوفيتي، ألكسندر دوجين، في انفجار سيارة، في 20 أغسطس الماضي، التساؤلات حول حجم نفوذ والدها في الكرملين وقراراته.

ويعتبر البعض أن دوجين هو المفكر الأيديولوجي والمعلم الروحي الأساسي للكرملين، وللرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لكن يرى آخرون أنه لا نفوذ له، وفق مقال للباحث المتخصص في المسائل العرقية والدينية بأوراسيا، بول جوبل، نشره موقع “أوراسيا ريفيو“، اليوم الأربعاء 14 سبتمبر 2022.

من هو ألكسندر دوجين؟

ألكسندر دوجين هو فيلسوف وأستاذ جامعي ومحلل سياسي واستراتيجي، أطلق عليه المحللون “عقل بوتين” و”راسبوتين العصر الحالي”، بسبب نفوذه لدى النخب السياسية والعسكرية الروسية. وبسبب قربه من الكرملين، فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في 2015، عقب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014.

ويُعرف دوجين بأفكاره التي تهدف إلى عودة روسيا لمكانتها كقوة عظمى، وروّج هذه الأفكار في كتبه. ويعتقد دوجين أن روسيا يجب أن تتبنى تميزها الجيوسياسي، وتهيمن على أوروبا وآسيا في إمبراطورية واحدة يحكمها الروس. ولفعل هذا، ستحتاج إلى استخدام المعلومات المضللة وزعزعة الاستقرار وضم الأراضي، وأن أحد أهداف الضم يجب أن تكون أوكرانيا.

نفوذ دوجين في روسيا

ينقل الباحث بول جوبل عن مقال للمحلل السياسي الروسي، أليكسي ماكاركين، أن الحقيقة بشأن تأثير دوجين من عدمه في النخبة السياسية الروسية أكثر تعقيدًا. فمن ناحية، قدم ألكسندر دوجين في التسعينات إطارًا مفاهيميًّا لجيل النخبة الصاعد، الذي رأى الاحتمالات الأخرى تفقد مصداقيتها. لكن من الناحية الأخرى، كان نفوذه محدودًا على القرارات.

ويرى ماكاركين أن “الكثير من الأفكار المناهضة للغرب في روسيا يستند إلى استعارة مفاهيم الغرب، فلقد روّج دوجين فكرة الجيوسياسة كمبدأ تنظيمي للسياسة الخارجية، وكذلك لفكرة أن كل دولة يجب أن تصبح قادرة على أن تقرر لنفسها المعايير الأخلاقية التي ينبغي اتباعها. وتتناسب الفكرة الأولى مع تفكير النخبة التي ضلت طريقها، وتشير الثانية إلى أن الروس لا يحتاجون إلى الإذعان للآخرين”.

كيف روّج دوجين أفكاره؟

بحسب الكاتب، كان دوجين يروّج مخططًا جيوسياسيًّا معينًا، وهو معارضة الأطلنطيين (الأنجلو-ساكسون) والأوراسيين كمشاركين في الصراع بين البحر والبر. هذا المخطط برر العداوة الحتمية بين روسيا وأمريكا (وإنجلترا) رغم التحالف في الحربين العالميتين، ووجود “طابور خامس” أطلنطي في روسيا.

وفي الاتحاد السوفيتي، كانت “القوى التقدمية” في اليسار تبحث عن حلفاء أيديولوجيين وتنظيميين في الغرب. وكان دوجين واحدًا من الأوائل الذين بدؤوا البحث عنهم في مجتمع اليمين، وهو ما لم يكن مقبولًا في التقاليد السوفيتية، فقد كان أتباع اليمين المتطرف يُصنفون على أنهم “فاشيون جدد”.

بناء علاقات مع اليمين الأوروبي

من الناحية الأيديولوجية، لم تستهوِ دوجين أفكار الجيوسياسي النازي كارل هاوشوفر وحسب، بل أيضًا أفكار الفيلسوف النازي كارل شميت، بمناصرته للاستبدادية والفصل بين الصديق والعدو. ومن الناحية التنظيمية، بدأ دوجين في بناء علاقات مع الساسة والمُنظّرين من اليمين المتطرف الأوروبي، ليس لأسباب انتهازية، وإنما من باب التخطيط بعيد المدى.

وفي التسعينات، كانت أعمال دوجين رائجة بين الشباب الذين حمّلوا الليبرالية مسؤولية انهيار بلادهم. وبعد مرور 25 أو 30 عامًا، أصبح الكثير من هؤلاء الشباب يتولى مناصب في مجالات مختلفة، من السلطة إلى الإعلام. وحسب ماكاركين، هذا لا يعني أن دوجين يؤثر في صنع القرارات السياسية تأثيرًا مباشرًا، لكن الأفكار واللغة السياسية السائدة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتأثير أعماله الأولى.

ربما يعجبك أيضا