«مرشد السالكين».. ابن عطاء الله السكندري

محمود سعيد

اشتهر بن عطاء الله السكندري بمجموعة حكم تدعو لتزكية النفس أوردها في كتابه الحكم العطائية


يعد ابن عطاء الله السكندري من أهم فقهاء المالكيّة والصوفيّة الذين لم ينتشر علمهم في الديار المصريّة والشاميّة فقط وإنما تعداهما ليصل إلى مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

وكتب الإمام الذهبي في “سير أعلام النبلاء” عنه قائلّا: “كان له جلالة عجيبة ووقع في النفوس ومشاركة في الفضائل، ورأيت الشيخ تاج الدين الفارقي لما رجع من مصر معظّمًا لوعظه وإشارته، وكان يتكلم بالجامع الأزهر فوق كرسي بكلام يروح النفوس، ومزج كلام القوم بآثار السلف وفنون العلم فكثر أتباعه وكانت عليه سيما الخير”.

حياة ابن عطاء الله

هو أحمد بن محمد بن عبدالكريم بن عطاء الله تاج الدين أبو الفضل الإسكندراني الشاذلي، درس علوم الفسير والحديث  والفقه والتصوّف، والنحو والبلاغة، والأصول والبيان وغيرها، على يد الشيخ ناصر الدين بن المنير.

وتلقى علم الكلام والفلسفة على يد الشيخ شمس الدين الأصفهانى، كذلك صحب أبا العبّاس المرسي وصار من خواص أصحابه بعد أن كان من المنكرين عليه، ولازمه 12 عامًا فأخذ عنه كلام الصوفيّة وآثار السلف.

وقال ابن عطاء:”أتيت إلى مجلس أبى العباس، فوجدته يتكلم في الأنفاس التي أمر الشارع بها، وعلمت أن الرجل إنما يغترف من فيض بحر إلهي، ومدد رباني، فأذهب الله ما كان عندي”، واستقر بعدها فى الأزهر يدرّس الفقه والتصوف.

الحكم العطائية ومؤلفاته الأخرى

اشتهر بن عطاء الله السكندري بمجموعة حكم تدعو لتزكية النفس أوردها في كتابه الحكم العطائية وعددها 264، وتعتبر خلاصة علمه وتجربته في الحياة، ومن كلماته: “من أشرقت بدايته أشرقت نهايته”.

وترجمت الحكم العطائية إلى لغات عدة، وحظيت بانتشار كبير في العالم الإسلامي، ومن مؤلفاته الأخرى، “التنوير فى إسقاط التدبير”، و”تاج العروس الحاوى لتهذيب النفوس”، و”مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح” و”القول المجرد فى الاسم المفرد”.

وفاة ابن عطاء الله

توفي ابن عطاء الله سنة 709هجريًّا فى القاهرة، ودفن في خلوته التي كان يتعبد فيها في مقبرة بجبل المقطم، لا تزال موجودة حتى الآن في منطقة الأباجيّة، كما أن خلوته كانت نفسها خلوة شيخ الأزهر السابق، عبدالحليم محمود، الذي سعى لبناء مسجد باسم عطاء الله السكندري بجانب قبره، وبجوار خلوة السيدة نفيسة رضى الله عنها، ونجح في ذلك، وما يميز المسجد عن غيره أنه يضم على جدرانه الحكم العطائية بجانب الآيات قرآنية وهو أمر فريد.

وقال الإمام الشعراني عن ابن عطاء الله في طبقاته:”هو الزاهد المذكر، الكبير القدر، تلميذ الشيخ ياقوت، وقبله تلميذ الشيخ أبى العباس المرسى، كان ينفع الناس بإشاراته، ولكلامه حلاوة في النفوس، وجلالة”. وقال عنه الحافظ ابن حجر في كتابه “الدرر الكامنة”: “وهو ممن قام على الشيخ تقي الدين ابن تيمية فبالغ في ذلك، وكان يتكلم على الناس وله في ذلك تصانيف عديدة ومات بالمدرسة المنصورية كهلاً، وكانت جنازته حافلة”.

من الحكم العطائية

“لا يخاف عليك أن تلتبس الطرق عليك، إنما يخاف عليك من غلبة الهوى عليك”.

“لا مسافة بينك وبينه حتى تطويها رحلتك، ولا قطيعة بينك وبينه حتى تمحوها وصلتك”.

“قوت الأرواح والقلوب ذكر الله علاّم الغيوب”.

“إن شرف العلوم على قدر شرف المعلوم ولا شيء أشرف من الحق وطلبه”.

“من مدحك فإنما مدح مواهب الله عندك، فالفضل لمن منحك لا لمن مدحك”.

“من عبده لشيء يرجوه منه، أو ليدفع ورود العقوبة عنه، فما قام بحق أوصافه”.

“مَتى أَوْحَشَكَ مِنْ خَلْقِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُريدُ أَنْ يَفْتَحَ لَكَ بابَ الأُنْسِ بهِ”.

“متى أطْلَقَ لسانَكَ بالطَّلبِ؛ فاعْلَمْ أنَّه يُريدُ أنْ يُعطيَكَ.”

ربما يعجبك أيضا