مرصد مراكز الأبحاث| الردع الموسع.. والدفاع الصاروخي الأوروبي.. وخطاب حالة الاتحاد

آية سيد
مرصد مراكز الأبحاث

يستعرض مرصد مراكز الأبحاث تعزيز التزامات الردع الموسع تجاه كوريا الجنوبية، ومبادرة ألمانيا لتعزيز الدفاع الصاروخي الأوروبي، وسيناريوهات الحرب الأوكرانية في 2023.


تسعى الولايات المتحدة لتعزيز التزامات الردع الموسع لتهدئة مخاوف حلفائها في آسيا.

ويسلط مرصد مراكز الأبحاث الضوء على كيفية تعزيز التزامات الردع الموسع تجاه كوريا الجنوبية، وكيفية موازنة العلاقات الأمريكية الصينية، والمبادرة الألمانية لتعزيز الدفاع الصاروخي الأوروبي، وخطاب حالة الاتحاد الأمريكي.

خطوات مستقبلية لمشاورات الردع الموسع

مرصد مراكز الأبحاثنشر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تحليلًا لنائبة مدير مشروع القضايا النووية بالمركز، كيلسي هارتيجان، تناولت فيه أهمية تعزيز التزامات الردع الموسع الأمريكي تجاه كوريا الجنوبية، خاصة بعد تصريحات الرئيس يون سوك يول عن احتمالية تطوير سيول لأسلحة نووية.

وأشارت الباحثة إلى التقدم الذي حققه وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في زيارته إلى كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي بهدف تعزيز هذه الالتزامات، لكنها ذكرت بعض الخطوات التي يجب أن تتخذها الإدارة الأمريكية للحفاظ على الزخم.

تدريبات المحاكاة

الخطوة الأولى، وفق هارتيجان، هي تطوير خطة متعددة السنوات لدمج المزيد من تدريبات المحاكاة والمباحثات المبنية على السيناريوهات في المشاورات، ولا يجب أن تقتصر هذه السيناريوهات على الردود على استخدام كوريا الشمالية لسلاح نووي تكتيكي.

لكنها يجب أن تتضمن سيناريوهات “العدوان الانتهازي” الأكثر تعقيدًا، التي تبحث قيود التنسيق والموارد إذا شنت كوريا الشمالية هجومًا وسط حالة الطوارئ في تايوان.

مراجعة تصنيفية

ذكرت الباحثة أن الخطوة الثانية هي إجراء وزارة الدفاع الأمريكي (البنتاجون) لمراجعة تصنيفية، وتكليف مكتب وزير الدفاع، وهيئة الأركان المشتركة، والقيادة الاستراتيجية الأمريكية بمراجعة الخطط الأمريكية وتقديم توصيات بما يمكن إصداره لحلفاء الولايات المتحدة.

والخطوة الثالثة هي استحداث دليل مشترك لإدارة الأزمات، الذي يوضح بالتفصيل نهج كل دولة تجاه صنع القرار والدور الذي سيلعبه النظراء قبل وأثناء الأزمة. أما الخطوة الرابعة فهي الاستعداد بنحو أفضل لسيناريوهات الانتشار النووي المستقبلية.

ولفتت هارتيجان إلى أن الولايات المتحدة تفتقر للخبرة وأطر العمل اللازمة للتعامل مع الانتشار النووي للحلفاء. لذلك، يجب على مجلس الأمن القومي تشكيل فريق من المحترفين لتقديم التفاصيل عن تداعيات هذا القرار وتوضيح الخيارات واستراتيجية التواصل للإدارة.

الدفاع الصاروخي الأوروبي

مرصد مراكز الأبحاثنشر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية تحليلًا للباحث في مجال الطيران العسكري، دوجلاس باري، ومدير قسم التحليل الدفاعي والعسكري، باستيان جيجريتش، يتناولان فيه مبادرة ألمانيا للدفاع الجوي والصاروخي لأوروبا، المعروفة بـ”مبادرة درع السماء الأوروبية”.

