مع وضع خارطة الطريق.. ماذا تريد الولايات المتحدة من السودان؟

إسراء عبدالمطلب
الرئيس الأمريكي جو بايدن

أتاحت الحرب الروسية الأوكرانية، التي اندلعت فجر الخميس 24 فبراير 22، فرصة أكبر للاعبين الدوليين، فضلًا عما خلفته جائحة كورونا، لذا تسعى أمريكا لاستقطاب أطراف أخرى تكون حليفة لها.


تسعى الولايات المتحدة لجذب حلفاء جدد إليها، من بينهم السودان، لتضييق الحصار على روسيا والصين، بعد الخلخلة الحالية في النظام الدولي.

وما يخدم مساعي واشنطن، هو عمل القادة العسكريين والأطراف السياسية والمدنية الفاعلة في السودان على وضع خارطة طريق، لتنفيذ الاتفاق الإطاري، وهو ما تدعمه واشنطن سعيًا لكسب السودان حليفًا دائمًا.

الولايات المتحدة - السودان - الاتفاق الإطاري

الولايات المتحدة – السودان – الاتفاق الإطاري

 

خارطة طريق

قالت المجلة الأمريكية ناشونال إنترست، إنه يجب على واشنطن زيادة مشاركتها مع جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة في السودان، التي تدعم أولويات السياسة الأمريكية، لتحويل السودان إلى حليف دائم للغرب.

ويضع القادة العسكريون والقوى السياسية والمدنية الفاعلة خارطة طريق لتنفيذ الاتفاق الإطاري، الذي وقّع 5 ديسمبر 2022، الاتفاق الإطاري، وتعهدت الأطراف الموقعة بتنظيم انتخابات في السودان، ولكن بعد فترة انتقالية مدتها عامان.

ورحبت الولايات المتحدة بالاتفاق، إذ يعد خطوة أولى أساسية لإنهاء الأزمة السياسية في السودان وتكوين حكومة بقيادة مدنية.

فرصة على الولايات المتحدة انتهازها

نقلت ناشونال إنترست عن الأستاذ المساعد في المعهد العالي لعلوم الشرطة والأمن الداخلي بجامعة لشبونة المستقلة، الدكتور فيليبي باثي دوارتي، أن هذا الأسبوع حاسم بالنسبة لتوجه السودان الغربي، فستضع الأطراف الفاعلة كافة في البلاد، خارطة طريق لتنفيذ الاتفاق الإطاري.

ورحبت كل من الولايات المتحدة، والنرويج والسعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، بتوقيع الاتفاق الإطاري في بيان مشترك، ودعت الولايات المتحدة إلى حوار مستمر وشامل حول جميع القضايا ذات الأهمية، والتعاون لبناء مستقبل السودان.

تعزيز السياسات الموالية للغرب

أضاف دوارتي أن مفاوضات الأخيرة للاتفاق تمثل عنصرًا مهمًّا في هذا الحوار، وأنه ينبغي على الولايات المتحدة وشركائها أن يعدووها فرصة لتقييم كيفية تنفيذ مختلف الجهات الفاعلة السودانية للاتفاق الإطاري.

وقال إنه يجب على الولايات المتحدة استخدام المفاوضات كفرصة لتقييم دور هذه الجهات الفاعلة السودانية في بناء الدعم للاتفاق الإطاري، وضمان وجود مشاركة ودعم مستمرين للأطراف السودانية التي يمكنها تعزيز السياسات الموالية للغرب ومنع توسع النفوذ الروسي والصيني والمتطرف في البلاد.

اضطرابات واشتباكات

يرى دوارتي أن الاتفاق الإطاري جاء تتويجًا لأشهر من الاضطرابات السياسية في أعقاب انقلاب أكتوبر 2021 الذي نفذه عبدالفتاح البرهان مطيحًا بالحكومة السودانية برئاسة عبد الله حمدوك، موضحًا أن “الانقلاب” أدى إلى توتر العلاقات بين الجيش السوداني والأحزاب السياسية والمجتمع المدني.

ونتيجة لهذا التوتر نشبت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والجيش، ما تسبب في عودة حمدوك إلى منصبه بعد شهرين، ومع ذلك، استقال حمدوك في يناير 2022، وسط مظاهرات مستمرة ضد الحكومة.

