متجاهلًا الولايات المتحدة.. نتنياهو يتجه إلى الحرب مع إيران

محمد النحاس

على الرغم من الدعم الثابت الذي تقدمه إدارة بايدن لإسرائيل، فإن العلاقات بين الجانبين شهدت تراجعًا واضحًا


يبدو أن الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اختارت الإبقاء على خططها الانتقامية المحتملة ضد إيران سرية، وعدم إطلاع الإدارة الأميركية على التفاصيل الرئيسية لهذه العمليات العسكرية. 

وفقًا لتقارير صادرة عن “وول ستريت جورنال وإن بي سي نيوز”، فإن إسرائيل لم تشارك واشنطن بأي معلومات حول ما تخطط له، حتى بعدما عرضت الولايات المتحدة إمكانية دعم الهجوم الإسرائيلي عبر المعلومات الاستخباراتية أو تنفيذ ضربات جوية أمريكية مساندة.

توتر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية

إحجام إسرائيل عن إشراك الولايات المتحدة في تفاصيل الهجوم يثير الكثير من التساؤلات حول مستوى الثقة بين الحليفين، وقد أشار مسؤولون أميركيون إلى أن هذا الصمت الإسرائيلي يأتي في وقت حساس، حيث تدرس واشنطن كيفية الرد على أي تصعيد محتمل في المنطقة، وفق تحليل لمجلة ريسبنسبول ستيت كرافت الأمريكية نشرته في 10 أكتوبر 2024. 

وبموجب الدستور الأمريكي، لا يحق للرئيس جو بايدن أو أي رئيس أميركي إصدار أوامر ببدء أعمال عدائية ضد دولة أخرى دون موافقة الكونجرس، إلا في حالة تعرض الولايات المتحدة أو قواتها لهجوم مباشر.

 هذا الموقف يجعل أي دعم أمريكي لهجوم إسرائيلي على إيران خطوة غير قانونية، ما لم يتم تبريرها بأنها “دفاعية”. إلا أن حتى هذا التبرير سيكون محل جدل واسع في واشنطن، خاصة وأنه قد يعرض المصالح والقوات الأمريكية في الشرق الأوسط لردود انتقامية من الجانب الإيراني.

مخاطر توسع الصراع

يرى التحليل أن أي دعم أميركي لهجوم إسرائيلي على إيران قد يكون له تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة. وفي حال تنفيذ إسرائيل ضربات مباشرة على إيران، من المرجح أن ترد إيران بهجمات مضادة، وهو ما يضمن استمرار سلسلة الانتقامات المتبادلة بين الطرفين.

 إيران سبق أن أظهرت استعدادها للرد على أي اعتداء، سواء عبر استهداف القوات الأمريكية في المنطقة أو من خلال ضرب مصالح حيوية لإسرائيل وحلفائها.

وبالتالي فإن تدخل الولايات المتحدة في مثل هذا الصراع لن يزيد من حدة التصعيد فقط، بل قد يدفع إيران لاتخاذ خطوات أكثر جرأة، مثل توسيع نطاق هجماتها لتشمل القواعد الأمريكية في العراق ما يعرض الجنود والمصالح الأمريكية لخطر أكبر. 

شراكة متوترة

على الرغم من الدعم الثابت الذي تقدمه إدارة بايدن لإسرائيل، فإن العلاقات بين الجانبين شهدت تراجعًا واضحًا، وفق التحليل. 

إسرائيل، التي نفذت عمليات عسكرية في سوريا ولبنان وإيران في السنوات الأخيرة، لم تعد تلتزم بإبلاغ واشنطن بتلك العمليات مسبقًا، ومن الأمثلة البارزة على ذلك الغارة الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله، والتي لم تتلق الولايات المتحدة أي تحذير بشأنها، ما دفع البعض إلى التكهن بأن نتنياهو كان يدرك أن واشنطن قد تعارض هذه الخطوة لو علمت بها مسبقًا.

القيادة المتهورة

وفقًا لمفهوم “القيادة المتهورة” الذي أشار إليه الباحث باري بوزن في كتابه Restraint، فإن الدول الصغيرة أو الفاعلين غير الحكوميين الذين يعتمدون بشكل مفرط على دعم الولايات المتحدة يتصرفون بشكل غير مسؤول أحيانًا. 

هذا ما يحدث مع إسرائيل التي باتت تتخذ خطوات أكثر جرأة، مدفوعة بالثقة في الدعم الأمريكي المستمر، سياسة الولايات المتحدة التي تمنح إسرائيل غطاءً دبلوماسيًا وعسكريًا في مختلف الأوقات دفعت نتنياهو إلى التصرف بجرأة قد لا يقدم عليها في ظروف أخرى.

وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، وصف سلوك إسرائيل بـ”اللعب بأموال الآخرين”، وهو تعبير يشير إلى أن إسرائيل تقوم بمغامرات عسكرية كبيرة معتمدة على الدعم الأميركي المتوقع، سواء على المستوى العسكري أو الدبلوماسي.

ضرورة وقف إسرائيل

رغم إدراك المسؤولين في إدارة بايدن لتداعيات هذا الدعم غير المشروط، فإنهم يبدو غير قادرين أو غير راغبين في تغيير هذه السياسة والضغط على نتنياهو لضبط تصرفاته.

وختامًا يخلص التحليل إلى أن كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة غير قادرتين على تحمل تكلفة حرب شاملة مع إيران في هذه المرحلة، ولذلك يجب على واشنطن اتخاذ خطوات لخفض التوتر بدلًا من تأجيجه، لكن يبدو أن إدارة بايدن ليست مستعدة بعد لاتخاذ مواقف أكثر حزمًا لوقف التصعيد، ما يثير مخاوف من أن تنجر الولايات المتحدة إلى صراع أكبر يشمل قواتها.

ربما يعجبك أيضا