وانطلقت المبادرة رسميًا في أكتوبر 2022، على هامش اجتماع لوزراء دفاع حلف شمال الأطلنطي (ناتو)، وتضم حتى الآن 16 عضوًا. وتهدف المبادرة إلى تحسين قدرة أوروبا على مواجهة التهديدات الجوية والصاروخية، لكن العقبة التي تقف في طريق تحقيق هذا الهدف هي مسار المشتريات.

نهج الشراء

يوضح الباحثان في تحليلهما أن النهج الأساسي للمبادرة هو الشراء المشترك والتشغيل الجماعي، ما يخفض التكاليف على الدول المشاركة ويحسن التشغيل البيني، نظريًا. إلا أنه ليس من الواضح ما ستشتريه الدول بالتحديد.

ويذكر التحليل أن ألمانيا تفضل منظومة “آرو 3” الإسرائيلية للاشتباك مع الصواريخ الباليستية، ومنظومة “إم آي إم 104 باتريوت” الأمريكية كقدرة تكميلية، وستقدم منظومة “إيريس تي” الألمانية طبقة حماية داخلية إضافية لبرلين.

الصناعات الدفاعية الأوروبية

تُعد المبادرة محاولة لمعالجة نقص الترابط الأوروبي في ما يتعلق بتحسين الدفاع الجوي والصاروخي، لكنها في الوقت ذاته تتعارض مع أهداف الاتحاد الأوروبي المعلنة الخاصة بتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية لأوروبا وتطوير القدرات السيادية، لكن قد يكون من الضروري التخلي عن هذه الطموحات لتلبية الاحتياجات التشغيلية.

وحسب التحليل، تستطيع “إم بي دي إيه”، أكبر مُصنّع أوروبي للصواريخ، الاستفادة كموقع تصنيع مرخص لمنظومات “باتريوت”، كما أن خارطة الطريق الموقعة بين رايثيون الأمريكية و”إم بي دي إيه ألمانيا” في 2022 تشير إلى القدرة على تزويد مشغلي “باتريوت” الآخرين في أنحاء أوروبا.

خطاب حالة الاتحاد والوحدة العابرة للأطلنطي

مرصد مراكز الأبحاثألقى بعض الخبراء في معهد تشاتام هاوس الضوء على أهم ما جاء في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس، جو بايدن، الأسبوع الماضي، وما يعنيه لمؤتمر ميونيخ للأمن. وقال أستاذ السياسة الدولية في كلية فليتشر بجامعة تافتس الأمريكية، دانيال دريزنر، إنه يجب التركيز على التجارة والاقتصاد في المؤتمر المقبل.

بينما قالت مديرة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين، ليزلي فينجاموري، إن الخطاب ركز على الوحدة بين الحزبين في عدة أمور، لكنه لم يتحدث كثيرًا عن الصين صراحةً.

الانقسام بشأن الصين

لفتت فينجاموري إلى أن بايدن يبحث عن الوحدة تجاه الصين، مثلما حدث مع أوكرانيا، وأن الولايات المتحدة ستبدأ في التركيز على الأمور الأقل إلحاحًا، لكن التي تمثل تحديات مهمة، مثل الصين.

وبينما تخدم حادثة المنطاد في توحيد موقف الحزبين في الكونجرس الأمريكي، ليس من المؤكد أن تفعل الشيء نفسه مع أوروبا، التي تواجه مصاعب اقتصادية ومن المحتمل أن تشن الصين حملة لكسب الود في أنحاء القارة. وحذرت فينجاموري من أن الانقسام بشأن الصين باهظ التكلفة، لذلك يجب تنسيق السياسات واتباع نهج براجماتي للتعاون.

التحديات الأمنية في الشرق الأوسط

وفق الباحثة ونائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سانام فاكيل، توجد 3 تحديات تثير القلق في أمريكا، وأوروبا وبريطانيا، وتتمثل في برنامج إيران النووي، وتصدير المسيرات لدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، ورد الفعل العنيف تجاه الاحتجاجات في إيران.

