من التحوط إلى الحزم.. «أوبك+» تحمي أسواق النفط

لمياء أمين
ارتفاع إيرادات صادرات نفط دول أوبك لأعلى مستوى خلال 2022

الخفض المعلن يزيد من تشديد سوق النفط، ما يدفع برنت إلى 100 دولار للبرميل في وقت أقرب مما كان متوقعًا سابقًا.


في أعقاب قرار مجموعة «أوبك+» بخفض مفاجئ للإنتاج بأكثر من مليون برميل يوميًّا، تتساءل الأسواق عن القرار وتوقيته وانعكاساته بعد زيادة الأسعار.

وسجل خام برنت القياسي، اليوم الاثنين 3 إبريل 2023، 84.42 دولار مرتفعًا 5.67% بحلول الساعة 13:27 بتوقيت جرينتش، لتتجه نحو تسجيل أكبر ارتفاع يومي في غضون عام تقريبًا، ما عكس الهزة في الأسواق العالمية.

السعودية وروسيا يدعمان النفط

يعد الجواب البسيط على هذا التساؤل هو محاولة أكبر أعضاء المجموعة المملكة العربية السعودية وروسيا دعم سعر النفط، ودفعه للارتفاع، بعد فترة من التذبذب الناجم عن عوامل متعددة، تمتد من غموض مستقبل الطلب، إلى تأثيرات رفع الفائدة الأمريكية، مرورًا بأزمة البنوك، التي أثرت في جميع مؤشرات الأسواق العالمية.. لكن العامل الأهم لم يحصل على نصيب كافٍ من الاهتمام خلال الفترة الماضية.

وانخفض خام برنت، الشهر الماضي، لفترة وجيزة نحو ما يقرب من 70 دولارًا للبرميل، خاصة وسط الاضطراب في القطاع المصرفي، الذي أدى إلى اتجاه المستثمرين لبيع الأصول الخطرة لصالح الملاذات الأمنة، وبدارسة شبكة رؤية الإخبارية لمؤشر سعر النفط، اقترب برنت من خسارة نحو 70 دولار للبرميل في معظم فترات العام الماضي.

1.66 مليون برميل

قالت لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لتحالف أوبك+، يوم الاثنين، إن إجمالي تخفيضات إنتاج النفط الطوعية الإضافية، التي أعلنتها بعض دول التحالف، سيبلغ 1.66 مليون برميل يوميًّا من مايو المقبل وحتى نهاية العام الخالي. وشددت، في بيان، على التزام دول التحالف الكامل بتخفيضات إنتاج النفط الخام في يناير وفبراير، والتزامها باتفاقية خفض الإنتاج الممتدة حتى نهاية العام.

وتعافي سعر النفط إلى ما يقرب من 80 دولارًا للبرميل، بنهاية الأسبوع الماضي، وهو سعر ليس ببعيد عن متوسط تداوله معظم فترات العام الحالي منذ بدايته، وأيضًا ليس سعرًا منخفضًا وفقا للمعايير التاريخية.

لذلك لا يعد الخفض المفاجئ خطوة دفاعية من المجموعة، لكنها خطوة حازمة من السعودية، التي شعرت بالإحباط من رد الفعل الأمريكي، الأسبوع الماضي، بأن الأمر قد يستغرق سنوات لإعادة ملء احتياطي البترول الاستراتيجي، الذي استنزفته جزئيًّا، خلال العام الماضي، للمساعدة في السيطرة على أسعار النفط بعد الحرب الروسية الأوكرانية.

توقعات بالوصول إلى 100 دولار قريبًا

رفع بنك جولدمان ساكس توقعاته لأسعار النفط عند 95 دولارًا للبرميل، وتأمل أوبك+ في ارتفاع الأسعار، ويسود التفاؤل الأسواق مدفوعًا باقتصاد عالمي أقوى، إضافة إلى إعادة فتح الصين وتخلصها من قيود كوفيد، ما يعني أن الطلب سيتجاوز العرض.

وعلى العكس تخلصت صناديق التحوط من الأصول الخطرة -وعلى رأسها السلع ومنها النفط- في عمليات بيع واسعة النطاق. ويري محللون أن الخفض المعلن يزيد من تشديد سوق النفط، ما يدفع برنت إلى 100 دولار للبرميل في وقت أقرب مما كان متوقعًا سابقًا، بعدما كان الطلب على النقط أضعف من المتوقع، لا سيما في البلدان المتقدمة في الأشهر الأولى من العام.

مخاوف الركود العميق

وقال محللو سيتي جروب إن التخفيضات كانت تهدف إلى دعم السوق، التي كانت تبدو أضعف بنحو متزايد، مع بناء مخزون أسرع من المعتاد خلال الربع الأول من العام الحالي. لكن المخاوف من حدوث ركود عميق تراجعت في الأشهر الـ6 الماضية، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى انخفاض أسعار الطاقة، خاصة الغاز الطبيعي الأوروبي، بقدر حاد.

وتوقعت وكالة الطاقة الدولية عجزًا ضمنيًّا يتراوح بين مليون و1.5 مليون برميل يوميًّا في النصف الثاني من هذا العام، قبل تخفيضات أوبك+ الجديدة. في حين شدد وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، على  أن ظروف سوق النفط تتطلب الحذر، بسبب عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي العالمي، وعودة المخزونات التجارية إلى أعلى مستوى لها منذ عامين، حسب بيان صدر عن وزارة يوم الاثنين.

الحذر سيد الموقف

نقل البيان عن عرقاب، قوله: “على الرغم من الإشارات الإيجابية القادمة من الصين، تتطلب ظروف السوق الحذر، قد يؤدي عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي العالمي إلى تباطؤ الطلب على النفط، بعد إمداد السوق بقدر كافٍ جدًا وعادت المخزونات التجارية إلى أعلى مستوى لها منذ عامين”.

وأضاف: “قررت بعض الدول الأعضاء في أوبك وغير الأعضاء في أوبك في إعلان التعاون وقائيًّا، ومن أجل ضمان استقرار سوق النفط، إجراء تخفيض طوعي في انتاجاتها، إضافة إلى المتفق عليه في الاجتماع.”

بدوره، أعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الاثنين، أن خفض عدد من كبار منتجي النفط، بينهم روسيا والسعودية، الإنتاج “من مصلحة” الأسواق العالمية. وقال للصحفيين إن “من مصلحة أسواق الطاقة العالمية أن تبقى أسعار النفط العالمية في مستوى جيد”، مضيفًا “سواء كانت الدول الأخرى مسرورة بذلك أم لا، هو شأنها هي”، حسب ما نقلته وكالة تاس الروسية.

ربما يعجبك أيضا