ما مدى القلق بشأن الصعود السريع للعلوم الصينية؟

هل تستطيع أمريكا احتواء تقدم الصين التكنولوجي؟

أحمد الحفيظ
الصين تسجل نموا قويا في الاستثمارات الخارجية

أصبحت الصين خلال العقد الأخير، قوة عالمية متقدمة في مجالات كانت حكرًا في وقت ما على أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

هذه القوة كانت نابعة من خطة استراتيجية وضعها الرئيس الصيني شي جين بينج وكان هدفها، تحقيق تفوق جيوسياسي واقتصادي وعسكري على أمريكا، وسخر لذلك كل موارد دولته البشرية والمالية.

مخاوف أمريكية

في تقرير نشرته مجلة “ذي إيكونوميست” الخميس 13 يونيو 2024، حذرت فيه من محاولات الصين اكتساب مزايا تكنولوجية تبتعد فيها بخطوات كبيرة عن أمريكا في كثير من المجالات، وأكد ضرورة التعاون مع الصين والاستفادة من خبراتها العلمية الحالية بدل محاربتها.

وقال التقرير، إنه إذا كانت الولايات المتحدة راغبة في الحفاظ على تقدمها فمن الأفضل لها أن تركز بشكل أقل على إبقاء العلوم الصينية منخفضة، وأن تركز أكثر على دفع نفسها إلى الأمام.

وذكر التقرير، أن أمريكا وأوروبا استهانوا بالصين كثيرًا، في الوقت الذي حرصت بكين على دعم وتشجيع العلماء لإنتاج كميات كبيرة من الأوراق العلمية المقتبسة من تكنولوجيا أمريكية وأوروبية حتى لو كانت رديئة.

اعتراف بقوة الصين

التقرير أشار إلى أن النهج الذي تتخذه أوروبا وأمريكا تجاه الأبحاث والابتكارات الصينية الرامي لاحتوائها وتقييدها، بات نهجًا ضعيفًا في ظل سعي صيني واضح للريادة في هذه المجالات.

وأوضح التقرير أن العلماء الصينيين باتوا ينتجون أفضل الأبحاث في العالم، خاصة في الكيمياء والفيزياء، ويساهمون في عدد أكبر من الأبحاث في المجلات المرموقة مقارنة بزملائهم من أمريكا والاتحاد الأوروبي.

كذلك سلط التقرير الضوء على بعض المعدات الأكثر تقدمًا الموجودة داخل المختبرات الصينية، من أجهزة الكمبيوتر العملاقة وأجهزة الكشف عن الطاقة العالية إلى المجاهر الإلكترونية وهذه لا تضاهي أفضل ما تملكه أوروبا وأمريكا، لكنها مثيرة للإعجاب.

كما أن الصين بحسب التقرير، تمتلك ثروة من المواهب بعد أن عاد العديد من الباحثين الذين درسوا أو عملوا في الغرب إلى ديارهم بعد حوافز قدمتها حكومتهم لهم.

الابتكار التجاري

في مجال الابتكار التجاري قال التقرير إن الصين عملت على تغيير الصورة النمطية لمنتجاتها المتمثلة في كونها أقل جودة من المنتجات الأوروبية والأمريكية.

وأشار إلى أن الصين باتت رائدة في مجال صناعة البطاريات والمركبات الكهربائية فضلاً عن طفرة في شركات الهواتف المحمولة والاتصالات وعلى رأسها شركة هواوي التي حاربتها أمريكا وأوروبا بسلاح العقوبات بعد اقتطاع حصة كبيرة من أشهر شركات الاتصالات الأمريكية والأوروبية.

ابتكار في مجالات عدة

كذلك سلط التقرير الضوء على تفوق الصين في الأبحاث العسكرية خاصة في مجالات الحوسبة الكمومية أو الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وقدرتها على استخدام الذكاء الاصطناعي في العلوم العسكرية.

وفي مجال الزراعة أصبح بوسع المزارعين في كل مكان أن يحصدوا المزيد من المحاصيل الوفيرة بفضل علماء الصين وأبحاثهم عالية الجودة، كذلك في مجال الألواح الشمسية المصنوعة من البيروفسكايت التي احتكرتها الصين لها ببرائة اختراع.

استراتيجية خاطئة

ذكر التقرير أن أمريكا تحاول تقييد تحركات الصين العلمية دون النظر إلى كيفية منافستها وتشجيع الاستثمار في الأبحاث العملية.

وأوضح التقرير أن هذه الاستراتيجية أثبتت فشلها، وحتى شركة هواوي ازدهرت رغم العقوبات الأجنبية، كذلك صناعة السيارات التي تفوقت فيها الصين على أوروبا وأمريكا بناء على الأرقام المرصودة.

الحل الأمثل

التقرير أكد أن أمريكا يجب أن تمارس مزيد من التعاون مع الصين وتتبادل معها الأبحاث لخدمة البشرية، والتوقف عن محاولات تقييد جهودها خاصة وأن بكين أثبتت قدرتها على تطوير التكنولوجيا وتقديم أبحاث علمية تفيد الجميع.

وأشار التقرير أيضًا إلى أن هناك ضرورة لعودة أمريكا كنقطة جذب لألمع العقول في العالم، وينبغي لها أن تستمر في اجتذابهم حتى من داخل الصين ورفع القيود على جلب علماء صينيين.

وختم التقرير، بأن هناك قلق من وصول الصين لحدود تكنولوجية بعيدة، لكنه نبه بأن ذلك يجعل هناك ضرورة أن تستفيد أمريكا من نقاط الصين القوية والمميزة وستكون النتيجة المزيد من الاكتشافات العلمية والبراعة التقنية، وفي نهاية المطاف المزيد من الأمان.

ربما يعجبك أيضا