مساعٍ جديدة للمفوضية الأوروبية لتعزيز محاربة التطرف والإرهاب

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

تسعى المفوضية الأوروبية إلى تعزيز الرقابة على الحدود الخارجية للاتحاد، والتعاون بين الأجهزة الأمنية لحماية الدول الأعضاء، الحدود الخارجية والداخلية للدول الأعضاء.  كشفت المفوضية الأوروبية يوم التاسع من ديسمبر 2020، على هامش اجتماع وزراء الخارجية في بروكسل والتحضيرات لقمة المجلس الأوروبي لهذا اليوم، عن خطّتها الرامية إلى مكافحة الإرهاب على مختلف مستوياته، مؤكدة في الوقت نفسه أن الكشف عن المشتبه بهم من المنتسبين للحركات الإرهابية على حدود التكتّل يعتبر “أمرا بالغ الأهمية لضمان أمن المواطنين الأوروبيين”.  

أهم القضايا التي تناولتها خطة المفوضية هي: 

وكالة «فرونتكس» ـ مهام حماية الحدود الخارجية

تسعى  دول الاتحاد الأوروبي للعمل المشترك لاحتواء أكبر أزمة هجرة والتي باتت تهدد تماسكها وأمنها القومي، فبعد التدفق غير المسبوق لطالبي اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي خلال عام 2015 و 2016، انطلقت يوم 06 أكتوبر 2016 قوة أوروبية جديدة من حرس الحدود والسواحل تهدف إلى تأمين الحدود الخارجية لدول الاتحاد ومواجهة الهجرة غير الشرعية. 

السجل الجنائي

كشفت التحقيقات بأن نسبة كبيرة من المتورطين في عمليات إرهابية في أوربا أبرزها تفجيرات باريس نوفمبر 2016 وتفجيرات مطار بروكسل مارس 2016 وعمليات الذئاب المنفردة العديدة في باريس آخرها خلال شهر أكتوبر، عندما قام مهاجر تونسي غير شرعي بذبح قس في كنيسة مدينة نيس الفرنسية، بأنهم من أصحاب السوابق، ولهم سجل جنائي. 

وكالة «اليوروبول» لمكافحة الإرهاب

تعتبر  وكالة ”يوروبول” من أبرز الوكالات الأوروبية المعنية بتطبيق القوانين وحفظ الأمن في أوروبا عن طريق تقديم الدعم للدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي في مجالات مكافحة الجرائم الدولية الكبيرة والإرهاب، ويقع مقرها الرئيسي في لاهاي في هولندا، وتعمل بشكل وثيق مع أجهزة أمن دول الاتحاد الأوربي ودول من خارج الاتحاد منها أستراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية والنرويج، وتقدم خدمات إلى الوكالات الاستخباراتية لتجنب وقوع الجرائم وللتحقيق فيها في حالوقوعها ولتعقب وإلقاء القبض على مرتكبيها.

المقاتلون الأجانب

تنظر دول أوروبا إلى المقاتلين الأجانب باعتبارهم تهديدًا أمنيًا، وتعتقد أنه يمكن أن يكونوا خلايا نائمة تنفذ عمليات إرهابية بعد عودتهم كون أغلبهم مسلحين بمهارات عسكرية متطورة، ومدربين على الأمر الذي يجعل الهجمات المحتملة عند عودتهم أكثر فتكًا، مما يزيد من خطر الإرهاب المحلي.

إزالة «المحتوى المتطرف» على الإنترنت 

أعلنت دول الاتحاد الأوروبي في 13 نوفمبر 2020  إقرار تشريعات أوروبية من أجل إزالة “المحتوى المتطرف” على الإنترنت. وأكد الوزراء الأوروبيون أنهم عازمون على التوصل إلى نتائج “قبل نهاية العام 2020” للمفاوضات الجارية حاليا لاعتماد تشريع أوروبي يهدف إلى إزالة “المحتوى الإرهابي” عبر الإنترنت. وسعى الاتحاد الأوروبي لصياغة قواعد جديدة في 21 مايو 2020  يمكن أن تقيد غوغل وفيسبوك وأمازون وشركات تقنية أخرى.

تعزيز التعاون الأمني 

 نظرا لتنامي التهديدات والمخاطر الأمنية كالتطرف العنيف، الإرهاب، الهجرة غير الشرعية وجدت دول الاتحاد الأوروبي نفسها ملزمة بتكريس و تفعيل التعاون والتنسيق الأمني والاستخباراتي فيما بينها. يعتبر التعاون والتسيق الأمني داخل الاتحاد الأوروبي من بين أهم الأولويات التي رسمتها المفوضية الأوروبية، على اعتبار تزايد مخاطر التطرف الديني والأيديولوجي ومعضلة الهجرة غيرالشرعية والللجوء، وقامت المفوضية الأوروبية بجهود كبيرة في سبيل تكريس تعاون حقيقي وفعال بين دول الاتحاد الأوروبي.

