ما هو النظام العالمي الذي تسعى بكين لتشكيله؟ 

محمد النحاس

تدعو المجلة البريطانية داعمي التوجه الصيني - الروسي لتشكيل نظام عالمي جديد، لإعادة حساباتهم.. ما السبب؟


في تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست البريطانية، عدد 24، تحذر فيه من مخاطر السياسة الخارجية للحزب الشيوعي الصيني.

ولفت التقرير إلى أنه بينما كان يتحدث الرئيس الصيني شي جين بينج مع “صديقه العزيز” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن إرساء قيم التعايش السلمي، فيما تراه المجلة البريطانية بمثابة تقديم دعم لشخص مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، بتهمة الضلوع في جرائم حرب.

نظام صفقات القوى الكبرى

وفقًا لتقرير الإيكونوميست البريطانية، لا تزعج شي جين بينج هذه التناقضات، إذ أنه يؤمن بتراجع النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وهو النظام الذي يشدد على أهمية اتباع القواعد، وحقوق الإنسان.

 وفي المقابل يهدف شي إلى تحويله إلى نظام صفقات بين القوى الكبرى. وينصح التقرير بعدم التقليل من شأن مخاطر هذه الرؤية، وجاذبيتها في العديد من المناطق حول العالم.

خطة السلام وسياسة شي

تشير المجلة إلى طبيعة السياسة الخارجية لنظام شي، ففي أوكرانيا، حرصت بكين على أن تكون روسيا ضعيفة لكن ليس لدرجة انهيار نظام بوتين، كما حرص على تقويض دور الدعم الغربي لأوكرانيا، وكذلك العقوبات، كأدوات في السياسة الخارجية، وعينه على جزيرة تايوان. 

وطرح شي خطة سلام يعرف أن أوكرانيا لن تقبلها، إذ تدعو إلى «احترام سيادة جميع الدول»، لكنها تتجاهل الإشارة إلى أن روسيا تحتل أكثر من سدس جارتها، وفقًا للتقرير.

تصاعد النفوذ الصيني 

منتصف هذا الشهر كشف الرئيس الصيني عن مباردة «مبادرة الحضارة العالمية»، التي تشدد بأنه يجب على الدول “الامتناع عن فرض قيمها أو نماذجها على الآخرين وعن تأجيج المواجهة الأيديولوجية”.

وقبل ذلك بأيام توسطت الصين في انفراجة بين إيران والمملكة العربية السعودية، وهو أول تدخل في الشرق الأوسط، ما سلط بدوره الضوء على نفوذ الغرب الآخذ في الانحسار، بعد 20 عامًا من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.

أيديولوجيا واضحة

يشير التقرير إلى أن “النهج الصيني ليس مرتجلاً لكنه أيدولوجي حيث حثّ السياسي والمنظّر والقائد صيني، دنج شياو بينج على ضرورة “إخفاء قدراتك، وانتظار وقتك”، لذلك يحاول شي تغيير قيم نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، من خلال تهميش قيم مثل التعددية، والتعامل غير المشروط مع الأنظمة الاستبدادية.

 في حين أن دور “مبادرة الأمن العالمي” معارضة الجهود لاحتواء التهديد العسكري الصيني، ويروج لأن الدعوة العالمية لحقوق الإنسان هي من أشكال الاستعمار الحديث، ووفقًا للإيكونوميست، بعيدًا عن الغرب تلقى هذه الأفكار رواجًا كبيرًا. 

عالم متعدد الأقطاب

في وقت لاحق، من هذا الشهر في بكين، سيلتقي شي بالرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، المدافع عن عالم متعدد الأقطاب، والذي يريد من الصين المساعدة في التفاوض على السلام في أوكرانيا.

 وما يعزز هذه نظرية شي حول العالم، التشكيك المتزايد في المعايير الغربية والتناقض الصارخ فيها الذي تجلي في غزو العراق، وهو ما تركز عليه وسائل الإعلام الصينية على نحوٍ متزايد، وذلك في وقت تكثف فيه الولايات المتحدة تواجدها في الباسفيك وذلك على حساب التواجد في الشرق الأوسط. 

الموقف من أوكرانيا

رغم الاصطفاف الغربي في دعم أوكرانيا، فإن ما لا يقل عن 100 دولة تمثل 40% من الناتج المحلي العالمي، متشككةً في الوضع الحالي في أوكرانيا، وتتساءل عن كيفية نهاية الحرب الروسية الأوكرانية، لا تطبق العقوبات بشكل كامل، بحسب المجلة البريطانية.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فبعض ممثلي الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، لا يرون قضية أوكرانيا كمصلحة أساسية للولايات المتحدة الأمريكية، ما يخلق بدوره مساحة لبدائل مثل، الصين، والرسالة التي تحملها أن: الديمقراطية الحقيقية مرتبطة بالتنمية الاقتصادية، ولا تعتمد على الحرية السياسية، وهو ما يروق كثيرًا لنخب البلدان غير الديمقراطية.

حماية الحزب 

 وفق التقرير، فإن جوهر السياسة الخارجية للصين، جعل العالم أكثر أمانًا للحزب الشيوعي الصيني، ويوضح ذلك بأن الصين قد دعمت إيران، لكنها تجاهلت مخاطر حيازتها لسلاح نووي.

 وفي خطة السلام التي قدمتها لإنهاء الحرب الأوكرانية، ما يتطلب موافقة كييف، ومحاسبة المتورطين في جرائم حرب، وتقديم ضمانات لعدم حدوث هجوم آخر، لكن تعترض  الصين على الثلاثة: فهي لا تؤمن بالديمقراطية أو حقوق الإنسان أو وضع قيود على القوى العظمى .

ما البديل؟

لكن وفق التقرير فإن النهج الصيني الذي يدعم النخب الحاكمة بغض النظر عن ممارستها قد يثير غضب الشعوب حول العالم، ويلفت إلى أنه من الضروري خلال الفترة القادمة،  منع دفع أوكرانيا إلى  اتفاق سلام زائف، وأن تعمق الدول الغربية تحالفاتها الدفاعية، بما في ذلك الناتو. 

وبحسب التقرير فإن الهدف طويل المدى هو دحض الاتهام بأن قواعد النظام الدولي، تخدم المصالح الغربية فقط وفضح الرؤية التي تروج لها الصين – وروسيا، وتتابع الإيكونوميست، أن قمة موسكو تكشف عن بديل أسوأ: “قوة عظمى تسعى للتأثير بدون تبني رؤية تدعم حقوق إنسان العالمية، وختامًَا يشدد على أن “أولئك الذين يعتقدون أن هذا سيجعل العالم مكانًا أفضل يجب أن يفكروا مرة أخرى”.

ربما يعجبك أيضا