مصر والكويت.. نموذج متكامل للشراكة

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

شهدت العلاقات المصرية الكويتية، خلال السنوات الماضية، تطورًا متسارعا على كافة المستويات، فهناك رغبة جدية بين قادة البلدين في الوصول بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب وأوسع.

زيارات رســـــــمية متبادلة

وتأكيدا على التقارب البنّاء بين مصر والكويت، يبدأ رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، غدا الأحد زيارة رسمية إلى مصر، يلتقي خلالها بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.

وتحظى زيارة الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح إلى مصر، بأهمية كبيرة لدى الجانبين، خاصة في ضوء التطورات الإقليمية المتلاحقة التي تشهدها المنطقة.

ومن المقرر، أن يبحث الرئيس السيسي والشيخ جابر المبارك، العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية.

كما تأتي الزيارة في إطار ما شهدته العلاقات الثنائية من تطورات ملموسة، وهو ما ظهر من خلال الزيارات المتبادلة مؤخرا، والتي كان آخرها الزيارة الناجحة للرئيس السيسي إلى الكويت مطلع سبتمبر الماضي.

وقبلها زيارة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى مصر، للمشاركة في القمة العربية – الأوروبية، التي عقدت في شرم الشيخ في فبراير الماضي.

وكذلك زيارة رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق علي الغانم إلى مصر في سبتمبر الماضي، وزيارة رئيس مجلس النواب المصري الدكتور علي عبدالعال إلى الكويت في يناير الماضي.

فضلا عن عقد اللجنة المشتركة بين البلدين في الكويت خلال شهر ديسمبر الماضي، برئاسة وزيري خارجية البلدين، والتي توجت بتوقيع عدد من اتفاقيات التعاون بينهما.

تعاون اقتصادي واتفاقيــات

وفقًا لجدول الزيارة، يعقد رئيس الوزراء الكويتي اجتماعًا مع نظيره المصري الدكتور مصطفى مدبولي، لبحث أوجه التعاون الاقتصادي والتوقيع على عدد من الاتفاقيات المشتركة في مختلف المجالات.

وتأكيدا لأطر التعاون المشترك بين مصر والكويت في مختلف المجالات وقع البلدان منذ عام 1963 وحتى عام 2018، نحو 114 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم.

هذا الكم من الاتفاقيات يعكس مدى عمق وقوة العلاقات بين البلدين الشقيقين، فضلا عن الشراكة الطويلة والمثمرة بين مصر والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية منذ نشأته عام 1961.

يشار إلى أن عدد المشروعات الممولة من قبل الصندوق الكويتي تبلغ نحو 50 مشروعا بقيمة مليار دينار في مختلف القطاعات التنموية والحيوية في مصر.

تجارة واستثمارات مشتركة

تحتل الكويت المركز الرابع عالميا ضمن قائمة المستثمرين الأجانب في مصر، والثالث عربيا، من خلال استثمارات متراكمة تجاوزت الـ15 مليار دولار.

وتشير آخر الإحصائيات إلى أن ما يقارب ألف و227 شركة كويتية تعمل في مجال التجارة والاستثمار في مصر، وهو ما ساهم في زيادة حركة تنقل الأفراد بين البلدين، بمعدل 64 رحلة جوية أسبوعيا، ونحو 170 ألف زائر كويتي سنويا.

في حين ازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل ملحوظ مؤخرا، ليصل إلى نحو ثلاثة مليارات دولار أمريكي خلال السنوات الأربع الماضية.

وثقافيا تعود العلاقات بين البلدين إلى عشرينيات القرن الماضي؛ حيث يتلقى حاليا نحو 24 ألف طالب كويتي دراستهم في مصر سنويا، ما بين التعليم الجامعي وما فوق الجامعي (الدراسات العليا – ماجستير – دكتوراه).

الجالية المصرية بالكويـــت

وتقدم الكويت نوعا آخر من الدعم غير المباشر للاقتصاد المصري من خلال فتح أبوابها للكوادر المصرية للعمل، حيث وصل حجم الجالية المصرية في الكويت إلى نحو 700 ألف مصري يساهمون في مجالات التنمية المختلفة.

ويأتي دور الجالية المصرية في عملية التنمية الاقتصادية في الكويت، والذي يحظى بتقدير واحترام من قبل مختلف أطياف الشعب الكويتي والمسئولين الكويتيين ورجال الأعمال، كأحد أهم أوجه العلاقات القوية بين البلدين.

ويتواجد في الكويت ما يقرب من 700 الف مصري يعملون في مختلف مواقع العمل في الكويت، يمثلون ثاني أكبر جالية في الكويت بعد الهندية.

مواقف تاريخيـــة خــــــالدة

وكانت أول زيارة لمسؤول كويتي إلى مصر عام 1919، وذلك بالتزامن مع الحراك الشعبي في مصر من ناحية ومع نهاية الحرب العالمية الأولى من ناحية أخرى، حيث قام الشيخ أحمد الجابر الصباح بزيارة القاهرة والتقى بالسلطان حسين كامل ملك مصر وقتها.

وأجرى الجانبان حينها مباحثات ثنائية شكلت أولى معالم علاقات متميزة ومتنامية امتدت وازدادت رسوخا جيلا بعد جيل، وشهدت العديد من المواقف وصور التعاون في شتى المجالات عبر عقود طويلة جسدت في حد ذاتها ملحمة من العمل الأخوي.

ويذكر الكويتيون بكل الخير وقفة مصر عام 1961 إلى جانبهم عندما تصدت لاطماع حاكم العراق وقتها عبدالكريم قاسم من خلال الوقفة الصلبة للزعيم جمال عبد الناصر.

كما يذكرون وقفتها الحاسمة عام 1990 عندما تصدت لغزو صدام حسين، وحين شاركت فى تحرير الكويت عام 1991، ولا تزال محطات العلاقة بين البلدين مستمرة إلى الآن وتزداد صلابة بمرور الوقت.

ربما يعجبك أيضا