معضلة كبيرة.. أفراد القوات الجوية الأمريكية لا يعرفون اللغة الأوكرانية

أحمد ليثي

تعهدت الولايات المتحدة في بداية الحرب الروسية الأوكرانية بدعم كييف ووافقت على أكثر من مليار دولار من المساعدات العسكرية، ولكن واجهت مشكلة واحدة، وهي اللغة.. فكيف تعمل على التغلب عليها؟


مع تفاقم الوضع على طول الحدود الأوكرانية، سارعت القوات الجوية الأمريكية للبحث عن أفراد يمكنهم اجتياز اختبار الكفاءة في اللغة الأوكرانية التابع للبنتاجون.

ووفقًا لتقرير ريتشيل كوهين لـ”أير فورس تايمز“، المنشور بتاريخ 1 يوليو، عندما علم البنتاجون أن حربًا ستحدث في أوكرانيا، فحلقت طائرات استطلاع تابعة للقوات الجوية فوق أوروبا الشرقية لعدة أشهر، مزودة بعسكريين يتحدثون الروسية يمكنهم تفسير مناقشات الجنود الروس.

أمريكا تواجه معضلة مع اللغة الأوكرانية

بحسب التقرير، تعهدت الولايات المتحدة في بداية الحرب الروسية الأوكرانية، فبراير الماضي، بالتضامن مع ثاني أكبر دولة في أوروبا، ووافقت على أكثر من مليار دولار من المساعدات العسكرية، ولكن واجهت مشكلة واحدة، وهي اللغة، فلم يكن في صفوف القوات الجوية الأمريكية من يتحدث أو يفهم الأوكرانية.

وقال مدير برنامج التحليل اللغوي في القوات الجوية، في أثناء زيارته قاعدة “أوفوت” الجوية: “ليس لدينا من يفهم اللغة الأوكرانية، فالقوات الجوية لا تتدرب على اللغة الأوكرانية أو تعلّمها، ولكنها تغلبت عليها عن طريق أفراد بالخدمة لديهم صلات عائلية بالبلد، أو بتنظيم دورس لمن لديهم الشهية للتعلم، أو بمن يدرسون اللغة الروسية باعتبار اللغتيتن تتشاركان في الأبجدية والقواعد والمفردات.”

القوات الجوية تبحث عن ذوي المهارات اللغوية

قالت المتحدث باسم القوات الجوية، لورا ماك أندروز، يوم الجمعة: “تتمتع إدارة القوات الجوية بالقدرة على تتبع القدرات اللغوية لأفرادها، ويمكنها التعرف بسرعة على الطيارين ذوي المهارات اللغوية المطلوبة، ومنها اللغة الأوكرانية”، مشددة في الوقت نفسه أن القوات تلبي المتطلبات الناشئة لمحللي اللغة الروسية منذ بداية الصراع.

ومن جهتها، رفضت ماك أندروز الإجابة عن عدد اللغويين الأوكرانيين والروس الذين يعملون حاليًّا مع القوات الجوية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في ما يخص بالحرب المستمرة منذ 4 أشهر، مشيرة إلى أنها معلومات سرية لا يمكن مشاركتها مع أحد.

البنتاجون يدرّب أفراده على لغات مختلفة

وفقًا لتقرير “أير فورس تايمز”، يدرّب معهد اللغات التابع لوزرة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) أعضاء الخدمة على نحو 12 لغة، بما في ذلك الفرنسية، والإسبانية، والإندونيسية، والفارسية، والروسية، والتاجالوجية، والماندرين، واليابانية، والكورية، والباشتو، و4 لهجات عربية، ويمكن أن تستمر أصعب الدورات لأكثر من عام.

ويميل طيارو القوات الجوية إلى التخصص في واحدة من عدة لغات رئيسة في وقت واحد، وعادةً ما تكون هذه اللغات هي الروسية والصينية الماندرين والكورية والعربية، ولكن الأمر أكثر تعقيدًا عند العمل بها، لأن محللو تشفير اللغة، كما يُعرفون رسميًّا، يعترضون رسائل ومحادثات القوات الأجنبية وصناع القرار حتى تكون الولايات المتحدة مدركة لخطواتهم التالية المحتملة.

