منتديات رؤية| فاجنر وتصاعد نفوذها السياسي والعسكري.. التداعيات والمآلات (2-1)

عمر رأفت

عقدت شبكة رؤية الإخبارية ندوة بشأن تصاعد دور مجموعة فاجنر السياسي والميداني، وتأثيرات ذلك في الساحتين الدولية والإقليمية.


واصلت شبكة رؤية الإخبارية تنظيم سلسلة منتديات إعلامية مع عدد من كبار الخبراء في مجال السياسة الدولية، لتحليل أبرز القضايا التي تشغل الرأي العام الدولي، والمتابعين لتطورات الأوضاع على الصعيدين الدولي والإقليمي.

في هذا الإطار، عقدت الشبكة ندوة بعنوان (تصاعد النفوذ السياسي والميداني لمجموعة فاجنر الروسية.. التداعيات والمآلات على الأمن الإقليمي والدولي).

المشاركون في ندوة «رؤية»

حضر الندوة خبير شؤون الأمن الإقليمي والعلاقات الدولية والاستراتيجية، اللواء محمد عبدالواحد، ومدير المجلس المصري للشؤون الخارجية وسفير مصر السابق لدى موسكو، السفير عزت سعد.

ورحب مدير المحتوى في شبكة رؤية الإخبارية، أحمد عبدالحليم، بضيوف الندوة، التي أدارها المحلل الاستراتيجي والمشرف على الشؤون الدولية بالشبكة، أنس القصاص، وبحضور عدد من الصحفيين والباحثين والمهتمين بقضايا الشأن الدولي.

توسع دور «فاجنر» كمحور للنقاش

تنامى دور مجموعة فاجنر الروسية، في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، حتى بدأ تصنيف مؤسسها وقائدها، يفجيني بريجوزين، كتهديد أو خلفية محتمل للرئيس فلاديمير بوتين. وبين الإشادة بفاجنر وقائدها تارة، وشيطنتها تارة أخرى، يحتدم الجدل بين المتابعين للمشهد بشأن مدى قرب بريجوزين من بوتين، والامتيازات التي يتمتع بها.

ورأى المتحدث باسم  مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، أن فاجنر باتت منافسًا لقوات الجيش الروسي، مشيرًا إلى اعتقاد أن واشنطن بوجود توتر متصاعد في العلاقة بين المسؤولين الروس وبريجوزين. وعليه، بات يُنظر إلى نجاح بريجوزين في أوكرانيا، على أنه دليل على مستقبله اللامع، في حين يُنظر إلى كل فشل على أنه فشل للجيش التقليدي.

ولعل ما يهمنا إقليميًّا، أن فاجنر أصبحت مقاول لهيئة الأركان العامة الروسية، ووكالة الاستخبارات العسكرية، في تنفيذ العديد من المهام في إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، خاصة سوريا وليبيا.

نشأة «فاجنر» والدروس المستفادة من بلاك ووتر

في رد على سؤال بشأن تصريحات كيربي، استعرض السفير عزت سعد تاريخ أهم شركات الأمن، على غرار فاجنر، مثل بلاك ووتر الأمريكية، مشيرًا الى أن الأخيرة  تنفذ عمليات عسكرية لغرض كيان معين أو جهة ما، وغيرت أسمها في عام 2009 إلى “أكس إي سيرفس”، وفي عام 2011 إلى “أكاديمي”.

وقال سفير مصر في روسيا سابقًا عن نشأة فاجنر إن من أسسها كان ديمتري أوتكن، وكان من عشاق الموسيقار الألماني، ريتشارد فاجنر، الذي يعد أحد القوميين الألمان. وأوضح أن مجموعة فاجنر تعتمد على عناصر من اليمين القومي، بأجندة معينة للرؤية الروسية العالمية، التي تستند إلى أنها دولة عظمى، يجب أن يكون لها دور ونفوذ في السياسة العالمية.

سفير مصر السابق في روسيا: الحرب الروسية الأوكرانية لن تنته قريبًا .. ودور فاجنر مكمل للجيش الروسي

سفير مصر السابق في روسيا: الحرب الروسية الأوكرانية لن تنته قريبًا .. ودور فاجنر مكمل للجيش الروسي

فاجنر في ليبيا والسودان

شدد سفير مصر السابق في روسيا على أن فاجنر لا تنافس الجيش الروسي وأن موسكو تدافع عن أمنها القومي في أوكرانيا، موضحًا أن العديد من التقارير تشير إلى انتشار فاجنر في ليبيا وكيف أنها ساعدت قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، وفي السودان أيضًا، حاولت مساعدة الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، في العودة للسلطة.

