ملاذ غير آمن.. كيف سيؤثر اغتيال هنية على علاقة إيران بوكلائها؟

هل فشل إيران الاستخباراتي وراء اغتيال هنية؟

إسراء عبدالمطلب

قدرة إسرائيل على ضرب قلب النظام ستؤدي إلى عمليات تطهير وجنون عظمة.


لا شك أن وزير الاستخبارات الإيراني المنتهية ولايته، إسماعيل الخطيب، تراجع عن تصريحاته التي أطلقها في نهاية شهر يوليو الماضي وتفاخر فيها بأن “تفكيك شبكة التسلل التابعة للموساد” في إيران كان أعظم إنجاز حققه خلال فترة ولايته التي استمرت 3 سنوات.

وبعد 6 أيام من تصريحات الخطيب، اغتالت إسرائيل الزعيم السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في قلب طهران بينما كان تحت حماية الحرس الثوري الإسلامي ما جعل عملية الاغتيال جديرة بالملاحظة بشكل خاص هو أن النظام الإيراني يعتبر قدرات الحرس الثوري الإيراني في مجال الاستخبارات ومكافحة التجسس أكثر تطورًا بكثير من قدرات وزارة الخطيب.

الفشل الاستخباراتي للحرس الثوري

حسب مجلة فورين بوليسي، الاثنين 5 أغسطس 2024، فإن محور الاستخبارات الأمنية المندمج داخل منظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني هو القوة الأكثر تأثيرًا ليس فقط داخل الحرس الثوري، بل وأيضًا على نطاق أوسع في إيران، إذ يُعتبر صفوة أجهزة الأمن التابعة للنظام. ووفق تعبير الصحيفة فإن اغتيال هنية في دار ضيافة تابعة للحرس الثوري الإيراني في طهران كان بمثابة فشل استخباراتي هائل، فقد كشف عن نقاط ضعف كبرى داخل جهاز استخبارات الحرس الثوري، بما في ذلك احتمال التسلل الأجنبي على أعلى المستويات.

ويعد هذا هو الدرس الأعظم الذي يمكن تعلمه من اغتيال هنية وليس موته في حد ذاته فبعيدًا عن السؤال المباشر حول الرد الإيراني المباشر على إسرائيل، فمن المرجح أن يزداد جنون العظمة لدى النظام في الداخل مع محاولته استئصال التسلل الأجنبي وتشديد قبضته على الأجهزة الأمنية في حين يستعد زعيمه الأعلى، آية الله علي خامنئي البالغ من العمر 85 عامًا، لخلافته، وهو حدث حاسم وربما مزعزع للاستقرار بالنسبة للنظام.

تداعيات الفشل على الداخل

لا يعد هذا الفشل الاستخباراتي الأول للحرس الثوري الإيراني، ففي إبريل قُتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في بلاد الشام، محمد رضا زاهدي، المسؤول عن تنسيق هجمات حزب الله، في ضربة مستهدفة في سوريا على ملحق سري لفيلق القدس بجوار السفارة الإيرانية، وكان هناك أيضًا القتل المستهدف في نوفمبر 2020 للعالم في الحرس الثوري الإيراني، محسن فخري زاده، والد برنامج الأسلحة النووية الإيراني، والذي كان أيضا تحت حماية الحرس الثوري.

ولكن الفارق الكبير هذه المرة هو أن الفشل الاستخباراتي وقع أثناء وجود هنية في مجمع للحرس الثوري الإيراني في قلب طهران، حيث سافر من قطر لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، واعتبر زعماء حماس وحزب الله وداعش، إيران دائمًا واحدة من الملاذات الآمنة القليلة جدا التي يمكنهم السفر إليها والإقامة فيها والعمل فيها.

ومن بين هؤلاء رئيس عمليات حزب الله، عماد مغنية، الذي اغتيل في سوريا عام 2008 الذي كتبت ابنته في مذكراتها باللغة الفارسية أن والدها لم يشعر بالأمان إلا على الأراضي الإيرانية ويقيم زعيم تنظيم القاعدة سيف العدل حاليا في إيران، وحتى زعماء عصابات الجريمة المنظمة الأوروبية مثل جماعة كيناهان الإجرامية العابرة للحدود الوطنية التي تتخذ من أيرلندا مقرًا لها وجدوا ملاذهم هناك.

إيران الملاذ الآمن

مكّن عادة الحرس الثوري الإيراني في ضمان الملاذ للشخصيات الإرهابية من تنمية واستقطاب بعض المنظمات المسلحة الأكثر دموية في العالم بسهولة، والتي غالبًا ما يتمتع أعضاؤها بأنماط حياة مترفة بينما يستخدمون إيران للتدريب والتخطيط لهجمات إرهابية، ووفقًا لتقارير استخباراتية وصفتها صحيفة وول ستريت جورنال، فإن بعض مقاتلي حماس الذين اخترقوا الحدود بين إسرائيل وغزة ونفذوا هجمات 7 أكتوبر 2023 تلقوا تدريبات من قبل الحرس الثوري الإيراني في إيران.

ومن شأن قدرة إسرائيل على قتل هنية في مجمع محمي من قبل الحرس الثوري الإيراني في وقت كانت فيه منظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني في حالة تأهب قصوى، أن تغير الديناميكية المتصورة لإيران باعتبارها ملاذًا آمنًا، والاغتيال سيجعل القادة يفكرون مرتين قبل البحث عن ملجأ هناك ومن المرجح أن يؤدي إلى تعقيد العلاقة بين النظام الإيراني ووكلائه.

انتكاسة كبيرة للنظام الإيراني

يمثل اغتيال هنية، انتكاسة كبيرة للنظام ففي حين يمكن إلقاء اللوم على عملاء أجانب في تسريبات الاستخبارات التي أدت إلى اغتيال زاهدي أو قائد فيلق القدس قاسم سليماني في العراق في عام 2020، فإن المسؤولية في هذه الحالة تقع بالكامل على عاتق الحرس الثوري الإيراني.

ويمكن رؤية خوف الحرس الثوري الإيراني من فقدان ماء وجهه في نفي المنظمة السريع لتقارير وسائل الإعلام الغربية التي تفيد بأن المتفجرات تم تهريبها إلى دار الضيافة التابعة للحرس الثوري الإيراني حيث كان هنية يقيم، ولصرف اللوم عن الحرس الثوري الإيراني، ألقى المسؤولون باللوم بدلًا من ذلك على مقذوف أُطلق من مكان قريب، ومع ذلك لم تمنع هذه المحاولات للتهرب من المسؤولية السلطات الإيرانية من اعتقال أكثر من 20 فردًا مرتبطين بدار الضيافة وإصلاح البروتوكولات الأمنية.

وهذه الضربة في قلب طهران لن تؤدي إلا إلى زيادة مخاوف خامنئي والحرس الثوري الإيراني من التسلل الإسرائيلي إلى أعلى مستويات الأمن في منظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني.

ربما يعجبك أيضا