كيف تخبر الولايات المتحدة حلفائها بما يهددها؟

بحسب التقرير، قال الرائد إريك أرمسترونج، قائد طائرة الاستطلاع “بوينغ أرسي-135” الذي يشغل الآن منصب نائب المدير المسؤول عن إعادة بناء قاعدة “أوفوت” الجوية: “لدينا لكنات عامية ومختصرات خاصة بنا وليست لغة محادثة، في نبراسكا، حيث يتمركز المحللون اللغويون التابعون للقوات الجوية للمرة الأولى في سرب المخابرات رقم 97.”

وتُوجه المعلومات الاستخباراتية من خلال منظمات مثل وكالة الأمن القومي قبل مشاركتها مع الدول التي تعمل مع الولايات المتحدة، وساعد هذا التعاون القوات الأوكرانية على قتل العديد من الجنرالات الروس وإغراق سفينة حربية رئيسة في البحر الأسود. وأوضح أرمسترونج: “إذا كان ما يقال يمثل تهديدًا لشركائنا، فنحن قادرون على إخبارهم بهذا التهديد”.

عمل أشهر خلال أسابيع قليلة

وفق تقرير ريتشيل كوهين، في كثير من الحالات، يتطلب فك رموز الأحاديث العسكرية بلغة أجنبية التي تُسمع عبر سماعة رأس، وقتًا يستغرق 18 شهرًا، ولكن على المحللون اللغويون أن يفكوها في غضون أسابيع قصيرة، وتعامل الجيش الأمريكي مع أزمة الوقت مباشرة في أثناء انسحابه من حربه التي استمرت عقدين في أفغانستان الصيف الماضي.

من جهته، قال أرمسترونج، الذي ساعد في إدارة الانسحاب بصفته مدير العمليات في قاعدة “العديد” الجوية، إنه اعتبارًا من مايو 2021، كان لدى القوات الجوية 8 لغويين فقط يتحدثون الباشتو، إحدى اللغتين الرسميتين في أفغانستان التي يتحدث بها حوالي نصف السكان، “ومثّل ذلك كابوسًا لأن محاولة تفكيك اللغة من أجل اجتياز الانسحاب بأمان كان تحديًا.” على حد وصف أرمسترونج.

كيف تعاملت القوات الجوية في أوكرانيا؟

بحسب التقرير، يعمل الكابتن جوردان جارسيا بالقوات الجوية، مترجمًا للطلاب الأوكرانيين في مدرسة تعليم الحرف الصغيرة والتدريب الفني، وهو برنامج للبحرية الأمريكية في ولاية ميسيسيبي لتدريب قوات العمليات الخاصة الأجنبية على التكتيكات والاستراتيجيات، وأمضى جارسيا 3 أسابيع مع الأوكرانيين خلال الدورات التدريبية على زوارق الدورية، وصيانة أنظمة الديزل، والاتصالات التكتيكية الدولية.

وقال جارسيا في بيان صدر يوم 12 مايو الماضي: “كان من المهم أن نصل إلى الأرض بسرعة، ولذلك لم يكن هناك متسع من الوقت للتعمق في المصطلحات الفنية المتعلقة بالموضوعات، ولكن تطوري في التدريب والدورات التي خضتها سابقًا ساعدني على أن أكون قادرًا على التكيّف والتعلم بالسرعة التي أحتاجها.”

القوات الجوية الأمريكية تسرّع عملية تعلم اللغات

قالت ماك أندرواز إن القوات الجوية بدأت برنامجًا تجريبيًا أطلق عليه اسم “لينجويست نيكست” بالمعهد، في محاولة لتسريع اكتساب الخبرة اللغوية، وتأمل الخدمة في أن تؤدي اختبارات الكفاءة الأكثر تكرارًا إلى جعل هذه المعرفة ثابتة على نحو أسرع مما هو عليه في الدورة التدريبية المعتادة.

وتابعت أندروز: “يوجد طلب مرتفع على تعلم اللغات عبر سلاح الجو، وهي مورد مهم ومكلّف، كما أن القوات الجوية تعمل على نحو وثيق مع وزارة الدفاع من خلال العديد من مجموعات العمل لتحقيق التوازن للقدرة لتلبية احتياجات أمتنا وسلاحنا، ولكن الجيش يريد تمويلًا إضافيًّا أكثر استقرارًا لتلبية ذلك.”

ربما يعجبك أيضا