مصر تعزز مخزون السلع الأساسية.. إنشاء مخازن عملاقة ومروجو الشائعات يمتنعون

عاطف عبداللطيف

هدى إسماعيل

تجتاح أزمة كورونا الأخضر واليابس في جميع دول العالم، ومع توقف حركة التجارة أصبح لزاما على الدول أن تتعامل مع مواردها الداخلية وسد وتأمين احتياجاتها بشتى الطرق الممكنة، لذا أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية أنها تبحث إنشاء مخازن استراتيجية عملاقة للسلع الأساسية بما في ذلك القمح في سبع محافظات بتكلفة تصل إلى 21 مليار جنيه مصري.

يقول وزير التموين “علي المصيلحي”: “إن هذه المخازن يمكن أن تعزز مخزون مصر من السلع الأساسية كاللحوم والدواجن والقمح لتغطية ثمانية إلى تسعة أشهر مقارنة بالمستويات الحالية التي تغطي أربعة إلى ستة أشهر”.

وأضاف: “الوزارة تعمل على تنفيذ تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي لزيادة المخزون الاستراتيجي بعد تفشي كورونا”.

يذكر أن الرئيس السيسي دعا الشهر الماضي، إلى زيادة المخزونات في مصر، وذلك بعد تفشي فيروس كورونا المستجد، الأمر الذي دفع المصيلحي إلى الإعلان عن استيراد القمح في وقت الحصاد المحلي، وهي خطوة غير معتادة.

مجرد شائعات

 منذ أيام انتشر في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء بشأن وجود عجز بالمخزون الاستراتيجي للدقيق في مصر.

وقام المركز الإعلامي لمجلس الوزراء بالتواصل مع وزارة التموين والتجارة الداخلية، والتي نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لا صحة لوجود عجز بالمخزون الاستراتيجي لأي سلعة من السلع الغذائية سواء الدقيق أو غيرها، موضحةً أن المخزون الاستراتيجي من القمح المُخصص لإنتاج الدقيق آمن تماماً ويكفي حاجة المستهلكين لمدة تتجاوز 4 أشهر، مُشددةً على شن حملات تفتيشية على الأسواق لمنع أي تلاعب أو ممارسات احتكارية.

اعتمادات مالية

خلال مطلع الشهر الجاري أعلن الدكتور “مصطفى مدبولي” رئيس مجلس الوزراء المصري، أن مصر تستهدف زيادة مخزوناتها الاستراتيجية من جميع السلع الغذائية الأساسية إلى ما يكفي استهلاك 6 أشهر.

وكان وزير المالية في مصر الدكتور محمد معيط قد قال: إن الحكومة حريصة أيضاً على توفير السلع الاستراتيجية والغذائية للمصريين ودعم القطاعات الخدمية المتضررة من تداعيات فيروس كورونا المستجد.

وأكد أنه تم تدبير الاعتمادات المالية اللازمة لهيئة السلع التموينية، لاستيراد مليون و٦٠٠ ألف طن قمح، وإتاحة ١٥ مليار جنيه فوراً لشراء ٣,٥ مليون طن من القمح المحلي.

الأمن الغذائي بخير

يقول الدكتور”سيد خليفة” نقيب الزراعيين، إن الأمن الغذائي في العالم في ظل انتشار فيروس كورونا تأثر بشكل كبير، مشيرا إلى أن بعض الدول التي أصابها الفيروس، تأثرت وظهر ذلك على تهافت الناس لشراء المواد الغذائية على محلات بيعها، مؤكدا على أن تهافت الناس على شراء السلع غير مبرر، وأن زراعة الأرز في فيتنام تأثرت، وفرنسا تأثرت بشكل كبير حتى أن محاصيل العنب هناك معرضة للتلف، لكن مصر لديها مخزون ضخم من الأرز والقمح وتنتج الخضر والفاكهة بما يزيد عن استهلاكها وتصدر الفائض.