إصلاح شنغن 

أكدت “إيلفا جوهانسون” مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية في 12 نوفمبر 2020 إن الاتحاد الأوروبي سيبدأ في تجديد نظام “شنغن”، مع طرح استراتيجية جديدة في غضون أشهر، كجزء من جهد أوسع لمكافحة الإرهاب. وأوضحت يجب أن يكون حرس الحدود والشرطة قادرين على التحقق من وثائق الهوية ضمن جميع أنظمة المعلومات ذات الصلة.

تقييم خطة المفوضية الأوروبية

ـ إن خطة المفوضية الوروبية لم تأت بجديد أبدًا، هي عرض ومراجعة لجملة الخطط والقوانين والتشريعات والإجراءات التي أصدرتها المفوضية الوروبية في وقت سابق، فلا يمكن اعتبارها خطة جديدة بقدر ما هي تعزيز ومراجعة للخطط السابقة.

ـ ركزت المفوضية الأوروبية على حماية الحدود الخارجية لدول الأتحاد في محاربة الإرهاب، ومنحتها الكثير من الاهتمام، وغابت عن المفوضية تسليط الضوء على “الإرهاب المحلي” لدول أوروبا من الداخل، ومعالجات التطرف والإرهاب من الداخل، وهذا يعتبر إخفاقًا في تشخيص مصادر التطرف والإرهاب والتهديدات التي باتت تمثل خطرا قائما على أمن أوروبا القومي.

كون أغلب العمليات التي شهدتها أوروبا هم من يتمتعون بالوضع القانوني أو حاصلون على الجنسية في دول أوروبا، لكن كانت العملية الإرهابية التي وقعت في نيس وراح ضحيتها  قس كنيسة نيس كانت استثناء.

ـ تتحدث المفوضية الأوروبية عن المقاتلين الأجانب، ولكن الدول الأعضاء لحد الآن لم تلتزم بتوصيات المفوضية التي تنص على ضرورة استعادة الدول الأعضاء مقاتليها الأجانب. إن ترك المقاتلين الأجانب في مناطق النزاع يعني تدوير هذه الجماعات من جديد داخل التنظيمات المتطرفة. وهذا يعني أن على دول أوروبا أن تحسم موقفها من عودة المقاتلين الأجانب، وخاصة أطفال وعائلات المقاتلين الأجانب، لأسباب قانونية وأخلاقية.

ـ نجحت أوروبا بتعزيز تعاونها الأمني من الداخل، وهناك ترسانة من القوانين والإجراءات، أبرزها :هيئة أركان عسكرية، مركز عمليات ، فرق عمل ثنائية، وحدات قضائية، نظام اليوروبول للمعلومات، نظام شنغن.

ـ ما زالت دول أوروبا تسعى إلى إيجاد تعديلات إلى فضاء شنغن ، بطلب من فرنسا ودعم ألمانيا وربما بعض الدول الأخرى، وهي “قضية” ممكن أن تشهد جدلا خلال المرحلة الحالية. التقديرات : إن فضاء الشينغن، يعتبر من القواعد الأساسية، لهذا الاتحاد التي تمنح حرية الحركة، للأفراد والبضائع، وإن مراقبة الحدود الداخلية، يعني ضربة كبيرة لهذا الاتحاد. بات متوقعا أن ترفض المفوضية الأوروبية جهود فرنسا وألمانيا بفرض رقابة على فضاء الشنغن، رغم أن فرنسا وبعض دول أوروبا، تفرض الرقابة على حدودها  .

ـ غياب التعاون الأمني مع دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، الأرهاب لم يعد محددًا في خارطة جغرافية، ولا توجد دولة بمأمن عن الإرهاب، ولذا بات ضروريا أن تتعاون المفوضية الأوروبية ودول أوروبا مع دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا من أجل تقديم الدعم لمحاربة الإرهاب والتطرف وإعادة البنى التحتية ومعالجة الجذور الحقيقية للتطرف والإرهاب الدافعة إلى الهجرة.

ـ تأتي خطة المفوضية الأوروبية، بالتزامن مع اجتماعات وزراء الخارجية لدول الاتحاد وانعقاد قمة مجلس أوروبا، الذي يركز موضوعه، تهديدات أنقرة لأمن أوروبا وحدودها الخارجية، واحتمالات فرض عقوبات اقتصادية، خطة المفوضية هذه أيضا تأتي بالوقت الذي تشهده فرنسا تحديات أمنية وسياسة شديدة في محاربة التطرف والإرهاب في أعقاب التهديدات الأمنية التي شهدتها خلال الشهرين الأخيرين.

يمكن اعتبار خطة المفوضية الأوروبية هي مراجعة وتعزيز إلى قوانينها وتشريعاتها السابقة.

ربما يعجبك أيضا