مناورات صينية جديدة بمضيق تايوان أكثر توغلًا.. هل اقترب الصدام العسكري؟

محمد النحاس

التوترات بين حلفاء الولايات المتحدة الآسيويين والصين تزداد يومًا بعد يوم.. فهل تصل الخلافات إلى صدام عسكري مباشر؟


لا تلبث التوترات بمنطقة “الباسفيك” أن تهدأ حتى تشتعل مجددًا، في ظل مخاوف من إقدام الصين على اجتياح جزيرة تايوان.

وأجرت بكين مناورات بمضيق تايوان، في أكبر توغلٍ لها خلال الأشهر الأخيرة، التي ارتفع خلالها مُعدّل التدريبات العسكرية الصينية بالمنطقة، ما يثير حفيظة العديد من جيرانها الآسيويين، فضلًا عن الولايات المتحدة وأستراليا.

توتر جديد

نقل تقرير لشبكة “سي إن إن” الأمريكية، عن وزارة الدفاع التايوانية، أن الصين أجرت مناوراتٍ عسكرية واسعة النطاق، بمضيق تايوان، أول من أمس الأحد 25 ديسمبر 2022، وشاركت فيها 47 طائرة.

ورصدت وزارة الدفاع التايوانية 71 طائرة صينية بمنطقة تمييز الدفاعات الجوية التايوانية، وهي منطقة عازلة بين الجانبين. ووفقًا لبكين، تأتي هذه المناورات للرد على “الاستفزازات التايوانية الأمريكية”.

كيف ردت تايوان؟

ردًّا على التحركات الصينية، وضعت تايبيه سلاح الجو في حالة تأهب، وأجرت دوريات عسكرية بحرية وجوية، وفقًا لما أفادت به وزارة الدفاع التايوانية، أمس الاثنين.

2IZ3CM7UKGYOU3EY3DCI3NEY5I

وشددت وزارة الدفاع التايوانية، على أن تصرفات الحزب الشيوعي سلطت الضوء على “نهج التفكير المتمثل في استخدام القوة لحل النزاعات”، متعهدةً عزمها الدفاع عن سيادتها.

وقالت تايبيه، هذا الشهر، إن معدات عسكرية صينية ذات قدرات نووية، دخلت المجال الدفاعي للجزيرة. وكانت بكين فرضت قيودًا على المنتجات القادمة من الجزيرة.

تكثيف المناورات

المناورات التي أجرتها الصين بمنطقة “الباسفيك الآسيوي” ليست الأولى هذا الشهر، فقد قالت وزارة الدفاع اليابانية إنها رصدت إقلاع 180 طائرة صينية بالقرب من جزيرة “أوكيناوا” جنوبي اليابان في المحيط الهادئ.

وردت اليابان بإرسال سفن لجمع المعلومات والمراقبة. وخلال الأشهر الماضية، تصاعد الخلاف بين طوكيو وبكين، بعد أن كثّفت الأخيرة معدل المناورات البحرية والجوية. وتطالب الصين بجزر سينكاكو التي تسيطر عليها اليابان.

9564579538 0bf8cdef84 b 1

اليابان على الخط

منتصف الشهر الحالي، أعلنت اليابان استراتيجيتها الجديدة للأمن القومي، التي شهدت تحولاً استراتيجيًّا في سياستها تجاه التسليح، وخروجًا عن النهج الذي التزمته لعقود، وشملت مضاعفة الإنفاق العسكري، وزيادة معدلات التسليح.

OIP 2 1

ولكن أكثر ما يلفت الانتباه في الوثقيقة الأمنية لطوكيو، ذِكرها الصين صراحةً، واعتبارها “تهديدًا أمنيًّا”. ونددت الوثيقة بالنشاط الصيني العسكري بالمنطقة، وأدانت “حرب روسيا على أوكرانيا التي تمثل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي”.

OIP 1 1

مناورات مشتركة

كانت الصين وروسيا بدأتا تدريبات مشتركة، بحرية وجوية، ببحر الصين الشرقي، الأربعاء الماضي، وفقًا لما أعلنته وزارة الدفاع الروسية. وهي تدريبات تجري دوريًّا منذ عام 2012، لكن الجديد هذا العام مشاركة قطاعات البحرية والجوية والدفاع.

