مركز السادات بيجين للدراسات الاستراتيجية | هل ستكون جولة وزير الخارجية الروسي في الخليج العربي حافزًا للعلاقات الأمريكية السعودية؟

مترجمو رؤية

رؤية

ترجمة – بسام عباس

بينما يشرع وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” في زيارة تستغرق أربعة أيام إلى منطقة الخليج العربي، يكافح قادة الشرق الأوسط إما للسيطرة على إعادة تقييم “جو بايدن” لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة، أو التعبير عن رفضهم التكيف مع نهج الرئيس الأمريكي.

ولن يتوقف لافروف” في اسطنبول أو القدس، حيث تأتي زيارته إلى المنطقة في وقت لا يزال فيه الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” ينتظر مكالمة هاتفية من بايدن، فيما تقول إسرائيل إنها ربما لن تشارك مع الجهود الأمريكية لإحياء الاتفاقية الدولية لعام 2015 التي حدت من برنامج إيران النووي، ومن المحتمل أن تعمل من تلقاء نفسها لمواجهة الطموحات النووية الإيرانية.

ومن المؤكد أن لافروف يريد الاستفادة من محاولة بايدن الخروج من أقفاص الشرق الأوسط، وسط تصورات بأن إعادة تقييم العلاقات الأمريكية مع المملكة العربية السعودية، وتأخر المكالمات الهاتفية، تشير إلى أن الولايات المتحدة تقلل من أهمية الشرق الأوسط في استراتيجيتها العالمية، كما أنها تقلل من التزاماتها الأمنية، وتزيد من احتمالية التفكير في الانسحاب من المنطقة.

وليس هناك شك في أن الولايات المتحدة تريد إعادة هيكلة التزاماتها من خلال زيادة تقاسم الأعباء والتعاون الإقليمي، ولكن من غير المرجح أن تتخلى عن الشرق الأوسط كليًّا.

ويمكن أن تكون الاستراتيجية طويلة المدى نتيجة غير مقصودة، ولكنها مفيدة لقناعة الإدارة بأن معالجة حالات الطوارئ المحلية مثل الوباء والأزمة الاقتصادية وكذلك إصلاح العلاقات مع حلفاء أمريكا التقليديين في أوروبا وآسيا هي شرط أساسي لاستعادة تأثير الولايات المتحدة ونفوذها التي دمرها الرئيس السابق “دونالد ترامب”.

وإذا كان الأمر كذلك، فقد يقوم لافروف عن غير قصد بتقديم خدمة لإدارة بايدن من خلال محاولة استغلال ضوء النهار المتصور بين الولايات المتحدة وحلفائها لدفع خطة روسية لإعادة بناء الهيكلة أمنية.

وتتصور هذه الخطة عقد مؤتمر أمني شرق أوسطي على غرار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، واتفاق عدم اعتداء إقليمي تضمنه الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند.

ومن خلال ذلك، سيعمل لافروف على تمهيد الأرضية للنقاش حول مفهوم ناقشه المسؤولون الأمريكيون بأشكال مختلفة في نقاط مختلفة، حيث تحتفظ الولايات المتحدة التي تقوم بترتيب منزلها لكي تستعيد مكانتها المهيمنة باعتبار أن القوة العسكرية هي العمود الفقري لبنية أمنية جديدة.

كما أن خطوته هذه سيعيد إلى الوطن النقطة التي مفادها أنه لا روسيا ولا الصين راغبة أو قادرة على استبدال الولايات المتحدة، وأن دول الشرق الأوسط من المرجح أن تستفيد أكثر من البنية التي تسمح لها بتنويع علاقاتها، وربما لعب أحدهما ضد الآخر.

ولا يزال الوقت مبكرًا، ولكن السعودية أصرت على “أن الشراكة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية هي شراكة قوية ودائمة” على الرغم من أنها قد رفضت في نفس البيان تقرير الاستخبارات الأمريكية باعتباره “سلبي وكاذب وغير مقبول”.

وفي الوقت الحالي، تبدو المملكة العربية السعودية مصممة على مواجهة الرياح القوية في البيت الأبيض وكذلك في الكونجرس بدلاً من الاندفاع إلى موسكو وبكين لإعادة تنظيم علاقاتها الجيوسياسية والأمنية.

ومن أجل القيام بذلك، وسعت المملكة، في الفترة التي سبقت إصدار التقرير، علاقاتها العامة وحملتها الضاغطة للتركيز على ما وراء سياسات واشنطن في “بيلتواي”.

ويبدو أن الحملة مصممة لخلق تعاطف شعبي مع السعودية في جميع أنحاء الولايات المتحدة والتي من شأنها أن تنتقل من الناخبين إلى أعضاء الكونجرس.

وقال “فهد الناظر”، المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن: “نحن ندرك أن الأمريكيين خارج واشنطن مهتمون بالتطورات في المملكة العربية السعودية والعديد منهم، بما في ذلك مجتمع الأعمال والمؤسسات الأكاديمية وجماعات المجتمع المدني المختلفة، حريصون على الحفاظ على علاقات طويلة الأمد مع المملكة أو تطوير علاقات جديدة”.

وتُظهر الإحصاءات أن الشركات التي تمارس الضغط نيابة عن المملكة العربية السعودية أفادت بأن نصف اتصالاتها للضغط التي يبلغ عددها 2000 في العام الماضي كانت مع أفراد وجماعات خارج واشنطن.

ومن خلال العمل مع الشركات المحلية والإقليمية خارج العاصمة الأمريكية، بما في ذلك مجموعة “لارسون شاناهان سليفكا” في ولاية أيوا، ومقاولوها من الباطن في ولاية ماين وجورجيا ونورث كارولينا، وغيرها من الولايات الأمريكية، اتصلت جماعات الضغط السعودية بغرف التجارة المحلية ووسائل الإعلام والجماعات النسائية، والجماعات الدينية، بما في ذلك المعابد اليهودية.

وقد وزّعت جماعات الضغط مواد تروج للفوائد التي تعود على النساء في الرياضة والقطاعات الأخرى من الإصلاحات الاجتماعية التي قادها الأمير محمد بن سلمان في بلد كان يمنع النساء من قيادة السيارة قبل ثلاث سنوات.

ومن غير المرجح أن يردع التركيز السعودي “لافروف” عن بيع المعدات العسكرية الروسية خلال جولته في الخليج، بما في ذلك نظام الدفاع الصاروخي S-400 الذي أعربت المملكة العربية السعودية عن اهتمامها قبل فترة طويلة من الانتخابات الأمريكية التي أدخلت بايدن إلى البيت الأبيض.

ومع ذلك، لم تذهب المملكة بعيدًا وراء مصلحتها حتى الآن، وحتى إذا فعلت ذلك خلال زيارة لافروف هذا الأسبوع، فإن هذا سيكون بمثابة دليل على ما إذا كانت المملكة العربية السعودية ستتجه نحو روسيا والصين بطريقة تلفت الانتباه.

ولكن، حتى الآن يبدو أن المحللين الأمريكيين لا يكترثون بالأمر، فقد قال مسئول الاستخبارات الأمريكية السابق “بول بيلار”، المتخصص في شئون الشرق الأوسط: “إن جاذبية التعامل مع الولايات المتحدة ستبقى دون تشفير، كما هو الحال بالنسبة للخيارات السعودية فيما يتعلق بشراء الأسلحة، وذلك نظرًا لأن دفاعاتهم قائمة إلى حد كبير على المعدات الأمريكية”.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا