مراكز أنشطة أجهزة الاستخبارات الإيرانية في الخارج

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

اتهم جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي إيران اليوم 29 مايو 2019 بالوقوف خلف الهجمات على ناقلات نفط قبالة ساحل الإمارات في وقت سابق هذا الشهر، مشيرا إلى أن بلاده تتحلى بالحكمة في الرد على أنشطة إيران ووكلائها في المنطقة.
وكانت الخارجية الإماراتية أكدت تعرض أربع سفن شحن تجارية مدنية من عدة جنسيات لعمليات تخريبية بالقرب من المياه الإقليمية للدولة، باتجاه الساحل الشرقي بالقرب من إمارة الفجيرة وفي المياه الاقتصادية لدولة الإمارات.

وتعتبرالسفارات الأيرانية وقنصلياتها وبعثاتها الحكومية في الخارج، مراكز أنشطة الى أجهزة الاستخبارات، وهذا أمر طبيعي لدى جميع الدول، لذا ممكن أن نطلق تسمية على محطات أجهزة الاستخبارات في الخارج والتي تتخذ من السفارات والهيئات الرسمية مقرا لها ب “المحطات الشرعية”، أي شرعنة التجسس تحت غطاء دبلوماسي أو حكومي. وتدير محطات وزارة المخابرات في الخارج، مجموعة من شبكات التجسس تحت أغطية مراسلين أو لاجئين أو أعضاء سابقين للفصائل المعارضة في الخارج.

استخبارات إيران ـ محطات غير شرعية

استخباريا أصبح متعارف أيضا على تسمية محطات غير شرعية، وهي جميع المقرات التي تتخذها الحكومات بالتجسس وجمع المعلومات في الخارج بدون غطاء رسمي، أي لا تكون تحت غطاء رسمي حكومي، لكن بالتاكيد في عمل الاستخبارات لا يوجد نشاط استخباري بدون “غطاء شرعي”، فكثيرًا ما تكون واجهات للعمل الاستخباري في الخارج وحتى في الداخل خلف واجهات، منها شركات تجارية، أو أعمال حرة، الى جانب مهمة الصحافة والإعلام التي أصبحت من أكثر الأغطية مناسبة إلى أجهزة الاستخبارات خاصة الاستخبارات الغربية.

وأهم ما يميز أجهزة الاستخبارات الإيرانية، أنها دائما تحاول نقل المواجهة خارج أراضيها، وهذا ما يجعل دول وسط آسيا وأوراسيا، ربما من أفضل الدول لأنشطة أجهزة الاستخبارات الإيرانية، إلى جانب ثقلها الاستخباري والسياسي والاقتصادي في العراق.
وصعدت إيران وتيرة دعمها العسكري والمالي واللوجستي لميليشيات الحوثي في اليمن وميليشيات حزب الله في لبنان المنتشرة في سوريا وكذلك في العراق .

وتعتمد الاستخبارات الإيرانية من خلال المتابعة والرصد إلى أنشطتها خاصة في الخارج، على النشاط بالوكالة، باستخدام الميليشيات أو عناصر تم تجنيدها من جنسيات أخرى، أكثر من تنفيذ تلك العمليات مباشرة من قبل عناصر أجهزتها الاستخبارية، لكن هذه المعادلة تغيرت كثيرا منذ عام 2018، وذلك مع تصعيد العقوبات الأمريكية ضد إيران وكذلك تشديد الرقابة على نشاط الاستخبارات الإيرانية في أوروبا، وهذا ما كان سببا في وضع دول أوروبا، اجهزة الاستخبارات الإيرانية وبضمنها الحرس الثوري على قائمة الإرهاب، بعد ان تورط سفارات إيران بتنفيذ عمليات تجسس واغتيالات ضد المعارضة الإيرامنية خلال عام 2018.

