محلل سياسي لـ«رؤية»: أمريكا ليست مع حل الدولتين للقضية الفلسطينية

دعا وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى تهدئة الأوضاع بين الفلسطينين والإسرائيليين، خلال زيارته تل أبيب، أمس الاثنين 30 يناير 2023.

وحث بلينكن خلال زيارته، التي اتخذت إطارًا مختلفًا بحكم الأوضاع المفاجئة المشتعلة في القدس، الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، إلى عدم تأجيج التوترات، قائلًا إنه من مسؤولية الجميع اتخاذ تدابير لتخفيف التوترات بدلًا من تأجيجها.

بلينكن – إسرائيل – الولايات المتحدة – فلسطين

خطوات عاجلة

حسب الـبي بي سي، دعا بلينكن الطرفين إلى اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة الهدوء بين فلسطين وإسرائيل ونزع فتيل التصعيد بعد التوترات الأخيرة والاشتباكات المتصاعدة، التي جاءت عقب وقف فلسطين التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي وردها على العملية الدامية التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بمخيم جنين، الخميس 26 يناير الحالي.

وقد أسفرت تلك العملية عن سقوط 10 قتلى فلسطينيين. وقال بلينكن، إن بلاده تريد التأكد من وجود بيئة، يمكنهم فيها تهيئة الظروف لاستعادة الشعور بالأمن للفلسطينيين والإسرائيليين على السواء.

تهديد أمن إسرائيل

أضاف بلينكن خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عقب لقائهما في القدس، أن واشنطن ملتزمة بأمن إسرائيل والإسرائيليين، وهذا الالتزام لن يتغير أبدًا، مؤكدًا أن أي شيء يحول دون حل الدولتين، يضر بأمن إسرائيل على المدى الطويل.

وأشار وزير الخارجية الأمريكي، إلى أن الولايات المتحدة تتفق مع إسرائيل على أن إيران يجب أن لا تمتلك سلاحًا نوويًّا، في حين قال نتنياهو، إنه سيفعل كل شيء لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية.

إيران تؤرق إسرائيل والولايات المتحدة

بحسب فرانس 24، قال نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي، إن هذه الزيارة تأتي في وقت مهم جدًّا، فرأى المجتمع الدولي الوجه الحقيقي لإيران، الذي يقتل شعبه، والوجه الذي يُصدر التشدد خارج حدود إيران والشرق الأوسط.

بلينكن – إسرائيل – الولايات المتحدة – فلسطين

وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي أن إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحًا نوويًّا، مشيرًا إلى أن محادثاته مع بلينكن تركزت على

السياسة الخارجية الأمنية المشتركة من أجل إزالة المخاطر، والتي تتمثل في قيام إسرائيل بكل ما تملكه لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي، قائلاً أن هناك تعاون مع الولايات المتحدة لتحقيق هذا الأمر.

 ضرورة خفض التصعيد

من جهته، أشار وزير الخارجية الأمريكي إلى المشروع الذي روج له نتنياهو حول خطة الإصلاحات الخاصة بالمحكمة العليا الإسرائيلية، والتي تتمثل في تضييق صلاحياتها، داعيا إلى بناء توافق حول مقترحات جديدة، تجسد ديمقراطية قوية مع نظام عدالة مناسب للجميع.

وعقب لقاء نتنياهو، التقى بلينكن الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوج في القدس، وأعرب بلينكن عن قلقه إزاء تدهور الحالة الأمنية في الضفة الغربية المحتلة، وضرورة اتخاذ خطوات لخفض التصعيد، مشدداً على أن الإسرائيليين والفلسطينيين يستحقون المساواة في الشعور بالأمن والازدهار.

بلينكن يتوجه إلى فلسطين

ناقش بلينكن وهرتسوغ خلال اللقاء قضايا إقليمية وعالمية، بما في ذلك دور إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة والحرب الروسية الأوكرانية.

وتوجه بلينكن إلى رام الله في الضفة الغربية، الثلاثاء 31 يناير 2023، للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في آخر محطة له في جولته الشرق أوسطية التي بدأت في مصر يوم 29 يناير، واستمرت الجولة ثلاثة أيام، مرورا بتل أبيب، وصولاً إلى فلسطين.

واشنطن تملك الحل ولا ترغب في تنفيذه

قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور مختار غباشي، في تصريحات لـ”رؤية”، إن الولايات المتحدة تستطيع تهدئة الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في حال أدركت أن ما يجري سيفجر الوضع وفي حال توافرت الإرادة السياسية الأمريكية تجاه ذلك، متسائلًا: هل تمارس الإدارة الأمريكية الضغوط وصولًا إلى التهدئة أم لا؟

وأضاف غباشي: “هل تستجيب الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة المكونة من نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير للوصول إلى التهدئة”، مشيرًا إلى أن تحقيق التهدئة أمر ضروري ومطلوب والولايات المتحدة تملكه وباستطاعتها تنفيذه، لكنها لا ترغب في ذلك، لأنه ليس في مصلحة أمن إسرائيل، لذلك لا ترغب في حل الدولتين.

 مسؤولية العرب

قال غباشي إن الإدارة الأمريكية استخدمت حق النقض والفيتو لوقف أي قرار ضد إسرائيل على مدار 97 قرارًا من مجلس الأمن و96 قرارًا من مجلس حقوق الإنسان وأكثر من 300 قرار من الأمم المتحدة، وأن السبب الآخر لعدم رغبة الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل هو أن علاقتها بالعالم العربي بها خلل.

مختار غباشي

وأضاف غباشي أن العالم العربي يفصل علاقاته التجارية والاستثمارية والعسكرية عن القضية الفلسطينية وباقي القضايا، لذلك لم تحل أي قضايا، لأنه لا يوجد مجال للمساومة، وهذا أمر يسأل فيه العالم العربي بكامله.

الولايات المتحدة تخشى تطور الأوضاع في الشرق الأوسط

أشار غباشي إلى أن زيارة بلينكن كانت مرتبة من قبل تفجير الأوضاع في فلسطين، وتوجد زيارات أمريكية أخرى سبقت تلك الزيارة، منها زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، وقبله مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان.

وهذه الزيارات دلالة على أن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك خطورة ترك الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وانشغالها بالصراع داخل الساحة الأوكرانية.

واختتم بأن الولايات المتحدة أدركت أن ترك الأمور في المنطقة سيفتح لها بابًا هي ليست على استعداد للتعامل معه في الوقت الحالي، لذلك بدأت التدخل من خلال تلك الزيارات، ولكن في الواقع الولايات المتحدة الأمريكية تملك ضغطًا على إسرائيل لإثنائها عن أي تصرفات متهورة أو متطورة، ولكنها لا ترغب في ممارسته.