هل مستقبل أمريكا في خطر؟ رئيس «جي بي مورجان» يحذر من «إعصارٍ اقتصادي»

عرض الرئيس التنفيذي لمجموعة جي بي مورجان، جيمي ديمون، في المؤتمر السنوي الـ38 لمؤسسة ألاينس بِرنشتاين البحثية، توقعاته المستقبلية للاقتصاد الأمريكي.

سبق لديمون، وهو المدير الوحيد في وول ستريت الذي ظل في منصبه بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، أن حذَّر من عاصفة اقتصادية على وشك ضرب الاقتصاد الأمريكي، لكنَّه اليوم يعدِّل توقعاته ويحذِّر من إعصارٍ اقتصادي وينصح بالاستعداد له.

تراجع في النمو ووضع غير مسبوق

أظهرت بيانات الاقتصاد الأمريكي تراجعًا في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بمقدار 1.5% في الربع الأول من 2022، أرجعه مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي إلى تراجع “إنفاق الشركات على شراء المخزونات، والإنفاق الاستثماري في العقارات والصادرات، والإنفاق الحكومي”.

معدل النمو الربعي في الاقتصاد الأمريكي. -المصدر: مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي.

وذكر ديمون أن 3 عوامل تجعل الوضع الحالي غير مسبوق، وينبئ بإعصارٍ اقتصادي. يتمثل أولها بتطبيق سياسة التقييد الكمي، أي المعاكسة لسياسة التسيير الكمي التي دأب على اتباعها البنك الفيدرالي الأمريكي، وثانيها، فالحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى النمو المحفّز عبر السياسة المالية.

ما أفضل خيار الآن؟

بحسب ديمون، فإنَّ الأمور الآن يبدو أنّها تسير على ما يرام، وأنَّ “البنك الفيدرالي قادر على التعامل مع الوضع الحالي. لكنَّ هذا لا يلغي حقيقة وجود إعصار يزحف نحونا، ونحن نجهل قوته”.

بناءً على هذا، ينصح ديمون بالاستعداد للأسوأ، وقال إنَّ مؤسسته ستكون متحفظة في عملها حتى تستطيع تلبية طلب عملائها، مشدِّدًا على أنَّ الجهاز المصرفي قد يواجه موجة مطالبات شبيهة بما يحصل في أوقات الأزمات المالية.

السوق العالمية

يشير ديمون إلى الحرب الجارية على الأراضي الأوكرانية بوصفها أمرًا سيئًا دفع بأسعار الطاقة إلى مستويات قياسية، وقد يستمر الارتفاع، ما يهدِّد بأزمة غذائية عالمية، تخلق ضغوط إضافية على الاقتصاد يتوجب التعامل معها داخل وخارج الولايات المتحدة.

بحسب توقعات ديمون، من الآثار الأخرى للحرب أنَّ الحكومات لن تضمن تحقيق خططها في مجال التحول البيئي، بل إنَّ تبعاتها على البيئة ستكون خطيرة، لأنَّ ارتفاع أسعار النفط والغاز سيجعل البلدان تتجه إلى الفحم الحجري لتستخدمه في التدفئة، ما يعني زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

حتمية الركود؟

يشير خبراء مجموعة جولدمان ساكس المصرفية، إلى أنَّ ارتفاع مستويات التضخم مقرونةً بانخفاض معروض العمل مقابل ارتفاع الطلب على اليد العاملة يجعل من الركود أمرًا لا مفر منه، مع توقع استمرار التضخم وارتفاع الأجور.

بيد أنَّ واقع اليوم مختلف عن أي لحظة تاريخية سابقة بحسب الخبراء. فلو كانت التوقعات تشير إلى استمرار التضخم، إلا أنَّ محركه الرئيس الآن هو أسعار الطاقة، وهو ما لا يحتمل أن يؤثر في توقعات التضخم بعيدة الأمد. من ناحية ثانية، تُظهِر الاستطلاعات أنَّ الشركات تتوقع زيادة الأجور ببطء هذه السنة.

التضخم في أسعار السلع حسب التصنيف. -المصدر: مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي.

وقدَّم خبراء جولدمان ساكس إطارًا لتحليل ما إذا كان بوسع البنك الفيدرالي ضبط التضخم من دون التسبب بالركود، تمحوَر حول ضبط معروض العمل والطلب عليه والزيادة في الأجور ونمو الناتج المحلي الإجمالي، موضحين أنَّ ما يحتاجه الاقتصاد ليس الركود، بل إبطاء النمو إلى مستوى مستهدف، لكن سيظل تطبيق هذه الخطة أمرًا معقدًا.