مراكز بحثية تسأل: لماذا تغير سلوك الرئيس الروسي بوتين؟

آية سيد

يرى الخبراء والمحللون أن الحرب الروسية-الأوكرانية سيكون لها تأثيرات ممتدة على القارة الأوروبية والعالم, ويجب التحرك لإنهائها في أقرب وقت.


قبل نحو عشرة أيام من الآن، وتحديدًا فجر يوم الخميس 24 فبراير الماضي 2022 اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية.

ومنذ ذلك الحين يتابع العالم الحرب الروسية الأوكرانبة وتطوراتها. وفيما يلي عرض سريع لأبرز ما جاء في أهم مراكز الأبحاث عن تداعيات الأزمة الأوكرانية وتبعاتها على دول العالم كافة.

كيف نفهم تهديدات بوتين النووية؟

رغم إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن وضع قوات الردع النووية في حالة تأهب قصوى الأسبوع الماضي، فإن تقريرًا للمجلس الأطلسي، نُشر في 4 مارس الحالي 2022، رأى أنه لا توجد إشارات على أن القوات النووية في حالة تأهب بالفعل. وذكر التقرير أن الهدف من هذا القرار هو إخبار الولايات المتحدة والناتو والغرب بالتوقف عن دعم أوكرانيا، أو المخاطرة بعواقب لا يمكن تخيلها على نحو واسع.

وحذر التقرير من أنه إذا وجد بوتين نفسه في وضع بائس في أثناء الحرب فقد يفكر في استخدام الأسلحة النووية منخفضة القوة في ميدان المعركة بأوكرانيا لتعويض خسائره فيها. ولهذا ينبغي على واشنطن وضع خطة لردع هذا النوع من الهجوم بالتشاور مع حلفاء الناتو. لكن في هذه المرحلة المبكرة من الحرب هذا التأهب النووي الروسي مجرد خدعة متقنة تهدف إلى إخافة الولايات المتحدة وحلفائها.

لماذا تغيَّر سلوك بوتين في 2022؟

قال المحلل السياسي والأكاديمي ألكسندر كروثر، في تحليل نُشر 4 مارس 2022 على موقع مركز تحليل السياسات الأوروبية “بوتين منذ توليه السلطة كان يتجنب أي اتهامات بانتهاك القانون الدولي، لكن حربه على أوكرانيا في 2022 أشارت إلى تغيير كبير في سلوكه. هذا التغيير نتيجة للأحقاد القديمة والإحباط من أن العالم الآن تجاهل المظالم الروسية بسبب انهيار الاتحاد السوفييتي وتوسع الناتو شرقًا”.

ولفت الكاتب إلى أن قرار الحرب على أوكرانيا هو أسوأ قرار اتخذه بوتين، مضيفًا: “يجب أن نقلق الآن من أن يضغط على الزناد النووي”. وبحسب الكاتب فإن قرار الحرب ينطوي على ثلاثة أخطاء: الاستخفاف بالأوكرانيين والمبالغة في تقدير الجيش الروسي وتجاهل الإرادة السياسية للمجتمع الدولي. وأوضح أيضًا أن هذه قد تكون بداية النهاية لبوتين، وحتى يحدث هذا نواجه وقتًا صعبًا في بناء وسائل ردع له”.

ماذا يتعيَّن على الولايات المتحدة أن تفعل؟

قال مدير مركز أليسون للسياسة الخارجية بمؤسسة هيرتيج الأمريكية الباحث لوك كوفي في تقرير 4 مارس 2022 إنه يجب أن تصبح أولوية أمريكا هي ضمان أن تدفع روسيا ثمنًا باهظًا لحربها على أوكرانيا. وأوضح أنه ينبغي على الولايات المتحدة فعل التالي: أولًا ضمان النقل الحر وغير المقيد للأسلحة والذخيرة وغيرها من الإمدادات لأوكرانيا، ويشمل ذلك التدفق المتواصل للمعلومات الاستخباراتية وغيرها.

