مليون معتقل وحقوق مغتصبة.. في الذكرى 44 لـ “يوم الأسير الفلسطيني”

حسام السبكي

حسام السبكي

في ظل صراعٍ لا ينتهي، وقضية يُراد لها أن تموت، ومصالحة وطنية لا تزال تجهل طريقها نحو الصالح العام، يحيي الفلسطينيون، اليوم، الذكرى 44 لـ “يوم الأسير الفلسطيني”، والذي يؤرخ لحقبة أليمة في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني في وجه الاحتلال الصهيوني، ويسجل حالة تضامنية شعبية، مع أبناء الوطن القابعين في سجون المحتل.

احتفالات هذا العام، تأتي في ظل حديث عن وصول عدد المعتقلين، منذ إعلان قيام دولة الكيان الصهيوني الغاصب، إلى مليون معتقل، ما زالت إسرائيل تتهرب من استحقاقاتهم، القانونية والإنسانية، ولا يبدو المجتمع الدولي يمتلك الإرادة الكافية للتحقيق ومعاقبة المحتل.

يوم الأسير الفلسطيني.. تاريخ لا يُنسى

منذ أن أقر المجلس الوطني الفلسطيني، في دورته العادية في السابع عشر من شهر نيسان/أبريل عام 1974، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطيني، يومًا وطنيًا للوفاء للأسرى الفلسطيني داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولا يكاد يمر عام دون أن يحيي الفلسطينيون تلك المناسبة بوسائل عدة، بعضها رمزي، والبعض الآخر على شكل مسيرات يتخللها أحيانًا مواجهات مع قوات الاحتلال الصهيوني.

ويعد ذلك اليوم، مناسبة هامة تهدف لشحذ همم المعتقلين والأسرى، وتوحيد جهودهم ومساندتهم ونصرتهم، ودعم حقهم في الحرية، وتكريمهم، والوقف إلى جانبهم، ويهدف كذلك إلى إثبات الوفاء لشهداء الحركة الأسيرة.

ووفقًا لأحدث إحصائية نشرها “نادي الأسير الفلسطيني” و”الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني” و”هيئة شؤون الأسرى والمحررين”، فإن عدد الأسرى الفلسطينين في السجون الإسرائيلية يبلغ نحو 6500 أسير فلسطيني، من بينهم 57 امرأة و300 طفل.

وبهذه المناسبة، يحرص الفلسطينيون، هذا العام، على منح قضيتهم زخمًا قانونيًا ودوليًا، وفي هذا، صرحت “روان أبو يوسف”، سفيرة فلسطين لدى هولندا، أنه تم إرسال ورقة قانونية وسياسية إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن الأسرى، للمطالبة باتخاذ كافة الإجراءات والفعاليات، ضمن نطاق المحكمة من خلال توفير الحماية وتفعيل أدوات المساءلة

وأضافت السفيرة، أنه جرى إرسال عدد من الوثائق للبرلمان الهولندي ووزارة الخارجية الهولندية والمجتمع المدني تتضمن شرحا بشأن قضية الأسرى ومعاناتهم في سجون الاحتلال، مشيرة إلى أن لقاءً سيُعقد الأسبوع المقبل مع الجنائية الدولية للمطالبة باتخاذ مزيد من المواقف تجاه قضية الأسرى.

فعاليات مختلفة.. والاحتلال يتعسف

شهدت فعاليات إحياء “يوم الأسير الفلسطيني”، منذ بداية الأسبوع الجاري، أنشطة مختلفة، شملت مناطق عدة بمختلف المحافظات الفلسطينية.

ففي مدينة غزة، شارك الآلاف من المواطنين يتقدمهم ذوو الأسرى، في مسيرات تضامنية مع الأسرى بسجون الاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة.

ودعت لجنة الأسرى القوى الوطنية والإسلامية والمؤسسات العاملة في شؤون الأسرى لإحياء يوم الأسير بمهرجانات حاشدة على مقربة من السياج الفاصل شرق حي الزيتون، جنوب شرق مدينة غزة، للمطالبة بإطلاق سراحهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وتتواصل الفعاليات التضامنية مع الأسرى لليوم الثاني على التوالي في غزة، حيث اصطفت عشرات الفتيات اللاتي يحملن صورا للأسيرات في سجون، أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر غرب مدينة غزة، وسط هتافات تحيي صمود الأسيرات والأسرى، إضافة إلى صيحات التنديد بجرائم الاحتلال ضد الأسرى.

وقامت مجموعة من الفتيات بتقييد أيديهن بالسلاسل، في إشارة إلى تعذيب قوات الاحتلال ومصلحة السجون الإسرائيلية للأسيرات خلف الزنازين المعتمة.ونظمت وقفات تضامنية مع الأسرى قبالة مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة، تكريما للأسرى ووفاء لتضحياتهم، وتذكيرا للمؤسسات الحقوقية الدولية بمعاناة أسرانا داخل سجون الاحتلال، والعمل على إلزام الاحتلال لإطلاق سراحهم.

أما في بيت لحم، فقد شارك أهالي الأسرى والمواطنون، في مسيرة ووقفة تضامنية، في منطقة السينما وسط بيت لحم، مرورا بشارع القدس الخليل، وصولا الى خيم الاعتصام قبالة مخيم العزة شمال بيت لحم، ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، وصورا لبعض الأسرى.

