مشهد معقد لاحتجاجات بيرو.. رفض تعجيل الانتخابات وسياح عالقون

مع تصاعد الاحتجاجات الداعمة للرئيس البيروفي المعزول، بيدرو كاستيلو، تبدو الأمور أكثر تعقيدًا مع رفض البرلمان تقديم موعد الانتخابات الرئاسية.

ولا تزال الدولة الواقعة بأمريكا الجنوبية تعيش على وقع مشهد سياسي مُعقّد، منذ مطلع ديسمبر الحالي، تفاقم على إثره الاحتجاجات التي تجاوز عدد قتلاها الـ20، فأين وصلت الأحداث حتى اللحظة؟

رفض تقديم الانتخابات

اجتمع البرلمان البيروفي، أول من أمس الجمعة 16 ديسمبر 2022، وصوّت على مشروع قانون تقدمت به رئيسة البلاد المؤقتة، دينا بولواريتي، تضمن تقديم موعد الانتخابات العامة ليكون في العام 2024، بدلًا من 2026.

لكن مشروع القرار لم يحظَ بالقبول، وصوّت 49 دعمًا للقرار، و33 بالرفض، وامتنع 25 عن التصويت، في حين يتطلب إقرار القانون المُقترح موافقة 87 عضوًا، وفقًا لما جاء في تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

مقاومة التغيير

قال أستاذ القانون الدستوري في الجامعة البابوية الكاثوليكية البيروفية، عمر كايرو، إن “المشرعين يرفضون التغيير، ولم يفهموا بعد مطالب الشعب برفضهم تقديم الانتخابات” مُبديًا أسفه: “سيبقوا إذن في مناصبهم لعام 2026”.

وردًا على مطالبات بإعادة التصويت، أعلن البرلمان أن النظر في مشروع القانون مُعلق حتى اللحظة، في ظل تفاقم الغضب الشعبي، وتواصل الاحتجاجات المؤيدة للرئيس. ووصل عدد القتلى نتيجة الصدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن إلى 20 قتيلًا، وأُصيب ما لا يقل عن 340 شخصًا، حسب ما أعلنه مكتب أمين المظالم في بيرو.

استمرار الاحتجاجات وسيّاح عالقون

نتج عن الاحتجاجات المستمرة منذ ما يزيد على أسبوعين، قطع شبكات السكة الحديد وتوقف القطارات، ما أدى لتعليق رحلات مئات السياح، الذين أصبحوا غير قادرين على العودة إلى بلادهم. وتقطّعت السبل بقرابة 300 سائح من جميع أنحاء العالم في مدينة ماتشو بيتشو القديمة، وفقًا لعمدة المدينة.

في حين أعلنت وزارة النقل، أول من أمس الجمعة، أن الرحلات الجوية استؤنفت من مطار أليخاندرو فيلاسكو أستيتي الدولي في مدينة كوسكو بعد تعليقها مؤقتًا وسط احتجاجات. ولا تزال العمليات من وإلى مطار ألفريدو رودريجيز بالون الدولي في مدينة أريكويبا معلّقة.

لماذا قدمت الرئاسة الاقتراح؟

في محاولة لتهدئة المظاهرات الغاضبة، قالت الرئيسة البروفية الجديدة إنها مستعدة لتقديم موعد الانتخابات، وقدمت طلبًا بذلك للبرلمان، مشددةً على انفتاحها على القوى السياسية كافة، ومبديةً استعدادها للحوار.

وتولّت بورلوارتي منصب الرئيس بعد عزل كاستيلو، وأعلنت تشكيل حكومة جديدة، مطلع الأسبوع الماضي، وتعد الرئيسة الجديدة سادس رئيس للبلاد، على مدار 5 سنوات، لم يتمكن خلالها أيّ ممن تولوّا المنصب من إتمام فترتهم، في ظل اضطرابات سياسية واجتماعية تشهدها البلاد.

لماذا عزل البرلمان كاستيلو؟

يوم الأربعاء 7 ديسمبر 2022، أعلن كاستيلو حلَّ الكونجرس، غير أن الخطوة شهدت رفضًا واسعًا، واستقال عددٌ من وزرائه، ورفضت المحكمة الدستورية العُليا محاولة “قلب نظام الحكم”، وأدان الجيش ما وصفه بانتهاك الدستور.

وعلى إثر ذلك، انعقد البرلمان وصوّت على عزل الرئيس من منصبه، وفي حين كان كاستيلو في طريقه للسفارة المكسيكيّة لطلب اللجوء، اعتقلته الشرطة. ويواجه الرئيس المعزول تهمًا بالفساد، وسيقبع، وفق المحكمة الدستورية العليا، خلف القضبان قيد الحبس الاحتياطي 18 شهرًا، حتى تبت المحكمة في أمره.

كيف ينظر الجمهور للكونجرس؟

وفقًا لشبكة “سي إن إن”، ينظر النُّقاد إلى المشرعين داخل البرلمان على أنهم يفتقرون إلى خبرة الممارسة السياسة، في حين ينظر الجمهور للهيئة التشريعية بعين الريبة.

ولا يوافق 84% من البيروفيين على أداء البرلمان، ويرون أنَّ أعضاءه لا يسعون فقط خلف مصالحهم، بل يرتبطون كذلك بممارسات سياسية فاسدة، حسب استطلاعٍ أجراه مركز “آي إي بي”، في سبتمبر الماضي.