مع استمرار الحرب في أوكرانيا.. ماذا وراء تحركات القوات الروسية في سوريا؟

محمود سعيد

كشف العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، قبل أشهر، أن بلاده تعرضت للهجوم من قبل طائرات مسيرة إيرانية.


تواجه القوات الروسية التي تقاتل ضد فصائل المعارضة المسلحة في سوريا، مصيرًا مجهولًا مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية والدعم الغربي العسكري المعلن لكييف.

خاضت القوات الروسية في سوريا المعارك بجانب الميليشيات الموالية لإيران وقوات الأسد ضد المعارضة، لكنها لم تهزمهم في الشمال وإدلب وجسر الشغور وسهل الغاب، وانتشرت نقاط مراقبة تركية ضمن اتفاقيات أستانة، فما مصير القوات الروسية في سوريا؟

ملك الأردن يحذر من انسحاب القوات الروسية

العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، قال في مقابلة مع معهد هوفر، إن الوجود الروسي في جنوب سوريا كان مصدرًا للتهدئة، وأن الفراغ الذي ستتركه روسيا ستستحوذ عليه إيران ووكلاؤها، مضيفًا أن بلاده أمام تصعيد محتمل على حدودها مع سوريا. بحسب “وكالة الأنباء الأردنية”. وكشف الملك قبل أشهر أن بلاده تعرضت للهجوم من قبل طائرات مسيرة إيرانية.

ووفقا لـ”العربية”، أتت تصريحات العاهل الأردني بعد تقارير تفيد باستغلال إيران انشغال الروس في العملية العسكرية بأوكرانيا، وانتشرت الميليشيات الإيرانية في مستودعات مهين العسكرية شرق حمص استراتيجي بعد انسحاب فصائل حليفة لروسيا. وفق تصريحات مصادر محلية لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

انسحاب قوات موالية لروسيا

كشف موقع “تجمع أحرار حوران” السوري، أن الانشغال الروسي في أوكرانيا، لم يترك خيارًا أمام موسكو سوى فسح المجال لقوات النظام والميليشيات الإيرانية لتقوية سيطرتها في سوريا، منعًا لحدوث أي اختراق لما حققه النظام بدعم روسي. وهذا ما يفسر غلبة الجناح الإيراني في الآونة الأخيرة حتى في تعيينات الضباط ومناقلاتهم وتحركاتهم.

وأضاف أن التحركات جاءت عقب عملية انسحاب كامل للقوات الروسية بما في ذلك عناصر من مجموعات “فاجنر”، ونحو 200 عنصر من “الفيلق الخامس” الموالي لروسيا، بالإضافة إلى أكثر من 23 آلية عسكرية وعدد من السيارات المحملة بالذخائر والمواد اللوجستية وأجهزة اتصالات باتجاه مطار تدمر العسكري.

القواعد الروسية الرئيسة في سوريا

يقول خالد المطلق وهو عقيد ركن سابق، وكاتب سوري مختص في الشؤون العسكرية والأمنية: “اعتمدت روسيا، في بداية تدخلها العسكري في سورية، لتأمين عملياتها القتالية، على قاعدتين رئيستين لقواتها على الأراضي السورية، وهي “قاعدة ميناء طرطوس البحري المنشأة عام 1971، وقاعدة حميميم”.

روسيا كشفت كذلك عن حجم مشاركتها العسكرية في الحرب في سوريا، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن أكثر من36 ألف عسكري روسي “خاضوا تجربة قتالية” في البلاد منذ سبتمبر 2015.

الحرب الأوكرانية تشغل قوات روسيا في سوريا

بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الحرب في أوكرانيا شغلت قوات روسيا في سوريا، فخفَتَ تحليق مقاتلاتها وبالتالي غاراتها وتحليقها الاستطلاعي، بالإضافة إلى دورياتها، وقبل الحرب الروسية الأوكرانية، وثق المرصد غارات نفذتها المقاتلات الروسية، انطلاقًا من قاعدة حميميم، استهدفت مناطق متفرقة من البادية السورية بنحو 850 غارة وضربة.

لكن حدة القصف الجوية تراجعت كثيرًا مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، وكانت القوات العسكرية الروسية قتلت 8 آلاف و683 مدنيًا سوريًا، بواقع “ألفان و108 أطفال دون سن 18 عامًا، وألف و321 مواطنة فوق سن 18 عامًا، و5 آلاف و254 رجلًا وفتى”، خلال نحو 6 سنوات ونصف من مشاركتها العسكرية في سوريا.

مطالب روسية من تركيا

جاء إغلاق مضيق الدردنيل والبوسفور ليضع السفن الحربية الروسية في الموانئ السورية في وضع صعب. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن “أنقرة مصممة على استخدام صلاحياتها بموجب اتفاقية مونترو بما يمنع من تصعيد الأزمة في أوكرانيا”.

وأعلنت تركيا، في إبريل الماضي، إغلاق سماءها أمام الطائرات الروسية المتجهة إلى سوريا، ورأى الباحث السياسي الروسي، سيميون باغداساروف، أنه “لا أستبعد أن يكون قرار أنقرة مرتبطًا بإمكانية بدء عملية عسكرية في شمال سوريا، مضيفًا: “حظر الطيران سيعني صعوبة الإمداد العاجل إلى قاعدتينا في حميميم وطرطوس”.

المعارضة السورية المسلحة تتحرك

القوات الروسية في سوريا مع دخول القوات الروسية في حرب استنزاف في أوكرانيا تعمل على الاقتصاد في عملياتها العسكرية، وهي على أهبة الاستعداد وفقًا لتطورات الحرب في أوكرانيا أو سوريا. في الوقت نفسه فصائل المعارضة السورية طالبت الغرب بدعمها في مواجهة روسيا أسوة بأوكرانيا.

وقال الأمين العام للائتلاف الوطني السوري، هيثم رحمة: “نطالب بضرورة دعم الجيش الوطني السوري المعارض بأسلحة نوعية ومضادات طيران أسوة بدعم أوكرانيا”، مشيرًا إلى أنه في حال دعم المعارضة السورية بأسلحة نوعية فإن ذلك سيحد من خطورة روسيا على حلف الناتو في البحر المتوسط.

موجة جديدة من الصراع المسلح في سوريا

الباحث في مركز جسور للدراسات، فراس فحام، قال إن “الاستقبال الإيراني لبشار الأسد في مطلع مايو الجاري، واللقاء الذي جمعه مع المرشد الأعلى علي خامنئي، والحديث عن دعم طهران للنظام السوري يشير إلى توجه إيران لاستغلال الظروف الراهنة من أجل تعزيز دورها في المنطقة عمومًا وسوريا تحديدًا.

وأضاف: “محتمل أن يدفع تنامي النفوذ الإيراني في سوريا دولًا فاعلة في الملف السوري إلى بحث خيارات أخرى لمواجهة هذا التحدي، من ضمنها توفير الدعم لمجموعات سورية محلية لتنفيذ عمليات عسكرية في جنوب وشمال سوريا ضد الميليشيات الإيرانية، ما قد يمهد الأجواء إلى موجة جديدة من الصراع المسلح، خصوصًا إذا انغمست روسيا أكثر في الحرب الأوكرانية”.

ربما يعجبك أيضا