وأضاف نقيب الزراعيين-خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى، ببرنامج “على مسؤوليتي” الذي يذاع على قناة صدى البلد- أن هولندا انخفض تصديرها للجبن وبعض المنتجات الأخرى كالأزهار التي تعرض 80% منها للتلف بسبب وقف التصدير والركود، مشيرا أن الأمن الغذائي في مصر متوازن، فمنذ 2014 أسست مصر قاعدة للأمن الغذائي ببناء صوب زراعية ضخمة وأكبر مزارع سمكية ومزارع الإنتاج الحيواني ومصانع للتصنيع الغذائي ومصنع للأسمدة الفوسفاتية.

وأوضح أن مصر حتى 2014 كانت لا تستطيع أن تخزن أكثر من 3 أشهر، ومع إنشاء الصوامع الضخمة تمكنت مصر من تخزين كميات ضخمة من السلع والمخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية.

وأشار إلى أن مصر لديها مخزون استراتيجي ضخم من الأرز والقمح، مؤكدا أن القمح الخاص بالخبز مؤمن في الصوامع المصرية لمدة 4 أشهر قادمة، وبالنسبة لقصب السكر فإن مصر تزرع بزيادة 110 أفدنة عن العام الماضي ولذلك فلا يوجد أي أزمة في السكر.

موسم القمح

أوضح “حسين أبوصدام” نقيب الفلاحين، أن موسم القمح هذا العام سيكون الأعلى إنتاجية لزياد المساحات المزروعة من القمح، كما أن مصر من أعلى الدول على مستوى العالم في مستوى إنتاجية الوحدة المزورعة من القمح واحتلالها المركز الخامس عالميًا في هذا المجال لما تتميز به من مناخ مناسب، هذا بالإضافة إلى خلو هذا الموسم من أمراض الصدأ والأمراض الأخرى.

يذكر أن الإنتاج هذا العام سيكون أكثر من العام الماضي، حيث بلغت المساحة المنزرعة من القمح ٣.٤ مليون فدان مقارنة بـ ٣.١ مليون فدان العام الماضي، لذا يعد محصول هذا العام عامل أمان غذائى لمصر فى ظل انتشار فيروس كورونا وتوقف حركة التجارة.

أزمة عالمية

ذكرت مجلة “فورن بوليسي” الأمريكية أن تفشى فيروس كورونا أجبر دول العالم على تسخير كافة مواردها وطاقتها في سبيل مكافحة انتشار العدوى وسد العجز في المستلزمات الطبية، في حين تلوح في الأفق أزمة غذاء عالمية لا تقل خطورة عن أزمة الفيروس المستجد، وأوضحت المجلة -في سياق تقرير بثته على موقعها الإلكتروني- أن حالة الذعر التي صاحبت الإعلان عن انتشار الفيروس وتحوله سريعًا إلى جائحة تضرب اقتصادات العالم فرضت على الدول حتمية وضع قيود على التبادلات التجارية والحفاظ على مخزونها الاستراتيجي من السلع والموارد الغذائية، ومن ثم تقويض حركة سلاسل التوريد العالمية.

وأشارت إلى أن الوضع حاليًا يشبه إلى حد كبير ما حدث إبان ذروة الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨، حيث تسببت مخاوف المصدريين حيال القيود الموضوعة على التصدير إلى موجة ارتفاع عالمية في أسعار الغذاء، فيما عمدت الدول إلى تكديس مشترياتها من المواد الغذائية، ما تسبب في مزيد من ارتفاع الأسعار.

وأضافت أن القيود التجارية المفروضة حاليًا بجانب حالة الذعر الغالبة على تحركات الجميع لن تسهم سوى في مفاقمة الأزمة وربما ما هو أبعد من ذلك بكثير عبر تعطيل سلاسل التوريد العالمية.

وبخلاف الأزمات الغذائية التي عايشها العالم في السابق، رأت مجلة” فورن بوليسي” أن الأزمة في عصر كورونا ستكون أشد وطأة، نظرًا لأنها مقترنة بقيود غير مسبوقة على حركة السفر والنقل بشكل عام.

ربما يعجبك أيضا