في هذا السياق، قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح محمد اللحام “ان وجود 6500 أسير وأسيرة في سجون الاحتلال يشكلون هوية وقضية في كل انسان حر وشريف، وأن “الحركة الأسيرة” تمثل ذاكرة فلسطين.

وأضاف، أن يوم الأسير ليس ببعيد عن ذكرى استشهاد مهندس “انتفاضة الحجارة” الشهيد “خليل الوزير”، وبالتالي علينا أن نلتف أكثر حول قضية الاسرى التي تمثل عنوانا في نضالنا، وكفاحنا ضد المحتل.

من جانبه، أكد حسن عبد ربه في كلمة باسم لجنة التنسيق الفصائلي أن “يوم الأسير” يجب ان يكون ناقوسا يدق في ذاكرة كل فلسطيني، وان توسع الفعاليات، ولا تقتصر على المناسبة، مناشدا المؤسسات الانسانية والحقوقية في العالم واصحاب القرار الوقوف امام مسؤولياتهم نحو وقف كل الانتهاكات من قبل إدارة السجون.

وأكد “أن قضية الاسرى قضية جوهرية لا تنازل عنها، وحضورنا اليوم دلالة واضحة ورسالة للمحتل والعالم، لا تنازل عن قضية اسرانا العادلة”.وألقى الأسير المحرر رأفت جوابرة كلمة استعرض فيها معاناة الاسرى في الاحتلال، داعيا الى مشاركة اوسع لنصرة أسرانا.

وقامت عدد من أمهات الاسرى بتحطيم مجسم يمثل زنزانة المحتل، تعبيرا منهن انه لا بد للقيد أن ينكسر، وأن ابناءهم سيخرجون، وينعمون بالحرية، كما قالت والدة الأسير محمد زواهرة المحكوم عليه بالمؤبد.

أما عن الاعتداءات الإسرائيلية، فقد قمعت قوات الاحتلال، اليوم الثلاثاء، مسيرة شعبية بمناسبة يوم الأسير الفلسطينى عند المدخل الشمالى لمدينة البيرة قرب رام الله.

وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال أطلقت وابلا من قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المشاركين فى المسيرة السلمية بالقرب من حاجز مستوطنة بيت إيل الاحتلالى (DCO) شمال شرق مدينة البيرة، ما أدى لتفرقة المتظاهرين الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية ولافتات تندد بالاحتلال الغاشم، والسياسية الإسرائيلية التعسفية بحق الأسرى الأبطال، واستمرار سياسة الاعتقال الإداري.

الصحافة الفلسطينية.. معاناة مستمرة تحت قبضة الاحتلال

لم تسلم الصحافة الفلسطينية، كغيرها من وسائل الإعلام العربية والغربية، من غطرسة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى دائمًا لتكميم الأفواه، والسماح للإعلام الموالي له فقط بنقل الصورة، فلم تخلو سجون المُحتل من الصحفيين، كما لم تخلو سجلات الشهداء منهم أيضًا.

في هذا الإطار، طالبت لجنة دعم الصحفيين الهيئات والمؤسسات الدولية بدعم ومساندة الصحفيين الفلسطينيين، عبر الضغط على قوات الاحتلال لوقف اعتداءاتها المتكررة بحقهم، والافراج عن 26 صحفيًا معتقلا داخل السجون الصهيونية، فضلا عن تفعيل آليات المحاسبة والمساءلة وملاحقة مرتكبي الجرائم من قوات الاحتلال.

وفي تقرير أصدرته ضمن فعاليات “يوم الأسير الفلسطيني”، الذي يصادف في 17 نيسان/أبريل من كل عام، أكدت اللجنة أن الاحتلال كثف من اعتداءاته بحق الصحفيين خلال الربع الأول من العام الحالي 2018، ما أدى إلى استشهاد الصحفي ياسر مرتجى في قطاع غزة خلال الشهر الجاري، واصابة واستهداف أكثر من(92) صحفيا، كان من ضمنهم 49 صحفيًا من قطاع غزة، خلال تغطيتهم فعاليات مسيرة العودة.

وأوضحت اللجنة أن الاحتلال اعتقل واحتجز 45 صحفياً منذ بداية العام الحالي، فيما جدد 13 أمر اعتقال وتمديد حكم من بينهم الصحافية بشرى الطويل، في حين وصل عدد حالات المنع من التغطية خلال الربع الأول من العام الحالي الى 40 حالة، تخللها مصادرة  أكثر من 19 بطاقة  للصحفيين وهويات ومعدات.

وتأتي هذه الاعتقالات؛ وفقا لـ اللجنة، ضمن النهج الهادف لطمس معالم الحقيقة، وتكميم الأفواه وتشويش الصوت والصورة، بهدف حجب الحقيقة والمعلومة الصادقة، عما يدور من انتهاكات صهيونية بحق الشعب الفلسطيني.

كما استنكرت اللجنة إقدام سلطات الاحتلال على ملاحقة نشطاء “الفيسبوك” والزج بعدد كبير منهم في السجون جراء ما يكتبونه من آراء، لافتًة إلى أن المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تحمي حرية التعبير على قاعدة أن لكل إنسان حق في اعتناق الآراء دون مضايقة، كذلك نصت المادة 9 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والمادة 13 من الاتفاقية الأميركية لحماية حقوق الإنسان على الحق نفسه.

ربما يعجبك أيضا