50 عامًا هجرية على انتصار الجيش المصري في العاشر من رمضان

محمود سعيد

دور الأزهر ودعاته في الحرب لم يقتصر على رفع الروح المعنوية وتحفيز الضباط والجنود على القتال وإنما نزلوا مع الجنود ساحة القتال لتثبيتهم معنويا، وكانوا يرافقونهم فى الخنادق وفى أماكن التحصينات.


سطر الجيش المصري بطولات خالدة في العاشر من رمضان قبل 50 عامًا هجرية، فعبر قناة السويس واقتحم خط بارليف، وسيطر على مئات المواقع العسكرية لجيش الاحتلال في ساعات معدودة.

وكان للأزهر الشريف جهودًا كبيرة في إعداد الضباط والجنود الذين وصلوا إلى عقيدة راسخة وإيمان جازم جعلهم يطلبون “النصر أو الشهادة”، وكان لاختيار الرئيس السابق، محمد أنور السادات، يوم العاشر من رمضان أكبر الأثر في تحقيق الانتصار، فرمضان شهر النصر للأمة الإسلامية منذ غزوة بدر.

دور الأزهر قبيل العاشر من رمضان

الشيخ أحمد ربيع الأزهري أشار فى دراسة له عن “دور الأزهر فى تحقيق نصر أكتوبر المجيد.. قراءة فى فقه التهيئة النفسيّة والمعنويّة للجنود”، إلى اهتمام شيخ الأزهر السابق، حسن المأمون، بزيارة الجبهة عام 1968 وعقد ندوات للجنود بالوحدات العسكريّة، رغم ظروفه الصحيّة، وقال حينها: “لعلى أُغبِّرُ قدميَّ فى سبيل الله، قبل أن ألقى ربي.. أعيشُ هذه اللحظاتِ بين الصامدين والمجاهدين فى الجبهةِ”.

أضاف الأزهري إن مما يذكر للشيخ حسن المأمون أنه عقب نكسة 1967م وجّه نداءً متكررًا إلى الحكام العرب والمسلمين يناشدهم فيه استخدام سلاح البترول، وقال: “أيها المسلمون إن مصر لا تحارب إسرائيل وحدها، إنها تكافح العدوان الموتور، الممثل فى أمريكا وبريطانيا”، وأصدر فتوى خلاصتها: “إن تعاون المسلم مع الأعداء خيانة عظمى فى الإسلام، والخيانة من أشد الجرائم وعقوبتها من أشد العقوبات فى الشريعة الإسلامية”. كما ألّف كتابا عن “الجهاد فى الإسلام” كان يصب فى تأهيل المجتمع ومن قبله الجنود لمعركة التحرير والعبور.

إمام مسجد الحسين

أضاف ربيع الأزهري أن إمام مسجد الحسين، الشيخ أحمد فرحات، كان يذهب كل أسبوع مع قافلة الدعاة إلى السويس والعين السخنة ورأس غارب ويلقى فيها الموعظة، ولم يتخلف قط رغم أنه كان كفيفًا.

وتابع “أنه فى أحد الأيام من عام 1967 كانت الأمور متوترة على الجبهة ولم يحضر أحد من قافلة الدعاة، فقال له قائد السيارة: لا داعى أن تذهب فلديك عذرك، لكنه قال له أبدًا. أركب بجوارك وأقوم بواجبي.. وعندما وصل إلى مقصده وجد الممرضات فقط هن الموجودات والجنود على خط النار، فطلب الذهاب إليهم”.

جهود الفحام والعاشر من رمضان

أما الشيخ الفحام الذي تولى مشيخة الأزهر 17 سبتمبر 1969، فعمل عبر الآلاف من علماء الأزهر على جمع الشعب المصرى نحو هدف واحد وهو تحرير سيناء، وفى 11 إبريل 1972 زار رفقة مجموعة من علماءِ الأزهر الجبهة لِرفْع الروح المعنوية للجنود والضباط.

لكن ظروف الشيخ الفحام الصحيّة أجبرته على ترك المشيخة فى مارس 1973، ومع هذا فقد استجاب الله أمنيته فعبر القناة بعد نصر العاشر من رمضان وصلى فى عمق سيناء، وكان بصحبته الشيخ محمد الذهبي وعدد من كبار علماء الأزهر وكبار قادة الجيش الثالث.

الأزهر في العاشر من رمضان

أما دور الأزهر ودعاته في حرب العاشر من رمضان فلم يقتصر على رفع الروح المعنوية وتحفيز الضباط والجنود على القتال، إنما نزلوا مع الجنود ساحة القتال لتثبيتهم معنويًّا، وكانوا يرافقونهم فى الخنادق وأماكن التحصينات. وكان لعلماء قوافل الأزهر تصريحات خاصة يتقدمون بها إلى خطوط القتال الأولى، وينزلون إلى الثكنات العسكرية،

وتقدّم بعض علماء الأزهر لحمل السلاح والقتال جنبًا إلى جنب مع الجيش المصري، ولما أفتى شيخ الأزهر عبدالحليم محمود للجنود باستحباب الأخذ برخصة الفطر لتكون عونًا لهم فى الانتصار على الجيش الإسرائيلي نظرًا لحرارة الجو وحاجة الحرب إلى كامل طاقتهم، رد بعض الجنود قائلين: “لا نريد أن نفطر إلا فى الجنة”.

الرسول يبشر شيخ الأزهر بالنصر

عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أحمد عمر هاشم، قال إن شيخ الأزهر الراحل، عبدالحليم محمود، استعان بأساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة لتعبئة الروح المعنويّة لأبناء قواتنا المسلحة. وأضاف “شيخ الأزهر رأى قبيل حرب رمضان المجيدة، رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة، فاستبشر خيرًا وأيقن بالنصر، وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة، واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئنًا إياه بالنصر”.

وتلك الواقعة تطرق إليها أيضًا الصديق الشخصي للرئيس السادات، محمود جامع، فى كتابه “كيف عرفتُ السادات؟”، قائلًا: “لا ننسى أنه بشرنا بالنصر في أكتوبر 73، عندما رأى حبيبه رسول الله عليه الصلاة والسلام في المنام، وهو يرفع راية “الله أكبر” للجنود ولقوات أكتوبر”.

وأردف هاشم: “لم يكتف الشيخ عبدالحليم محمود بهذا، بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف، وألقى خطبة عصماء توجّه فيها إلى الجماهير والحكام مبينًا أن حربنا مع إسرائيل هى حرب في سبيل الله، وأن من يموت فيها شهيدٌ وله الجنة، أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق”.

جهود الشيخ الشعرواي

سجلت كذلك للإمام محمد متولي الشعراوي محاضرات كثيرة مع أبطال حرب أكتوبروالتي كانت رسالته فيها: “ما أسعدنى بهذا اللقاء، أسعد به سعادة تستشعر ثمرات ذلك اللقاء.. إننا جميعًا جنود الحق، أنا بالحرف وأنتم بالسيف، وأنا بالكتاب وأنتم بالكتائب، وأنا باللسان وأنتم بالسنان أى أدوات الحرب والقتال”. وقال أيضًا: “الجهاد فى سبيل الله مبدأ من مبادئ الإسلام الأصيلة، والغيرة على القيم هى الأصل الأصيل في الإسلام”.

ربما يعجبك أيضا