هذه التحديات المتداخلة تكشف غياب الاستراتيجية الأوسع تجاه إيران وعدم منح الأولوية لأمن الشرق الأوسط لدى الشركاء العابرين للأطلنطي. وحسب فاكيل، كان هذا واضحًا في خطاب حالة الاتحاد، الذي لم يذكر المنطقة للمرة الأولى منذ عقود.

ولذلك يوفر مؤتمر ميونيخ للأمن المقبل فرصة مطلوبة بشدة للمجتمع العابر للأطلنطي للاتفاق على الخطوات التالية والردود السياسية متعددة الأطراف تجاه طهران.

اجتماع بايدن ولولا

مرصد مراكز الأبحاثاستقبل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، نظيره البرازيلي، لولا دا سيلفا، في البيت الأبيض، الجمعة الماضية 10 فبراير 2023. وفي هذا السياق، استعرضت الباحثة، كارولين أركالجي، أهم نتائج الاجتماع، في تقرير نشره المجلس الأطلنطي.

وفي الاجتماع، اقترح لولا إنشاء صندوق عالمي جديد للاستدامة، الذي سيخصص الأموال من الدول المتقدمة للجهود المستدامة في جميع أنحاء العالم. ولفتت أركالجي إلى وجود استعداد أمريكي للمساهمة في صندوق الأمازون الحالي، إلى جانب النرويج وألمانيا، لحماية غابات الأمازون.

واقترح لولا أيضًا أن يصبح وسيطًا للسلام في أوكرانيا، عبر تكوين “مجموعة من الدول غير المتورطة في الحرب، بنحو مباشر أو غير مباشر، لكي تجد طريقًا لتحقيق السلام”. ولفت إلى الحاجة إلى إصلاح مجلس الأمن حتى يصبح أكثر تمثيلًا للديناميكيات الجيوسياسية الحالية.

حادثة المنطاد وموازنة العلاقات الأمريكية-الصينية

مرصد مراكز الأبحاثقال المستشار والخبير في السياسة الاقتصادية الصينية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، سكوت كينيدي، إن العلاقات الأمريكية الصينية تواجه تحديات كبرى، وتحتاج الولايات المتحدة إلى أن تكون مستعدة للتعامل معها والاستفادة من الفرص غير المتوقعة.

وأشار كينيدي إلى أن حادثة المنطاد الصيني تخدم كاختبار لقدرة الولايات المتحدة على تطبيق سياسة خارجية مدروسة في وجه أكبر تحدياتها الاستراتيجية.

كيفية الرد على الاختراق الصيني

لفت كينيدي إلى أهمية تقييم مبدأين مهمين لمعرفة كيفية الرد على وجود المنطاد الصيني فوق الأراضي الأمريكية. الأول هو تجنب المخاطرة الأخلاقية وعدم السماح للصين بالإفلات من العقوبة والاستنكار على سلوكها الذي يهدد الأمن القومي الأمريكي، لأن المنطاد كان جزءًا من برنامج استخباراتي أوسع، حسب الباحث.

والمبدأ الثاني هو الحفاظ على التواصل مع القوى العظمى الأخرى، الذي يشير إلى أهمية المشاركة في حوار منتظم وموسع مع الصين حول مجموعة من القضايا الاقتصادية، والسياسية والأمنية.

أهمية الحوار

ساعدت أزمة مضيق تايوان، التي اندلعت الصيف الماضي بسبب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة، نانسي بيلوسي، في تغيير موقف إدارة جو بايدن لصالح توسيع الحوار مع الصين لتجنب الصراع العسكري المباشر.

وفي خطاب حالة الاتحاد، أعاد بايدن التأكيد على هذا النهج، الذي يشمل “العمل مع الصين حيثما أتاح ذلك تعزيز المصالح الأمريكية وتحقيق المنفعة للعالم”. وقال الباحث الأمريكي إن جهود الصين لجمع الاستخبارات وانتهاك السيادة الأمريكية، وتطوير آليات لمنع الأزمات المستقبلية، يجب أن يصبحوا أول موضوع في الاجتماعات بين مسؤولي البلدين.

