مصر وأمير الإنسانية.. محطات تاريخية من التعاون والدعم

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – امتازت العلاقات المصرية الكويتية على مدار أكثر من قرن من الزمان بـ”الود والهدوء”، إلا أنها في فترة حكم أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي وافته المنية، اليوم الثلاثاء؛ عن عمر ناهز الـ91 عاما؛ كانت أكثر قوة وترابطًا رغم التغييرات السياسية التي عاشتها مصر منذ بداية عام 2011، وحتى وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى منصب رئيس مصر.
الدعم الكويتى لمصر بعد ثورة ٣٠ يونيو

في ظل القيادة السياسية للرئيس المصري عبدالفقتاح السيسي، لم يتغير الموقف الكويتي تجاه مصر، بل إنه ازداد قوة، فتوالت الزيارات بين قادة البلدين، فالرئيس المصري زار الكويت 3 مرات، وتحديدا عام 2015، تبعها بزيارة أخرى في عام 2017، وآخرها الزيارة البارزة التي حدثت في 2019 لعقد “القمة الكويتية المصرية”.

وتشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات الكويتية الحكومية والخاصة في مصر شهدت نموا، بشكل مطرد خلال الآونة الأخيرة، حيث تبوأت الكويت المرتبة الرابعة ضمن قائمة الدول الأكثر استثمارا في مصر، والثالثة عربيا، باستثمارات تصل إلى نحو 16 مليار دولار، فضلا عن استثمارات مصرية بالسوق الكويتي تقدر بنحو 1.1 مليار دولار.
كانت أول المساعدات الكويتية لمصر في سبتمبر 2013 عندما حولت ملياري دولار إلى البنك المركزي المصري، كوديعة بدون عائد لمدة خمسة أعوام بهدف تعزيز احتياطي النقد الأجنبي المصري، الذي تراجع بشكل كبير منذ “25 يناير” 2011.
واستكملت الكويت مساعداتها المالية لمصر بتحويل مليار دولار، كمنحه لا ترد للبنك المركزي المصري بعد مفاوضات استمرت عام كامل بين الجانبين المصري والكويتي لتحويل آخر دفعات المساعدات المالية التي أعلنت عنها بجانب دولتي السعودية والإمارات بعد “30 يونيو”.
وساهمت الكويت بخلاف المساعدات المالية في حل أزمة الطاقة في مصر من خلال تقديم مساعدات بترولية ساهمت في تقليص الآثار السلبية لانقطاع التيار الكهربائي خلال 2013.
العلاقات الاقتصادية
ازدهرت العلاقات الكويتية ـ المصرية، وبلغت الاستثمارات الكويتية حدا غير مسبوق، حيث احتلت الكويت المركز الثاني كأكبر دولة عربية مستثمرة في مصر بعد السعودية، وقدرت استثماراتها بنحو 1.5 مليار دولار وهو ما مثل نحو 25% من إجمالي الاستثمارات العربية وفقا لبيانات وزارة الاستثمار المصرية، وقالت إن رجال أعمال كويتيين يساهمون في 38 مشروعا تمويليا وخمسة مشروعات إسكان، وخمسة مشروعات مقاولات، وخمسة مشروعات بنية تحتية، وخمسة مستشفيات، و45 مشروعا سياحيا، إضافة إلى 98 مشروعا صناعيا، و22 منها في مجال الصناعات الهندسية و15 في قطاع الصناعات الغذائية إضافة إلى مشروعات غذائية وكيماوية ومعدنية بنظام المناطق الحرة.
تتمثل أهم الصادرات المصرية للكويت فى كابلات كهربائية، ومنتجات غذائية ومنتجات ألبان وملابس جاهزة ورخام وجرانيت وفحم حجرى، فيما تتمثل أهم الواردات المصرية من الكويت فى بوليميرات بولي إيثيلين وبوليميرات بولي بروبيلين، وسيارات سياحية، وملابس بأنواعها، وأجزاء لوازم السيارات.
بدأت علاقات التعاون بين الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ومصر عام 1964، وساهم الصندوق في تمويل 52 مشروعا ضمن قطاعات متنوعة، منهم برنامج تنمية شبه جزيرة سيناء (المرحلة الأولى) من خلال 7 مشروعات فى قطاعات التحلية ومعالجة المياه والطرق وإنشاء منظومة مياه بحر البقر، وإنشاء 9 محطات تحلية مياه البحر بجنوب سيناء.
حيث قدمت الكويت عقب ثورة 30 يونيو حزمة مساعدات اقتصادية لمصر على مرحلتين بقيمة 8 مليارات دولار، تلاها توقيع عدة اتفاقيات مع الصندوق الكويتى للتنمية لتطوير قطاعى الكهرباء والنقل، ليصل إجمالى مساهمات الصندوق إلى 4، 3 مليار دولار عبر أكثر من 50 قرضا كان من أبرزها توقيع اتفاق بقيمة 100 مليون دولار لتمويل جزء من حصة مصر فى مشروع الربط الكهربائى مع المملكة السعودية.
دعم كويتي

الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت الراحل، قابل الرئيس جمال عبدالناصر خلال العدوان الإسرائيلى على مصر عام ٦٧، وأكد له أن الكويت تدعم مصر بالكامل فى هذه الأزمة، وساهمت الكويت فى حرب ٦٧ بمبلغ ٥٥ مليون دينار كويتى فى إطار مؤتمر القمة العربى الذى عقد فى الخرطوم فى أغسطس عام ١٩٦٧.