ثانيًا توسيع نطاق وامتداد العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد روسيا. ثالثًا تكرار هذه العقوبات مع بيلاروسيا وأي دولة تساعد موسكو. رابعًا مصادرة الأصول المجمدة لتسليح أوكرانيا ودعمها. خامسًا العمل مع أعضاء الناتو لإقامة منشآت تدريب في دول الناتو الأخرى للقوات الأوكرانية. سادسًا تخفيف تأثير اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا الشرقية. سايعًا بدء التخطيط لنهج جديد تجاه أمن الطاقة وإمدادات الوقود.

الدروس المستفادة من الحرب الروسية الأوكرانية

قال الباحث في برنامج الأمن الدولي بمركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأمريكي جون شاوس في تقرير 4 مارس 2022 “توجد أربعة دروس يمكن استخلاصها من الصراع الحالي، في حين تبدأ الحكومات في التفكير في الصراعات التي قد تأتي لاحقًا. الأول هو أن التحالفات مهمة. وأوضح الكاتب أن من الأسباب الرئيسة التي جعلت أوكرانيا تصمد هو التنسيق بين أمريكا وحلفائها لتأخير روسيا عن أهدافها.

والدرس الثاني هو أن القيادة مهمة مثلما أظهرت القيادة القوية في أوكرانيا وحفزت العالم على الوقوف ضد الحرب غير المبررة، بالإضافة إلى قيادة الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن حلف الناتو، في تنسيق الجهود الدبلوماسية لتوحيد دعم الائتلاف لأوكرانيا. والدرس الثالث هو أن الوحدة مهمة. والدرس الأخير هو الاستعداد للأمور المستقبلية لمنع حدوث كارثة مشابهة في تايوان.

هل ينتهي تهديد بوتين للناتو؟

قال الخبير في الأمن القومي والسياسة الخارجية بمؤسسة هيرتيج جيمس كارافانو، في تقرير بتاريخ 4 مارس 2022 إنه “بغض النظر عن نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية فسوف تظل دولة روسيا تهديدًا ما دام الرئيس بوتين في السلطة، لذلك يجب على دول حلف الناتو الاستعداد لمواجهة أي انتشار للمشكلات من الشرق الأوسط أو إيران أو الصين. حتى يستطيع إحكام سيطرته وحماية أراضي حلفائه.

وأوضح الكاتب أن بوتين يمكنه تهديد الناتو لسببين، هما التهديد بجيشه وابتزاز أوروبا بالطاقة. ولهذا يجب تفعيل سياسات طاقة مسؤولة ورفع الإنفاق الدفاعي وتعزيز القدرات الدفاعية. وذكر الكاتب أن ثلاثة أعضاء في حلف الناتو لديهم أسلحة نووية، هم بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وينبغي عليهم تحديث ترساناتهم وإثبات استعدادها لمهمة مد الردع النووي إلى كل شبر من أراضي الناتو.

متى تنتهي الحرب؟

ذكر تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية بتاريخ 4 مارس 2022 للباحث الأمريكي بنجامين جينسين أنه بحسب تحليل بيانات “برنامج بيانات الصراع في أوبسالا” الخاصة بمؤشرات ومواقيت إنهاء الصراع منذ 1946 يتبين أن 26% من الحروب بين الدول مثل أوكرانيا تنتهي في أقل من 30 يومًا وأن 25% تنتهي في أقل من عام. والحروب التي تنتهي في غضون شهر تستمر في المتوسط 8 أيام.

وأضاف “44% من تلك الحروب تنتهي باتفاقية لوقف إطلاق النار. وعندما تستمر أكثر من عام تمتد لأكثر من عقد وتؤدي إلى اشتباكات متفرقة. كما لفت الكاتب أيضا إلى أن وقت الدبلوماسية قد حان، لأنه كلما طالت مدة الحرب في ظل غياب تنازلات من كلا الطرفين زاد احتمال تصعيدها إلى صراع طويل الأمد. وأشار إلى أن أزمة اللاجئين الأوكرانيين سوف تنمو ويموت المزيد من المدنيين العزّل وغيرهم.

 

ربما يعجبك أيضا