مهام الاستخبارات الإيرانية لمواجهة العقوبات الأمريكية

في وقت الأزمات والحروب، تعيد أجهزة الاستخبارات جدولة أعمالها وأولياتها، وفقا لحاجات الأمن القومي، وهذا يعني أنها ممكن أن تتخلى عن أنشطتها التقليدية وتعيد تنظيم خطتها من جديد، وهذا ما يستدعي أيضا استحداث مديريات ووحدات وشعب جديدة تتماشى مع التحديات.

وهنا يبرز العامل الاقتصادي، رغم وجود الاقتصاد والتكنولوجيا ضمن مهمة الاستخبارات، واشتهرت به الاستخبارات الصينية، وحتى دول أوروبا التي تعمل ضمن سقف الاتحاد الأوروبي، هي تتجسس بعضها على بعض للحصول على التكنولوجيا والابتكارات.

وفي العودة إلى الاستخبارات الإيرانية، فإن المهام الافتراضية، يعني أنها تقوم بما يلي:

ـ تسويق النفط الخام بشكل غير شرعي عن طريق التهريب

ـ شراء التقنيات الحديثة بما يتعلق بالملف النووي وتخصيب اليورانيوم

ـ الحصول على قطع الغيار، ذات الاستخدامات المزدوجة، لصناعة الصواريخ والأسلحة

ـ إنشاء شركات جديدة خارج إيران مهمتها الحصول على العملة الصعبة، هذه الشركات في الغالب تدار من قبل ضباط مخابراتها مباشرة أو من خلال عملاء يعملون إلى إيران، وفي الغالب يكونون من الجنسية الإيرانية أكثر من جنسية دولة ثالثة.

ـ إيجاد قنوات اتصال سرية مع الولايات المتحدة خصوصًا، على المستوى السياسي، دائمًا يكلف بها السفراء والدبلوماسيون، يستغلون المناسبات العامة في الخارج والاعياد الوطنية، إلى جانب أنشطة محطة الاستخبارات بالتقرب من شخصيات أمريكية، محاولة من إيران بإيجاد قنوات اتصال مع الولايات المتحدة.

ـ تكثيف جهود الاستخبارات بتنفيذ عمليات إرهابية ضد المصالح الأمريكية وحلفائها.

الخلاصة

تبقى الاستخبارات الإيرانية، تعتمد على تعدد أذرعها، وبالتالي هي تراهن، على الجماعات المسلحة، الميليشيات الموالية لها، بتنفيذ عمليات إرهابية ضد المصالح الأمريكية وحليفاتها. إن جلوس إيران حول طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، ليس مستبعد، رغم رد وزارة الخارجية الإيرانية، هذا اليوم 29 مايو 2019، على تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب، التي أكد فيها أنه منفتح على مفاوضات جديدة مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي، إن بلاده لا ترى أي فرصة للتفاوض مع الولايات المتحدة.

يدار النظام الإيراني بالاعتماد على “المؤسسات” الثورية والمرشد الأعلى هو من يتخذ القرار وترجيح كفة تلك المنظمات الثورية، في إدارة الأزمات.

والملفات أهمها وزارة الخارجية والاستخبارات والأمن. ويعتبر الحرس الثوري وفيلق القدس تحديدا المسؤول عن إدارة ودعم الحركات والميليشيات في الخارج خاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفي دول اخرى. الاستخبارات الإيرانية ممكن توزيعها ما بين استخبارات الحرس الثوري وفيلق القدس، أما الاستخبارات الحكومية فتبقى هي من يمثل وجهة نظر أو سياسة الدولة الإيرانية.

إن وجود شخص علي خامنئي كمرشد يعني ترجيح كفة فيلق القدس كونه يمثل “النخبة الحاكمة” في إيران، وبوفاته، من المرجح أن يحدث تغييرًا ملحوظًا في نمط السياسة الخارجية والاستخبارات.

ما يتوجب عمله، هو تشديد حكومات دول المنطقة، وكذلك بقية الدول، بتشديد الرقابة على عمل سفارة إيران في الخارج وشركاتها التجارية، والتي تعتبر في الغالب مراكز انطلاق عمليانتها باستهداف مصالح دول المنطقة والغرب، خلال فترة تشديد العقوبات الأمريكية .

ربما يعجبك أيضا