وأردف أن فاجنر لها نفوذ كبير في موزمبيق، وتكافح مع القوات العسكرية هناك التطرف في إقليم كابو ديلجادو، في حين انتقد الإعلام الغربي بسبب مبالغته في تصوير خطر فاجنر. وقال: “نعلم أن منظمات مثل فاجنر أدوارها مكملة لأدوار الجيش الروسي، ومعظم عناصرها من القوميين أو المتحمسين للاتجاه اليميني، وتأسّست وفق القانون الروسي، ولها مقر خاص بها”.

أهمية استدعاء التاريخ في الصراعات الحالية

أشار سعد إلى أن استدعاء التاريخ، في ما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية خاصة، والأحداث العالمية عامة، يُعد مكونًا أساسيًّا، على حد وصفه، لأن الرئيس الروسي، في خطابه قبل الحرب بأيام، وقبلها بسنوات، أخبر الشعب الروسي والأوروبيين ببعض الأمور التي حدثت لاحقًا، ومنها الحرب ذاتها.

وقال إن الحقيقة، التي لا يعرفها الكثيرون، أنه في عام 1991، وقبل انهيار الاتحاد السوفيتي، ألقى الرئيس الأمريكي، جورج بوش الأب، خطابًا شهيرًا في كييف، وحث الأوكرانيين على البقاء داخل روسيا، لافتًا إلى أن بوتين، استحضر هذا الخطاب، لكي يذكر الولايات المتحدة وأوروبا بأنهم وافقوا على بيع أوكرانيا من قبل.

سفير مصر السابق في روسيا: الحرب الروسية الأوكرانية لن تنته قريبًا .. ودور فاجنر مكمل للجيش الروسي

سفير مصر السابق في روسيا: فاجنر إحدى ادوات الدولة الروسية في الدفاع عن أمنها القومي.

سقوط نظام يانوكوفيتش وفشل اتفاق منسك

قال سعد إن سقوط نظام الرئيس الأوكراني السابق، فيكتور يانوكوفيتش، الذي كان يؤمن بضرورة الحفاظ على علاقات وثيقة مع روسيا أدى إلى ما يجري الآن. وأشار إلى مفاوضات منسك، برعاية فرنسية وألمانية، في أعقاب أزمة العام 2014، قادت إلى اتفاقين، أهمهما كان منح الحكم الذاتي لإقليم دونباس.

وأوضح أن هذا الاتفاق لم ينفّذ، باعتراف المسؤولين الغربيين، منهم المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، التي كانت ترعى المفاوضات في ذلك الوقت، موضحًا أن نقطة التحول الكبيرة حدثت في عام 2019، حين جرى تعديل الدستور الأوكراني، وتضمين مادة تفرض الانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ما أثار القلق لدى روسيا، تسبب في اندلاع الحرب الدائرة الآن.

روسيا تدافع عن أمنها القومي

الحرب الروسية الأوكرانية من منظور موسكو تأتي للدفاع عن أمنها القومي، وفق السفير عزت سعد، الذي أشار إلى أن بويتن حاول فرض اتفاق يضمن حقوق بلاده ويحفظ أمنها القومي، قبل اللجوء إلى الحل العسكري.

وفي رأي سفير مصر السابق، فإن السبب في فشل الاتفاق على تهدئة الأوضاع في أوكرانيا، سببه رهان الأطراف الأخرى، ومنها الولايات المتحدة والغرب، على التصعيد والإصرار على المواجهة العسكرية، موضحًا أنه بين عامي 2014 و2021، خضع الجيش الأوكراني لعملية بناء عسكري ضخمة، وتزايد عدد جنوده إلى 160 ألفًا، إلى جانب تطوير الأسلحة والذخيرة.

سفير مصر السابق في روسيا: الحرب الروسية الأوكرانية لن تنته قريبًا .. ودور فاجنر مكمل للجيش الروسي

سفير مصر السابق في روسيا: الحرب الروسية الأوكرانية لن تنته قريبًا .. ودور فاجنر مكمل للجيش الروسي

استمرار الحرب الروسية الأوكرانية

قال سعد إنه عند تحليل موقف روسيا من هذه الحرب، يجب إلقاء الضوء على الموقف الداخلي، ومن الطرف الذي يريد استمرار تلك الحرب ومن يرفضها، مشيرًا إلى أن القوميين الروس، بما فيهم فاجنر، يريدون استمرار المعركة.

وفي رأي مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، فإن القوميين هم من يتحكمون في مصير روسيا، ونفس الأمر بخصوص أوكرانيا، مشددًا على أن القوميين، أو من أُطلق عليهم النازيين الجدد في أوكرانيا، هم من يفرضون رأيهم على الرئيس.

وأضاف الدبلوماسي المصري السابق أنه لا يوجد في الأفق ما يوحي بانتهاء هذه الحرب، التي وصفها بالجيوسياسية التي تحركها اعتبارات جيواستراتيجية. مشيرًا إلى أن الغرب يرى في روسيا والصين قوتين قد يسببا التوترات، ويجب الوقوف ضدهما.

ربما يعجبك أيضا