مساجد بلا أئمة في الأردن وعزوف عن علم الشريعة

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق
 
عمّان – في محافظة الزرقاء ثالث أكبر مدينة أردنية على بعد “نحو 20 كم” من شمال شرق العاصمة عمّان، 600 مسجد، منها حوالي 475 مسجدًا بلا أئمة، في ظل عزوف الشباب عن دراسة علوم الشريعة الإسلامية.
 
والحديث عن نقص الأئمة في الأردن ليس جديدًا لكنه يتنامي، بفعل استمرار بناء العشرات من المساجد سنويا، إذ تشير الأرقام الرسمية، إلى وجود ما يزيد عن  6500 مسجد في جميع المحافظات الأردنية في حين أن عدد الأئمة المتفرغين رسميا لا يفوق 1900 إمام.
 
تقدم وزارة الأوقاف الأردنية سنويا، حوافز كثيرة ومتنوعة تصل إلى كفالة كاملة للراغبين بدراسة علوم الشريعة الإسلامية، في محاولة منها لمواجهة هذه المعضلة التي باتت تؤرق السلطات، التي تخشى أن يعلو المنابر أناس على غير علم بأصول الدين وسماحة شريعته. 
 
لكن رغم هذه الحوافز يقول مسؤول بوزارة الأوقاف لـ “رؤية” إن عزوف الشباب عن دراسة علوم الشريعة سيد الموقف، حتى إن عدد الراغبين يقل كل عام عما سابقه.
 
 وبحسب المسؤول فإن الوزارة تستعيض بهذا النقص من خلال الإمامة بمكافأة مالية ونظام الفرض الواحد (ثلاثة فروض الفجر والمغرب والعشاء) وذلك بعد تقييم لمن يرغب في الإمامة.
 
 وعندما أعلنت الحكومة الأردنية قبل نحو عامين خطتها الشمولية لمكافحة التطرف والإرهاب، كان الجانب الديني وتطوير الخطابة إضافة لتأهيل أئمة المساجد على سلم أولوياتها.
 
لماذا العزوف عن دراسة الشريعة؟
 
مؤخرا أصدرت منظمة حقوقية أردنية، تقريرا سلطت الضوء فيه على ما يعاني أئمة المساجد من ضائقة مالية وتردي في الأحوال المعيشية، في إشارة إلى التقصير الرسمي الحكومي تجاههم وعدم إنصافهم.
 
وطالبت المنظمة بحسب في تقريرها الذي حصلت ” رؤية ” على نسخة منه، بتعديل أنظمة بناء المساجد بحيث تضم مادة تشير الى ضرورة التحقق الهندسي من إمكانية بناء السكن إلى جانب المسجد وليس أسفله.
 
وحمل التقرير الذي أعده وأصدره المرصد العمالي الأردني عنوان” ظروف عمل أئمة المساجد في الأردن.. اهتمامات رسمية باتجاهات متعارضة”.
 
واعتبر التقرير أن “الاهتمام الحكومي بما يحدث في المساجد لم ينعكس على تحسين ظروف الأئمة المعيشية، حيث انصب الاهتمام فقط على فتح قنوات الاتصال معهم لتوجيههم في ما يقولونه، لكن لم يعر أحد اهتماما للوضع المعيشي المتردي الذي يرزح تحته الأئمة”.
 
ووفق التقرير يتعرض أئمة المساجد “لظروف عمل غير لائقة، حيث تظهر فجوات في طريقة إدارة وزارة الأوقاف لهذا الملف، من حيث إصرارها على تقييد الأئمة، وعدم الاكتراث بتحسين ظروف عملهم”.
 
ومع ذلك، فإنه وبحسب أرقام وزارة الأوقاف، يوجد عشرات المساجد قيد البناء، لا يمكن في ظل النقص الحاد للأئمة والراغبين بدراسة العلوم الشرعية تأمين أئمة لها.
 
وحتى الأئمة والوعاظ ممن هم على رأس عملهم لدى الوزارة، فإنهم يشكون انخفاض الأجور، إضافة لإجبارهم على البقاء في مكان العمل لساعات طويلة جدا مرتبطة بأوقات الصلاة”.
 
كما أن العلاوات التي يتقاضونها زهيدة للغاية وليست دائمة، ناهيك عن رواتبهم المتدنية أصلا.
 
وسلط التقرير الحقوقي الضوء على الحالة المعيشية التي يحياها أئمة المساجد، حتى أن بعض الأئمة وصفوا مساكنهم بأنها لا تصلح للعيش البشري، وبعضها أشبه بسراديب تحت الأرض لا تصلها أشعة الشمس.

ربما يعجبك أيضا