ملهمات عربيات «١٦»| فكرية شحرة.. غزل الكتابة من أوجاع الناس والوطن

شيرين صبحي

تغزل فكرية شحرة في كتاباتها ما يعبر عن أوجاع الناس والأوطان، فتعرف على الكاتبة اليمنية التي خطفت القلوب بحروف واقعية.


من واقع الناس وأوجاعهم، تحاول فكرية شحرة أن تنسج حروفها، من بيئة اليمن بكل معاناتها التي تعيشها كونها امرأة تربت في مجتمع ريفي قبلي، عايشت حربًا وممارسات قهرية نكأت قلوب الجميع.

أحد ألمع الأسماء النسائية في اليمن، عُرفت بكتابة المقالات السياسية والقصة القصيرة والرواية. وتنتصر في أعمالها للوطن والمرأة والحب. امرأة قوية من الريف اليمني، نشأت في بيئة ترى كل ما يصدر عن المرأة عورة وعيبًا، لم يكن طريقها ممهدًا، فتجاوزت، كغيرها من النساء، الكثير من العوائق والقيود.

نصف روح ونشأة مغلقة

نصف روح فكرية شحرة

غلاف رواية نصف روحفي الـ12 من عمرها كتبت أول قصة قصيرة مكتملة، لتواصل بعدها الكتابة بلا توقف حتى أصدرت أول مجموعاتها القصصية “نصف روح”، ثم أولى رواياتها “قلب حاف”.

 

ارتبط اسمها باسم أخيها، الصحفي الراحل حميد شحرة، لدوره الكبير في حياتها منذ صغرها، فقد كان دائم الاهتمام بها، حريصًا على تحفيزها لتطوير موهبتها في الكتابة والنشر. ونشأت في مدينة إب الخضراء، وتزوجت مبكرًا، وتلقت تعليمها الجامعي والثانوي أمًّا وزوجة، لديها من الأبناء 6، خريجة دراسات عربية، كلية التربية.

والمرأة دائمًا يقع عليها النصيب الأكبر من التهميش والتجاهل، خاصة في بيئتنا اليمنية، تقول شحرة، لكنها تعافر وتقفز خطوات نحو مستقبل يتيح لها فرصًا أكبر. تنحصر نشاطات شحرة في أمرين “أولادي وكتاباتي”، وتنحصر مشاريعها وطموحاتها في أن تكتب مؤلفات تخدم قضية بلدها وتقف في صف وطنها الذي كَثُر المتحدثون باسمه لمصالحهم، دون أن يشعروا يومًا بمعاناته الحقيقية.

أوجاع الوطن والانقلاب الحوثي

1280x960 1

فكرية شحرة

 

تغزل شجرة كتاباتها من أوجاع الناس والأوطان، في أعمالها الأخيرة توثق الحروب التي وقعت في اليمن، منذ سنوات وخلفت الشتات والخراب. وتقول: “نحن نحمل الوطن بكل همومه على ظهورنا وفي قلوبنا، في حلنا وترحالنا، ما يحدث في اليمن مأساة بكل ما للكلمة من معنى، اليمن يعود إلى الوراء قرونًا، كل مقومات الحياة صارت أمورًا صعبة المنال. الشعب يعاني ويلات حرب تسحق الجميع ببطء شديد”.

والأحداث الأخيرة، منذ 2011 كانت عاصفة فعلًا، وختمها حدوث الانقلاب الحوثي الذي أثر في غالبية الأدباء في اليمن، تقول: “طفقنا نكتب حول مآسي هذه الحرب، زفرات محرقة موجوعة لما يحدث لوطني ولنا كشعب تضافر عليه الداخل والخارج”. وتضيف، في حوار لـ”جداريات“: “ما حدث لنا في اليمن فاق الخيال، 5 سنوات حدث فيها ما لم يكن في الحسبان من الأحداث والتغييرات وسقوط الأقنعة والتحولات”.

صاحب الابتسامة

11 6

صاحب الابتسامة

 

في ثلاثيتها “صاحب الابتسامة”، الذي كتبته خلال فترة الحرب، لتجسد فيه معاناة وآلام اليمنيين. وتتناول الثلاثية الأحداث من أواخر 2014 عند اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء وحتى بداية النصف الثاني لعام 2019. ويأتي السرد على لسان الصحفي اليمني وحيد الأمير، الذي يكتب مقالًا يرحب بتدخل التحالف لإنقاذ اليمن، فيصبح مطاردًا مشردًا داخل الوطن، رافضًا الهجرة أسوة بمئات الصحفيين، ويظل عرضة للاعتقال.

ويبقى داخل اليمن ويرصد بعينيه وقلمه الأحداث الدامية للحرب، وبعد أن كان يزرع الابتسامة في من حوله، صار يحصد الألم والقهر في عيون الناس والوطن الذي يتلاشى فيه كل شيء، الحب والأمان والأصدقاء، وأخيرًا الوطن الذي لم يعد وطنًا. يحاول الخروج من مدينته المحتلة إلى مدينة مأرب، وفي الطريق يتعرض إلى حادثة سير.

لوحات قاتمة ترسمها حرب اليمن

في الجزء الثاني تحتشد لوحات قاتمة رسمتها الحرب في اليمن، ضحاياها أطفال أبرياء ونساء ضعيفات، تحت خط الجوع والموت. حاتم وصديقه أنور صورة مؤلمة لأطفال اليمن ومعاناتهم في الحرب. زينب وخسارتها لزوجها المعتقل وعجزها عن تربية أطفالها، حكايات المعتقلين وكل ما فيها من قهر وقسوة وتعذيب.

وينجو وحيد الأمير من موت محقق في حادثة الطريق، ليكمل طريقه الأصعب في وطن تستنفد فيه الحرب كل شيء. ويعود إلى مأرب يرصد بقلمه خساراته التي لا تنتهي في أصدقائه وبلده وحبه المستحيل، وهناك يعذبه اليأس وهو يتشبث بحلم الوطن الغائب الذي يضني فؤاده.

ربما يعجبك أيضا