مكاسب متبادلة.. ماذا يعني توقف الحرب الروسية الأوكرانية؟

ماذا لو توقفت الحرب بين روسيا وأوكرانيا في الوضع الحالي؟

أحمد عبد الحفيظ
الحرب الروسية الأوكرانية

مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية منذ أكثر من عامين، يزداد التساؤل حول مآل النزاع العسكري وما يمكن أن يؤدي إليه من نتائج إذا توقفت الحرب عند الوضع الحالي.

وبحسب صحيفة “الجارديان البريطانية” في تقرير لها نشر الأحد 8 سبتمبر 2024، فقد شهدت هذه الحرب تغييرات كبيرة على الصعيدين العسكري والسياسي، وقد أثرت على العالم بأسره من حيث الاقتصاد والطاقة والعلاقات الدولية، وفي حال توقفت الحرب الآن، ما هي المكاسب التي يمكن أن تحققها كل من روسيا وأوكرانيا في ظل الأوضاع الحالية؟.

السيطرة على أراضٍ استراتيجية

من أبرز المكاسب التي قد تحققها روسيا في حال توقفت الحرب على الوضع الحالي هي الاحتفاظ بالمناطق التي تمكنت من السيطرة عليها.

تشمل هذه المناطق أجزاء كبيرة من جنوب وشرق أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014، إضافة إلى مناطق دونيتسك ولوهانسك، هذه المناطق لها أهمية استراتيجية لروسيا، ليس فقط من حيث الموقع الجغرافي ولكن أيضًا لأنها تحتوي على موارد طبيعية وصناعية هامة.

تعزيز النفوذ السياسي الإقليمي

إذا توقفت الحرب، ستستفيد روسيا من تعزيز نفوذها في منطقة البحر الأسود وأوروبا الشرقية.

هذا النفوذ يمكن أن يتيح لموسكو دورًا أكبر في السياسات الإقليمية والدولية، ويعزز موقعها كقوة عظمى تواجه التحالفات الغربية، خاصة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

تحقيق أهداف استراتيجية

رغم أن الحرب لم تحقق كل أهداف روسيا، إلا أن التوقف عند الوضع الحالي قد يسمح لموسكو بالقول إنها حققت بعض الأهداف الاستراتيجية.

من خلال تأمين نفوذها في مناطق معينة، قد تصف روسيا نفسها بأنها “حمت” الأقليات الروسية في أوكرانيا و”أمنت” حدودها الجنوبية من تهديدات حلف الناتو.

الاستفادة من تفكك الاقتصاد الأوكراني

توقفت أو تقلصت قطاعات كبيرة من الاقتصاد الأوكراني بسبب الحرب، وتراجعت أوكرانيا اقتصاديًا بشكل كبير.

في حال توقف الحرب، ستكون روسيا قد أضعفت خصمًا إقليميًا مهمًا، مما قد يعزز قوتها الاقتصادية والجيوسياسية.

المكاسب الأوكرانية

رغم الخسائر الكبيرة، فإن أكبر مكاسب أوكرانيا تتمثل في صمودها أمام قوة عسكرية كبرى مثل روسيا.

استمرار وجود حكومة كييف، وقدرتها على الحفاظ على استقلالها في أجزاء كبيرة من أراضيها، يمكن اعتباره نصرًا بحد ذاته، لقد أظهرت أوكرانيا مقاومة شديدة واستطاعت أن تحشد الدعم الدولي بشكل غير مسبوق.

الدعم الدولي والاستراتيجي

من أهم مكاسب أوكرانيا خلال هذا النزاع هو الدعم الدولي الكبير الذي حصلت عليه من الغرب، المساعدات العسكرية والاقتصادية التي تدفقت على أوكرانيا من دول الناتو والاتحاد الأوروبي قد تساهم في إعادة بناء قدراتها الدفاعية والاقتصادية.

حتى في حال توقف الحرب، سيستمر الدعم الغربي في تعزيز موقف أوكرانيا على المدى الطويل.

التقارب مع الغرب

الحرب جعلت أوكرانيا أقرب من أي وقت مضى إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. رغم أن انضمامها الرسمي إلى الناتو أو الاتحاد الأوروبي قد لا يكون وشيكًا، فإن هذه الحرب قد جعلت عضويتها مسألة وقت.

هذا التقارب يمنح أوكرانيا فرصة كبيرة لتعزيز أمنها وتحصين اقتصادها ضد أي اعتداءات مستقبلية.

إضعاف روسيا على المستوى الدولي

رغم سيطرة روسيا على بعض المناطق، فإن الحرب أضعفت سمعتها دوليًا، بعد أن تعرضت موسكو لعقوبات اقتصادية قاسية من الغرب، وشهدت عزلة سياسية كبيرة.

من منظور أوكرانيا، هذه العزلة الروسية تُعد مكسبًا دبلوماسيًا مهمًا، إذ تسعى إلى إبقاء روسيا في موقع ضعيف على المسرح الدولي.

التحديات المستقبلية لكل طرف

إذا توقفت الحرب عند الوضع الحالي، فإن التحديات لن تنتهي بالنسبة للطرفين. روسيا ستظل تواجه ضغوطًا اقتصادية نتيجة العقوبات الغربية المستمرة، وسيكون عليها التعامل مع المعارضة الداخلية المحتملة نتيجة التكاليف البشرية والمادية للحرب.

أما أوكرانيا، فستواجه تحديات كبيرة في إعادة الإعمار، واستعادة الأراضي التي قد تخسرها في هذا الوضع، فضلًا عن التهديدات الأمنية المستمرة من روسيا.

أثر دائم

في حال توقفت الحرب الروسية الأوكرانية على الوضع الحالي، ستحقق كل دولة مكاسبها الخاصة، لكن الحرب ستترك أثرًا دائمًا على كلا الجانبين.

روسيا قد تضمن السيطرة على مناطق استراتيجية وتحافظ على نفوذها الإقليمي، بينما أوكرانيا ستستفيد من دعم الغرب وتعزيز علاقاتها مع الدول الأوروبية، إلا أن الحرب ستبقى صفحة مفتوحة، حيث ستظل التوترات الإقليمية قائمة، ما يجعل أي “انتصار” غير حاسم أو دائم.

ربما يعجبك أيضا