محادثات عسكرية بين واشنطن وطوكيو بشأن تايوان.. هل تستعدان لحرب بكين؟

محمد النحاس

المحطات تاريخية تثير مخاوف يابانية عميقة من الانخراط في صراع عسكري، لكن الواقع الحالي أكثر تعقيدًا من آفاق الذاكرة التاريخية.. فهل تغير اليابان موقفها؟


كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن محادثات عسكرية أمريكية يابانية من أجل التوصل لخطة حال نشوب صراع مرتبط بتيوان. 

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنه حال تعرض جزيرة تايوان لاجتياح صيني، وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية، فمن المتحمل أن تأتي التحركات الأمريكية من قواعدها المتمركزة في اليابان والتي تضم أكثر من 50 ألف جندي. 

محادثات عسكرية

منذ أكثر من عام يجري مسؤولون عسكريون من طوكيو وواشنطن محادثات بشأن إذا ما كانت اليابان سوف تنخرط في صراع تايوان، إذا ما اندلع أم لا، وفقًا لتقرير نشرته وول ستريت جورنال، أمس السبت 15 يوليو 2023.

ويقول أشخاص مطلعون على المحادثات إن الموضوعات تشمل طرق الإمداد ومواقع إطلاق الصواريخ وخطط إجلاء اللاجئين. ويقول هؤلاء الأشخاص إن اليابان مستعدة لدعم الجيش الأمريكي من خلال توفير الوقود والإمدادات الأخرى.

وتعد الصراعات العسكرية أحد الموضوعات الحساسة لدى الرأي العام في اليابان بفعل إرثها التاريخي في هذا الصدد. كما أنّ الولايات المتحدة فرضت عليها قيود دستورية في ما يتعلق بقدراتها الدفاعية. 

لماذا اليابان؟

ما يجعل اليابان مرشحًا مثاليًّا، قرب جزرها من تايوان، إذ تتواجد القوات الأمريكية الموجودة في اليابان في جزيرة أوكيناوا  الجنوبية، والتي تبعد عن تايوان حوالي 112 كيلومترًا فقط، فضلًا عن القيود الدستورية التي تحررت اليابان من بعضها خلال الأعوام الماضية فإن الحرب لا زالت محل رفض قطاعات عريضة من اليابانيين.

ويرجح أستاذ السياسة في جامعة كيو في طوكيو، ساتورو موري، أن 90% من الشعب الياباني سيرفضون الأمر، إذا ما سُألوا، ورغم عدم القبول الشعبي والقيود الاجتماعية والسياسية في ما يتعلق بالانخراط في صراع مثل هذا، فإن الرفض قد يهدد تحالفها الأمني مع واشنطن، في منطقة تموج بالتوترات الإقليمية. 

مخاوف إقليمية

لدى اليابان جملة من الأعداء الإقليميين وخلافات على ترسيم الحدود البحرية. ويزيد من سوء هذا الموقف قرب الصلة والتحالف الوثيق بين هؤلاء “الأعداء” كما هو الحال مع كوريا الشمالية والصين من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى. 

وفق وول ستريت جورنال، في محاولة لمجاراة الترسانة الصاروخية المتزايدة يومًا بعد آخر، تستثمر اليابان بكثافة في الصواريخ بعيدة المدى، وغير من الأسلحة. غير أنها تشدد على أن التعزيزات العسكرية تهدف للدفاع عن النفس. 

وفي زيارته الأخيرة لأوكيناوا، قال رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا: “علينا أن ننفق المزيد لتعزيز الردع العسكري، ورفع قدرات الاستجابة لتقليل خطر تعرضنا للاعتداء”.

اليابان وتحوّل تاريخي

 في أعقاب الحرب العالمية الثانية فرضت واشنطن على اليابان دستورًا يتضمن حظر استخدام القوة لحل النزاعات. لكن وفي تحول تاريخي جرى تمرير قانون جديد في عهد رئيس الوزراء شينزو آبي عام 2015 يُمكن اليابان من الرد عسكريًّا حال تعرض حليف “مقرب” لهجوم في منطقة قريبة. وتنطبق هذه الشروط على تايوان. 

وفي وقت سابق من العام الجاري، ذهبت عمليات المحاكاة لاندلاع صراع في تايوان، والتي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، أن الولايات المتحدة قد تمنع استيلاء الصين على تايوان بدعم من حلفاء مثل اليابان وأستراليا.

مخاطر التصعيد وسيناريوهات خطرة

يرى محللون أمنيون من الولايات المتحدة واليابان -تنقل عنهم وول ستريت- أن هجومًا صينيًّا محتملًا على القواعد الأمريكية المرتكزة في اليابان، من المرجح أن يُنهي التردد الياباني، إلا أنه ليس حتميًّا أن يندلع الصراع على هذا النحو المتصور.

ويعد أكثر ما يقلق طوكيو، حال التورط في الصراع، مخاطر التصعيد المحتملة، مثل تشجيع حليفتي الصين، روسيا وكوريا الشمالية على مهاجمة اليابان، فضلًا عن مخاطر الانجرار لسيناريو تستخدم به الأسلحة النووية، وهو مسار لا ترغب اليابان بتكراره، في ما تلوح أخطاء الماضي وما قادت إليه في الأفق.

ويملك الجيش الياباني، المعروف باسم قوات الدفاع الذاتي، 50 مدمرة و 22 غواصة هجومية، بالإضافة إلى أكثر من 300 مقاتلة نفاثة، وفي استراتيجيتها الأمنية الأخيرة أواخر العام الماضي، قالت طوكيو إنها سترفع الإنفاق العسكري 60٪ خلال السنوات الخمس المقبلة ليبلغ 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي، في تحول تاريخي عن النهج الذي التزمت به لعقود.

اقرأ أيضًا| 9 ملفات على طاولة قمة مجموعة الـ7 في اليابان

اقرأ أيضًا| لماذا تكتسب مناورات «حافة الباسيفيك» أهمية خاصة هذا العام؟

ربما يعجبك أيضا