مشكلة خطيرة.. كيف تتعامل الهند مع ارتفاع درجات الحرارة؟

كيف تتعامل الهند مع ارتفاع درجات الحرارة؟

محمد النحاس

لا تزال الهند تتصارع مع الفقر على نطاق واسع، حيث تنفق المليارات لتحديث وسائل النقل والبنية التحتية الحضرية، في حين تواجه تحديات طويلة الأمد لتحسين مستويات المعيشة، وتأتي مشكلة المناخ لتفاقم من سوء الموقف.


تواجه الهند تحديات خطيرة وجدية تتعلق بالمناخ وارتفاع درجات الحرارة على مدار السنوات القادمة، وما لذلك من تداعيات تطال مناحي الحياة كافة.  

وفي يونيو الماضي، تجاوزت الحرارة 40 درجة مئوية، في الهند البلد الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، ما أدى إلى إغلاق المدارس وإتلاف المحاصيل والضغط على إمدادات الطاقة، حسب ما ذكر تقرير نشرته شبكة سي إن إن الأمريكية الإخبارية. 

تحدٍ خطير

ذكر تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية، مع حلول عام 2050، ستصبح الهند من بين الأماكن الأولى التي تتجاوز فيها درجات الحرارة ما يعرف بـ “حدود البقاء”، وفقًا لخبراء المناخ. 

وخلال هذا الإطار الزمني (حتى عام 2050) من المتوقع أيضًا أن يرتفع الطلب على مكيفات الهواء في البلاد 9 أضعاف، متجاوزًا جميع الأجهزة الأخرى، وفقًا لتقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية، نقله تقرير الشبكة الأمريكية المنشور 6 يناير 2024. 

ويبلغ تعداد السكان في الهند نحو 1.4 مليار نسمة، المفارقة أنه كلما أصبحت الهند أكثر حرارة، وأكثر ثراءً، زاد عدد المواطنين الذين يستخدمون مكيفات الهواء، وكلما زاد استخدامهم للتكييف، ارتفعت درجات الحرارة أكثر فأكثر. 

المعضلة الهندية

سنويًا، تطلق الهند، وفق التقرير، ما يقرب من 2.4 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون وفق البيانات التي يجمعها الاتحاد الأوروبي، وتساهم بنحو 7% من الانبعاثات العالمية.

 في المقابل، تتسبب الولايات المتحدة في 13% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، على الرغم من أنها تضم ربع عدد سكان الهند، وبحسب التقرير، يثير هذا سؤالاً حول العدالة مفاده: هل ينبغي لشعوب الدول النامية أن تتحمل تكاليف خفض الانبعاثات، على الرغم من كونها من بين الدول الأقل مسؤولية عن ارتفاع مستويات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي؟

حسب التقرير، لا تزال قطاعات واسعة من سكان الهند تعتمد على مكيفات الهواء من أجل صحتهم، وتظل المناطق الجنوبية الأكثر استوائية في البلاد حارة طوال العام، وعلى مدار العقود الـ 5 الماضية، وفقًا لدراسة أجريت عام 2021 عن الطقس المتطرف في مجلة ويزر آند كليميت إكستريمز، شهدت البلاد أكثر من 700 موجة حر أودت بحياة أكثر من 17000 شخص.

معاناة السكان

في شهر يونيو الماضي، ارتفعت درجات الحرارة في بعض أجزاء البلاد إلى 47 درجة مئوية، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 44 شخصًا وإصابة المئات بأمراض مرتبطة بالحرارة، وبحلول عام 2030، قد تحوي الهند 34 مليونًا مواطنًا، من أصل 80 مليونًا من المتوقع أن يفقدوا وظائفهم على مستوى العالم بسبب الإجهاد الحراري، وفقًا لتقرير البنك الدولي في ديسمبر 2022.

وهذا يعرض ملايين الأشخاص للخطر في بلد يعمل فيه أكثر من 50٪ من القوى العاملة في الزراعة، ومع ارتفاع الدخل بشكل مطرد، وفي الوقت الذي يرتفع فيه عدد سكان المدن، زادت ملكية أجهزة تكييف الهواء بمعدل ملحوظ.

وزاد استهلاك الكهرباء في الهند المرتبط بالتبريد، الذي يشمل مكيفات الهواء والثلاجات، بنسبة 21% بين عامي 2019 و2022، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية وبحلول عام 2050، سيتجاوز إجمالي الطلب على الكهرباء في الهند من مكيفات الهواء السكنية إجمالي استهلاك الكهرباء في جميع أنحاء إفريقيا اليوم، ما يؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ العالمية.

ارتفاع درجات الحرارة عالميًا

تشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) إلى أن انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بتكييف الهواء – إذا لم يتم كبح جماحها – يمكن أن تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة العالمية بما يصل إلى 0.5 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن.

ولا تزال الهند تتصارع مع الفقر على نطاق واسع، حيث تنفق المليارات لتحديث وسائل النقل والبنية التحتية الحضرية، في حين تواجه تحديات طويلة الأمد لتحسين مستويات المعيشة، ويرى خبراء إن الحد من الانبعاثات المرتبطة بالتبريد قد يُنظر إليه على أنه عائق محتمل أمام النمو الاقتصادي للبلاد.

وتعهدت الهند بخفض الطلب على الطاقة لأغراض التبريد بنسبة 20-25% بحلول عام 2038 بموجب خطة عمل التبريد الخاصة بها والتي تم الإعلان عنها في عام 2019، مع الاستمرار في التركيز على تطوير وتنفيذ حلول فعالة من حيث التكلفة تتماشى مع أهدافها الاقتصادية.

ربما يعجبك أيضا