مخاطر مُحدقة وأثمان فادحة.. حرب إسرائيل وحزب الله «حتمية»

محمد النحاس

الهجوم على  أقوى وكلاء إيران ينطوي على خطر مواجهة مباشرة مع طهران، ومن المحتمل أن يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة قد يجر الولايات المتحدة إلى الصراع


في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل للتصدي لهجوم مُحتمل من إيران وحليفها حزب الله، يدور النقاش داخل إسرائيل عن ما إذا كان الوقت مواتيًّا لشن هجوم على الميليشيا اللبنانية، أو محاولة تهدئة الوضع لتفادي اندلاع حرب إقليمية شاملة.

من جانبها، تعمل الولايات المتحدة خلف الكواليس “بجد” لتجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب إقليمية، على حد وصف تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، ومن المتوقع أن ترسل إدارة بايدن وفدًا رفيع المستوى إلى المنطقة هذا الأسبوع لتعزيز مسار خفض التصعيد.

انقسام داخلي

داخل إسرائيل نجد الانقسام متزايد، إذ بعض المسؤولين مثل وزير الدفاع يوآف جالانت يرون أن الوقت قد حان لوقف إطلاق النار في غزة، والذي سيشمل إطلاق سراح الرهائن ويساعد على تهدئة التوترات على الحدود الشمالية، لتمكين الآلاف من الإسرائيليين النازحين هناك من العودة إلى منازلهم.

ورغم سياسته التصعيدية، وما يبدو أنه محاولة لعرقلة اتفاق الهدنة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه لا يريد الحرب، لكنه تعهد بـ”ثمن باهظ” ردًا على أي هجوم، وفق ما نقل التقرير المنشور في 14 أغسطس 2024.

لكن هناك أيضًا عدد متزايد من المسؤولين الأمنيين الحاليين والسابقين، فضلًا عن سياسيين من الوسط واليمين المتطرف، يعتقدون أن الوقت قد يكون مناسبًا لإسرائيل لاتباع نهج هجومي ضد حزب الله، الذي جمع أكثر من 100 ألف صاروخ ومسيّرات ومقذوفات أخرى على طول الحدود الشمالية لإسرائيل.

دعوة للحرب

القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي، الفرع العسكري المسؤول عن الدفاع عن الحدود مع لبنان، تدفع نحو اتباع نهج أكثر عدوانية ضد حزب الله، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين ينقل عنهم تقرير “وول ستريت جورنال”.

تنقل الصحيفة عن “أحد كبار المسؤولين الأمنيين في إسرائيل” قوله إن هجومًا غير متناسب (لطبيعة التصعيد الحالي) من حزب الله قد يقود إلى هجوم إسرائيلي يخلق “واقع جديد على الحدود الشمالية”، أما المسؤول الاستخباري السابق ورئيس شركة “ميد إسرائيل” المتخصصة في الاستشارات الأمنية، أموس يدلين، يقول إنه رغم أن حدوث صفقة ليس بالأمر المرجح في الوقت الحالي، إلا أنه الخيار الأفضل.

من الناحية الاستراتيجية، يعتقد يدلين أنه ينبغي لإسرائيل الانتظار حتى بعد هجوم من حزب الله لتكون لديها المبررات اللازمة لشن حملة سريعة وقوية يمكن أن تقضي على الحزب في غضون أيام أو أسابيع فيما تحظى الدولة العبرية بالدعم الأمريكي، ويزعم الخبير الأمني أن “حماس قد تم تدميرها”، لذلك “حان الوقت للانتقال إلى الشمال”، وداخل حكومة نتنياهو، يدعو وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتامار بن غفير إلى حرب مع حزب الله، كما فعل أعضاء في حزب ليكود اليميني الذي يقوده نتنياهو.

التيارات الوسطية

حتى السياسيون الوسطيون، مثل رئيس حزب الوحدة الوطنية بيني جانتس، دعوا إلى ضرب البنية التحتية اللبنانية، وهي خطوة هجومية من المحتمل أن تبدأ حربًا.

