مجزرة الأقصى الأولى.. عندما سطّر الفلسطينيون يومًا من الصمود

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

في صباح الثامن من تشرين أول عام 1990، استيقظت القدس على صوت الرصاص والقنابل ومكبرات المآذن منادية، لنصرة المسجد الأقصى . كان المسجد يعج بآلاف المعتكفين الذين قدموا لصد الاقتحام الكبير لجماعة الهيكل المحتفلة بعيد العرش لوضع حجر الأساس للهيكل المزعوم.

تصدى المعتكفون لجنود الاحتلال بصدورهم العارية، فقابلهم الاحتلال بالرصاص الحي وقنابل الغاز، أما المستوطنون، فشاركوا أيضا في إطلاق النار.

تاريخ من الانتهاكات

الإحصاءات رصدت نحو 70 ألف مقتحم للمسجد الأقصى منذ سنة 2009 وحتى 2016 ، في حين بلغ عدد المقتحمين من عام 2017 وحتى نهاية 2018 ما يقارب 45 ألف مستوطن ومنذ بداية العام 2019 تضاعفت أعداد المقتحمين للمسجد الأقصى ثلاث مرات عن العام الماضي.

من جهتهم وقف المقدسيون دائما في وجه الاحتلال عبر تكثيف التواجد داخل المسجد الأقصى وفي محيطه وإعلان النفير العام لحمايته وقد خاضوا في السنوات الأخيرة معارك عدة مع الاحتلال من أبرزها انتفاضة القدس وهبة باب الأسباط وهبة باب الرحمة استطاعوا من خلالها إرغام الاحتلال على التراجع عن تنفيذ مخططاته بحق بيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك.

الاحتلال بدوره لم يتوقف، فقد سعى جاهدا في سبيل تنفيذ مخططاته وفرض التقسيم الزماني والمكاني بحق المسجد الأقصى إلى تفريغ المسجد الأقصى من مئات المرابطين عبر إصدار أوامر الاعتقال والإبعاد عن المسجد الأقصى والمنع من دخوله أو الاقتراب منه، وإصدار القوانين التي تمنع عقد حلقات الذكر والعلم في ساحاته.

بالإضافة إلى إجراءاته المتواصلة بحق الأوقاف الإسلامية وموظفي المسجد الأقصى وحرّاسه ومحاولات فرض السيادة على الأقصى من خلال منع أعمال الترميم والتدخل في شؤون المسجد وإدارته.

لن يوقف الاحتلال الصهيوني سعيه الحثيث لتنفيذ مخططاته الرامية إلى  تهويد المسجد الأقصى والسيطرة عليه محاولا استثمار الأوضاع العربية والإسلامية وانشغال الأمة عن مسرى معراج رسولها إلى السماء. غير أن المقدسيين لا يزالون مرابطين يفشلون مخططاته ويتصدون لإجرامه مدافعين عن مسجدهم وقبلة المسلمين الأولى.

لم يتمكن الاحتلال من حصار آلاف المرابطين فاستعان بالطائرات والأسلحة الأوتوماتيكية للمشاركة في المجزرة التي استشهد فيها 21 شابا فيما أصيب المئات . سطر الفلسطينيون يوما من الصمود رغم النزيف وأوقفوا مخططات الاحتلال بفرص واقع جديد.واقع كان وما زال الاحتلال يبحث عن فرصة مناسبة لتحقيقه، لكنه لم ينجح حتى اليوم.

وضع ليس بالجديد على المرابطين بالمسجد الأقصى، فسلسلة الاقتحامات بدأت منذ إعلان الصهاينة احتلال الأراضي المقدسة عام 1967 في محاولة هدفها الأبرز الهيمنة عليه وتقسيمه زمانيا ومكانيا بين المسلمين والصهاينة.

أولى عمليات الاقتحام التي سجلها التاريخ في ثالث أيام حرب 67 عندما دخل الجنرال مردخاي المسجد الاقصى رفقة جنوده ورفعوا العلم الإسرائيلي فوق قبة الصخرة وحرقوا المصاحف ومنعوا المصلين من الصلاة فيه وصادروا مفاتيح أبوابه.

بعد ذلك بعامين نشب حريق المسجد الأقصى المبارك الذي تسبب فيه متطرفون إسرائيليو الجنسية أدى إلى أضرار كبيرة تطلبت إصلاحها سنين طويلة.

انتفاضة المقدسيين

مع بداية الألفية الجديدة كان صراع المقدسيين مع الاحتلال الصهيوني على موعد مع الانتفاضة الثانية بعدما اقتحم رئيس وزراء الاحتلال آنذاك أرئيل شارون  باحات المسجد الأقصى عام 2000 لتندلع بعد ذلك شرارة الانتفاضة التي أدت إلى إصابة واستشهاد الآلاف .

أما آخر الاقتحامات العنيفة التي شهدها المسجد الأقصى فقد كان يوم عيد الأضحى الأخير بعد اقتحام أكثر من ألفين من المستوطنين باحات المسجد ما أدى إلى مواجهات وإلقاء قنابل واشتباك بالأيدي بين مقدسيين وجنود الاحتلال وخلّف عشرات الإصابات والمعتقلين .

ورغم البيانات المتكررة والتهديدات المستمرة بهذه الانتهاكات الخطيرة، إلا أن ذلك لم يلق صدى لدى قوات الاحتلال الصهيوني التي كثفت من عمليات الاقتحامات في الآونة الأخيرة بتنسيق بين جماعات الهيكل وقوات الاحتلال حيث تبلغ الاقتحامات ذروتها مع الأعياد اليهودية.

أرقام مفزعة

ربما يعجبك أيضا