وشدد كينيدي على أهمية تحديد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى بكين بنهاية فبراير، للاستفادة من نافذة توسيع التواصل، التي انفتحت في الخريف الماضي. وكذلك يجب أن تسهل الحكومتان استئناف العلاقات على مستوى الشعوب التي ستكون عنصرًا حيويًا لبناء حواجز لحماية هذه العلاقة.

سيناريوهات الحرب الروسية الأوكرانية في 2023

مرصد مراكز الأبحاثطرح الباحث المتخصص في شؤون أوروبا الشرقية وروسيا بالمركز الأوروبي للعلاقات الخارجية، جوستاف جريسل، السيناريوهات المتوقعة لمسار الحرب في 2023. وقال جريسل إن روسيا شنت حرب استنزاف، منذ إبريل 2022، أملًا في القضاء على موارد كييف واستسلامها، أو انهيار مقاومتها العسكرية.

وتوقع الباحث السياسي أن يستمر الروس في هذه الاستراتيجية، مستبعدًا التكهنات بشن هجوم جديد من الأراضي البيلاروسية، على الأقل خلال فصلي الشتاء والربيع من هذا العام. وأشار إلى أن بيلاروسيا ستخدم كأرض للمناورات والتدريب للقوات الروسية، خلال الربع الأول من العام الحالي.

مرونة روسية

بينما تصارع القوات المسلحة الروسية مع عدة مشكلات، أظهرت صناعتها الدفاعية مرونة ملحوظة، حسب جريسل، لأن قدرة إنتاج صواريخ كروز ارتفعت خلال الحرب، برغم العقوبات، كما تواصل موسكو إنتاج المنظومات التقليدية الرخيصة.

وتوقع جريسل أن تحافظ روسيا على وضعها الهجومي حتى بداية الصيف، وفي تلك المرحلة من المرجح أن تتراجع قوتها القتالية مجددًا، لذلك، يتعين أن تبدأ موجة تعبئة جديدة بنهاية الشتاء.

وضع القوات الأوكرانية

ستتعرض أوكرانيا لضغط شديد لصد الهجمات الروسية الجديدة في النصف الأول من 2023، وفق جريسل. ومن المستبعد أن تستطيع شن هجوم مضاد واسع النطاق، لأن قواتها المسلحة تفتقر لوسائل شن هجوم مباشر على القوات الروسية.

لكنها تتدبر أمرها بالنيران غير المباشرة، مثل المدفعية والصواريخ، لإضعاف الخطوط الروسية ثم مهاجمتها بقوات خفيفة. وقال جريسل إنه إذا جرى تعزيز إمدادات العربات القتالية البرية الثقيلة من الغرب، سيصبح الهجوم المضاد الأوكراني مرجحًا في النصف الثاني من العام.

ولفت الباحث إلى أن أكبر قيد يواجه الجانب الأوكراني هو غياب توافر قطع الغيار والذخيرة للمنظومات السوفيتية. كما أن أعداد المنظومات الغربية التي وعد بها داعمو أوكرانيا لا تزال منخفضة.

لا نهاية.. لا جمود

استبعد جريسل أن تنتهي الحرب في 2023، واقترح سيناريوهين في هذا الصدد. السيناريو الإيجابي هو أن تُلحق أوكرانيا خسائر فادحة بروسيا، ما يتسبب في تراجع الآلة الحربية لموسكو. والسيناريو السلبي هو أن تدحر روسيا الأوكرانيين في دونباس، ما يقلل من إمكانات الجيش الأوكراني ويحبط معنوياته.

لكن في جميع الحالات، لن يصل الصراع إلى مرحلة الجمود، وفق جريسل، لأن الرئيس الروسي مهتم بالانتصار الكامل ولن يرضى بأقل من هذا، كما أن عناده الذي ظهر في منع أي مفاوضات جادة أقنع واشنطن وحلفائها بأن أوكرانيا يجب ألا تخسر.

إلا أن هذا الرأي ليس موحدًا في التحالف الغربي، ومن المرجح أن تستمر الاختلافات في الرأي بشأن خاتمة الحرب، والاستراتيجية التي ينبغي اتباعها، وأولويات المساعدات التي يتعين اختيارها.

ربما يعجبك أيضا