يعتقد المحللون الأمنيون والخبراء العسكريون أن الحرب بين إسرائيل وحزب الله، لطالما كانت أمرًا حتميًّا، وبالتالي فاشتعالها ليس سوى “مسألة وقت”.

وفي ظل توقع رد انتقامي من إيران وحزب الله على قتل القائد العسكري في الحزب، فؤاد شكر في بيروت، والزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، يبدو أن لدى إسرائيل المبرر لشن ضربة استباقية على الميليشا اللبنانية لتقويض قدراته لسنوات قادمة، وفق الصحيفة الأمريكية.

استعداد إسرائيلي

في الوقت الحالي، فإن القوات الإسرائيلية محتشدة على الحدود، كما أن الإسرائيليون مستعدون نفسيًا للحرب، والولايات المتحدة حركت أصولًا إلى المنطقة، بما في ذلك غواصة صواريخ موجهة.

وهناك أيضًا ضغط هائل على الحكومة لتوجيه ضربة لحزب الله حتى يتمكن 60 ألف إسرائيلي نازح من العودة إلى منازلهم، وفي مقابلة مع إذاعة عبرية هذا الأسبوع، قال يوآف كيش، وزير التربية عضو في ائتلاف نتنياهو: “لا أرى أي وسيلة لإعادة السكان إلى شمال إسرائيل دون حرب قوية ضد حزب الله في لبنان”.

ويرى أمير أفيف، النائب السابق لقائد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي، والذي يرأس حاليًّا منتدى الأمن والدفاع الإسرائيلي: “هناك فرق حاسم لدى الطرف الذي يهاجم أولًا”، أي أن اليد العليا ستكون للطرف الذي سيشرع في الهجوم.

مخاطر مُحدقة

ومع ذلك، بعد 10 أشهر من الحرب في غزة، يجادل البعض بأنه في الوقت الحالي قد يكون من الخطأ الانخراط في حرب أخرى؛ وجرّاء حرب غزة، فإن قوات الاحتياط مرهقة، فيما يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من مصاعب متعددة، وخفضت وكالة “فيتش” يوم الاثنين التصنيف الائتماني لإسرائيل، كما تحتاج دولة الاحتلال إلى تجديد مخزونها من الأسلحة.

الأخطر من ذلك، أن الهجوم على  أقوى وكلاء إيران ينطوي على خطر مواجهة مباشرة مع طهران، ومن المحتمل أن يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة قد يجر الولايات المتحدة إلى الصراع.

وفي مطلع الحرب الحالية، كانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية قد ذكرت أن جالانت قد دعا إلى هجوم إسرائيلي ضد لبنان مباشرة بعد 7 أكتوبر، لكن الرئيس بايدن نجح في إقناع الإسرائيليين بوقف هذه الخطط، ووفق الصحيفة الأمريكية، ستكون مثل هذه الحرب مدمرة للطرفين، فحزب الله أقرب إلى كونه “جيش مدجج بالسلاح” بدلًا من جماعة مسلحة تقليدية.

قدرات الحزب

يمتلك حزب الله كمية كافية من الصواريخ والمسيّرات لإغراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية وآلاف من قوات النخبة (سلاح المشاة) المدربين جيدًا لاقتحام الأراضي الإسرائيلية.

ومع احتمال وقوع إصابات بين المدنيين على الجانب الإسرائيلي، سيسعى جيش الاحتلال لإنهاء الحرب بأسرع ما يمكن من خلال حملة جوية قاسية تستهدف معاقل الحزب وقدراته التي تتواجد في القرى على طول الحدود الجنوبية، بالإضافة إلى البنية التحتية اللبنانية، وفقًا للمحللين الأمنيين.

وفق خبراء، من المُحتمل أن تُدمر إسرائيل القرى اللبنانية القريبة من إسرائيل وقد تعيد احتلال جنوب لبنان وتخلق منطقة عازلة جديدة، ويُذكر أن حزب الله، الذي صنفته الولايات المتحدة كجماعة إرهابية هو حليف رئيس لحماس، وتعهد بالاستمرار في القتال حتى تتوقف الحرب في غزة.

ربما يعجبك أيضا