وفي إفادة سابقة، أدلى بها خبير الشؤون الدولية، سمير رمزي، إلى شبكة “رؤية” الإخبارية، من المتوقع أن يصل التعاون بين الجانبين إلى مستويات أكثر عمقًا، لأنهما يجمعهما السخط على النظام الدولي بشكله الحالي، والوضع الإقليمي بالمنطقة، في ظل انتشار مكثّف للبحرية الأمريكية.

cc620989481edec5bf89c151649ca34a 1

عسكرة المنطقة

في حديث مع “رؤية” قال خبير الشؤون الأمنية والاستراتيجية، أكرم حسام، إن الصين على مدار العقد الماضي، سعت لحل القضايا الإقليمية من خلال إطار تعاوني مع دول المنطقة، إلا أنّ هذا النهج بدأ في التغيّر بعد جنوح الولايات المتحدة لعقد شراكات وتحالفات عسكرية بالمنطقة.

وأشار أستاذ العلاقات الدولية، إلى عقد واشنطن تحالف “القوى الرباعية” (كواد) مع اليابان وأستراليا والهند، وتحالف “أوكوس” الذي يشمل الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، في إطار ما تمكن تسميته “عسكرة المنطقة”.

ويلفت حسام، إلى تصاعد الحديث عن “ناتو آسيوي” العام الماضي، وإلى أن مجرد الطرح يشير إلى مقدار التعاون بين الولايات المتحدة وبعض دول منطقة الباسفيك، والذي وصل إلى مستوى “التحالف الاستراتيجي”.

تبدّل النهج

يرى حسام، أن هذا التحوّل في الاستراتيجية الأمريكية، أدى إلى تحول مقابل في النهج الصيني، ويمكن فهم تصاعد معدلات المناورات التي تجريها الصين بالمنطقة في هذا السياق، أي ردًّا على توجه واشنطن نحو زيادة نشاطها بمنطقة المحيط الهادئ، وعقدها التحالفات الاستراتيجية والعسكرية.

وحسب أستاذ العلاقات الدولية، تحاول واشنطن تغيير التوازنات الإقليمية من خلال دعم الخصوم المحتملين للصين، مثل أستراليا واليابان، وعلاوةً على ذلك تثير قضية تايوان من حينٍ لآخر، وتعمل على خلق مشكلات بين الصين من جهة، والدول الصغيرة بالمنطقة مثل الفلببين وتايلاند من جهة أخرى.

OIP 3

وقد سعت بكين على مدار سنوات لـ”تقريب وجهات النظر وسد فجوات الثقة” بينها وبين تلك الدول، عن طريق التعاون الاقتصادي، وفق خبير الشؤون الأمنية، إلا أنّ هذه التطورات أسهمت في تغيّر النهج.

تصاعد احتمالات الصدام

بسؤاله عن إمكانية حدوث صدام مستقبلي، أمام هذه المُعطيات، يرى الخبير الاستراتيجي، أن زيادة النشاط العسكري الأمريكي، والاهتمام المتزايد بالمنطقة الذي وصل لأعلى مستوياته، خلال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، كل ذلك قد يزيد من احتمالات الصدام مستقبلاً على المدى المتوسط.

OIP 4

وبالإضافة إلى ما سلف، فإن التحوّل الاستراتيجي في سياسة اليابان تجاه التسليح والشراكات الأمنية بين واشنطن والعواصم الآسيوية الأخرى، وتضافر هذه العوامل سويةً، عاد بالمشهد الإقليمي عقودًا للوراء، وزاد من احتمالات نشوب توترات مستقبلية.

البحث عن حلفاء

يرى حسام، في هذا السياق، أن الصين تبحث عن حلفاء بالمنطقة، ولذلك تعد نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية عاملاً مصيريًّا في تحديد مستقبل الصين. وفي حال انتصرت روسيا سيبلغ التعاون مع الصين مستويات أكثر عمقًا، لوجود مصالح استراتيجية للصين بالفضاء الأورواسي، خاصة مشروع الحزام والطريق.

وختامًا يرى أستاذ العلاقات الدولية أن الترتيبات الإقليمية في المنطقة، تتعرض للخلخلة من الفرقاء، وأن “المشهد الإقليمي ما زال يكتنفه الغموض”، ما يفتح باب التوقعات أمام كل الاحتمالات الممكنة، التي ستقود في نهاية المطاف إلى تحديد الفواعل الرئيسة في النظام العالمي.

ربما يعجبك أيضا