وساندت الكويت مصر فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، حيث أرسلت الكويت لواء اليرموك الكويتى للمحاربة مع القوات المصرية، وكان لواء اليرموك يمثل وقتها ثلث الجيش الكويتى، بمعنى أن الكويت أرسلت ثلث جيشها النظامى وقتها إلى مصر لدعمها فى حربها ضد الكيان الإسرائيلى، كما أرسلت ثلثى تسليح الجيش الكويتى إلى مصر.

استمر لواء اليرموك فى أداء مهامه القتالية واستمرت الكويت فى حظر النفط عن إسرائيل، وخفضت تصديره إلى بعض الدول الأخرى الداعمة لها، وكان موقع لواء اليرموك وقتها هو منطقة فايد، وهى المنطقة التى شهدت أكبر المعارك بداية من ١٦ أكتوبر عام ١٩٧٣ وخاضت هذه القوات معركة الدفرسوار واستشهد منها فى تلك المعركة وفى معركة فايد حوالى ٤٠ عسكريا كويتيا، كما شارك سرب طائرات كويتى فى الضربة الجوية فى بداية حرب ٧٣.

لكن العلاقات المصرية الكويتية توترت بشدة في أعقاب زيارة السادات لتل أبيب 1978، لبدء مباحثات السلام بين مصر وإسرائيل، وبرزت المواقف الكويتية واضحة خلال محنة الإرهاب التي تعرضت لها مصر في السنوات الماضية، فكانت تسارع بإدانتها للأعمال الإرهابية والتعبير عن آلامها لأرواح الضحايا الأبرياء الذين تستهدفهم تلك الأعمال اللا مسئولة وإعلان التضامن مع الحكومة المصرية في مكافحة الأعمال الغريبة على الشعب المصري.

العلاقة بين الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، مع دولة الكويت كانت قوية جدا، على خلفية الموقف التاريخي الذي اتخذته مصر “عسكريا ودبلوماسيا” لنصرة الكويت خلال محاولة العراق احتلالها في تسعينيات القرن الماضي، ولم يكن مستغربا أن تكون العلاقة “قوية” بعد وصول “أمير الإنسانية” الشيخ صباح الأحمد إلى حكم بلاده.

العلاقات بين البلدين، منذ عام 2006، كانت في أوجها وتنوعت الزيارات الثنائية بين البلدين، فزار أمير الكويت القاهرة في نفس العام الذي تولي فيه الحكم، وتحديدا في أغسطس 2006، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، ودراسة القضايا العربية والملفات ذات الاهتمام المشترك.

في عهد مبارك ازدهرت العلاقات الكويتية ـ المصرية، وبلغت الاستثمارات الكويتية حدا غير مسبوق، حيث احتلت الكويت المركز الثاني كأكبر دولة عربية مستثمرة في مصر بعد السعودية، وقدرت استثماراتها بنحو 1.5 مليار دولار وهو ما مثل نحو 25% من إجمالي الاستثمارات العربية وفقا لبيانات وزارة الاستثمار المصرية.

وقالت الوزارة إن رجال أعمال كويتيين يساهمون في 38 مشروعا تمويليا وخمسة مشروعات اسكان، وخمسة مشروعات مقاولات، وخمسة مشروعات بنية تحتية، وخمسة مستشفيات، و45 مشروعا سياحيا، إضافة إلى 98 مشروعا صناعيا، و22 منها في مجال الصناعات الهندسية و15 في قطاع الصناعات الغذائية ومشروعات غذائية وكيماوية ومعدنية وبترولية بنظام المناطق الحرة.

وتوالت الاتفاقيات التجارية التي تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين مصر والكويت ومن أهمها اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة واتفاقية التعاون بين الغرف التجارية المصرية وغرفة تجارة وصناعة الكويت.

ومع وفاة الرئيس المصري مبارك، في فبراير من العام الجاري، قرر مجلس الوزراء الكويتي إطلاق اسم (حسني مبارك) على أحد الصروح المهمة في الدولة، وذلك بناء على أمر أمير البلاد، وتقديراً لمكانة “مبارك” وتخليداً لذكراه، كما أرسل مبعوثه الخاص لتقديم واجب العزاء.

ربما يعجبك أيضا