طريق السلام

تابع دوارتي أنه بالنظر إلى البداية الهشة للسودان في مسيرة الحكم التعددي، التي بدأت عام 2019، بعد الإطاحة بعمر البشير، فإن الاتفاق الإطاري الذي وقعه القادة العسكريون في البلاد و40 جماعة سياسية ومن المجتمع المدني هو أفضل طريق نحو السلام، وهو ما تعترف به واشنطن وشركاؤها.

ولفت دوارتي إلى أنه مع بدء المفاوضات لن يكون من السهل التوفيق بين القضايا الخلافية المدرجة على جدول الأعمال، التي تشمل العدالة الانتقالية والأمن وإصلاح الجيش، وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام الذي يعود إلى أكتوبر 2020، بين الحكومة الانتقالية السودانية وممثلي الجماعات المسلحة في دارفور، وتفكيك هياكل السلطة المتبقية لنظام البشير.

مواجهة النفوذ الصيني والروسي

قال دوراتي إن الاعتراف بالصعوبة التي تنتظر السودان يجب أن يكون مصحوبًا بتقييم ما يقع على المحك بالنسبة إلى الولايات المتحدة في السودان، وهو تبادل المنفعة في مكافحة الإرهاب، واعتراف السودان بإسرائيل بعد توقيعه على اتفاقيات أبراهام، والجهود المبذولة لتعزيز العلاقات السودانية الإسرائيلية.

وأضاف الأستاذ المساعد في المعهد العالي لعلوم الشرطة والأمن الداخلي بجامعة لشبونة المستقلة، “وتضع كذلك أمريكا في الحسبان، حاجتها إلى التعاون مع السودان في مواجهة النفوذ الصيني والروسي في البلاد، خاصة في ما يتعلق بالمنشآت البحرية والموانئ السودانية على طول البحر الأحمر”.

وتعد المخاطر كبيرة بالفعل بالنسبة إلى مصالح الولايات المتحدة، لذلك يجب على الولايات المتحدة التعاون مع القادة السودانيين المشاركين في الاتفاق الإطاري، لإنشاء هيكل تحفيزي للنخب السودانية لتنفيذ الاتفاق واتباع مسار موال للولايات المتحدة.

الولايات المتحدة - السودان - الاتفاق الإطاري

الولايات المتحدة – السودان – الاتفاق الإطاري

دور حميدتي في توسيع العلاقات الأمريكية السودانية

قال الدكتور فيليبي باثي دوارتي، إن أحد القادة السودانيين، الذي يجب على الولايات المتحدة التعاون معهم، هو الفريق أول محمد حمدان دقلو، حميدتي، الذي ندد علنًا بـ”انقلاب” أكتوبر 2021 بوصفه فاشلًا، وأن حميدتي دعا الجيش إلى الانضمام إلى الاتفاق الإطاري في 5 ديسمبر الماضي. 

وأشار دوارتي إلى أن الاتفاق الإطاري لم يكن ليحدث بدون دعم حميدتي، الذي وصفه بأنه صانع القرار الأكثر نفوذًا في السودان، لافتًا إلى دعوة حميدتي إلى وجود أمريكي أكبر في السودان، وأنه كان القائد السوداني الرئيس في توسيع علاقات البلاد العسكرية والاقتصادية والسياسية مع إسرائيل.

النفوذ الأمريكي في السودان

قال دوارتي إنه رغم أن الجهات العسكرية الفاعلة في السودان وفي جميع أنحاء المنطقة لديها سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان ومجال الحكم، فإنه من المهم أن تدرك الولايات المتحدة متى تتماشى هذه الجهات الفاعلة مع السياسات الموالية للولايات المتحدة، وأن تزيد واشنطن التعاون معها. 

وقد لفت دوارتي إلى أن بعض شرائح مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية ترغب في تجنب المشاركة العسكرية من أجل المشاركة المدنية في السودان، مشيرًا إلى أن هذا لن يخدم الأمن القومي الأمريكي، بل سيحد من النفوذ الأمريكي في السودان والمنطقة الأوسع.

تحويل السودان إلى حليف دائم للغرب

تابع دوارتي بأن نجاح المفاوضات يعتمد على اتفاق جميع الأطراف المدنية والعسكرية، وستكون محاولة العمل فقط مع الجهات الفاعلة المدنية نهجًا قصير النظر من الولايات المتحدة، ما يهدد أول فرصة حقيقية للسودان للتقدم منذ الإطاحة بالبشير.

واختتم بأنه يجب على واشنطن زيادة مشاركتها مع جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة في السودان، والتي تدعم أولويات السياسة الأمريكية لتحويل السودان إلى حليف دائم للغرب.

ربما يعجبك أيضا