من كالينينجراد لسوالكي.. تهديد روسي للناتو بالمنطقة الأكثر حساسية بالعالم

رنا أسامة

لم تُحدد روسيا طبيعة أو شكل الانتقام من ليتوانيا لكن تهديداتها تُعيد لدائرة الضوء المخاوف بشأن الاستيلاء على ممر سوالكي.


تتوعّد روسيا بالانتقام من ليتوانيا، لحظرها عبور بضائع إلى جيب كالينينجراد الروسي، بما قد يكون له تداعيات خطيرة على مئات الجنود الأمريكيين المتمركزين في شمال شرق بولندا المجاورة.

وفي 20 يونيو الجاري، انتقدت روسيا الحظر الليتواني، ووصفته بـ”غير القانوني”، لعبور بضائع خاضعة لعقوبات الاتحاد الأوروبي لجيب كالينينجراد التابع لروسيا، متوّعدة برد انتقامي في حال لم ترفع ليتوانيا الحظر فورًا، وفق بيان وزارة الخارجية الروسية.

ممر سوالكي.. أحد أكثر مناطق العالم حساسية

لسنوات، ثارت مخاوف من إمكانية عزل موسكو دول البلطيق عن حلف شمال الأطلنطي “الناتو”، إذا نشبت أزمة مع روسيا، بالاستيلاء على ممر سوالكي وهو شريط ضيق يصل كالينينجراد بليتوانيا ثم بيلاروسيا ومنها لروسيا، ويعد واحدًا من أكثر مناطق العالم حساسية. لاحتواء هذه المخاوف، أنشأ الناتو مجموعات قتالية متعددة الجنسيات، تبعُد إحداها 50 ميلًا عن كالينينجراد، تضم قُرابة 800 جندي أمريكي والمئات من دول أخرى.

لم تُحدد روسيا طبيعة أو الانتقام، لكن تهديداتها تُعيد لدائرة الضوء المخاوف بشأن الاستيلاء على ممر سوالكي، في وقت لم يتضح ما إذا كان الناتو عزّز قدرات وحداته للتعبئة تحسبًا للانتقام الروسي. وتوقع تقرير لموقع ستارز آند ستريبس الأمريكي المعني بالشؤون العسكرية، أن يُقر الحلف خلال قمته المُرتقبة في مدريد الأسبوع المقبل، خططًا لتعزيز جناحه الشرقي.

كالينينجراد على الخريطة

تهوين ليتواني: الكرملين خياراته قليلة

في حين وصف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الحظر الليتواني بأنه “أكثر من خطير” و”انتهاك غير مسبوق”، قلل مسؤولون ليتوانيون من المخاوف بشأن هجوم روسي وشيك ردًا على الحظر، لانشغال القوات الروسية في القتال بأوكرانيا.

وقال رئيس لجنة الأمن القومي والدفاع بالبرلمان الليتواني، لوريناس كاسكيوناس: “لسنا قلقين بشأن التهديدات الروسية.. الكرملين خياراته قليلة جدًا حول كيفية الرد”، مُستبعدًا وقوع هجوم “لأن ليتوانيا عضو في الناتو”. وبحسب موقع ديفينس نيوز الأمريكي، فأي عمل عسكري روسي مباشر ضد ليتوانيا، سيؤدي لتفعيل المادة 5 من معاهدة الناتو، التي قد يخوص على إثرها الحلف حربًا مع روسيا.

كالينينجراد الروسية.. تجويف في بطن جبل

جغرافيًا، يبدو كالينينجراد كتجويف في بطن جبل، فهو جيب معزول عن الأرض الروسية، يبعُد حوالي 680 ميلًا عن موسكو، على طول ساحل بحر البلطيق، بين بولندا جنوبًا وليتوانيًا شمالًا وشرقًا.

وبعد الحرب العالمية الثانية، ضمّ الاتحاد السوفيتي إقليم كالينينجراد، الذي غيّر اسمه الألماني القديم كونيجسبيرج، وظل جزءًا من الاتحاد الروسي حتى بعد انهياره في عام 1991، مُحاطًا بدول مستقلة حديثًا طورّت بمرور الوقت علاقات وثيقة مع الغرب، بما في ذلك بولندا وليتوانيا اللتين انضمتا في نهاية المطاف للناتو، بحسب ديفينس نيوز.

ميناء روسي.. غير متجمد

وفق ديفينس نيوز، تكمن أهمية كالينينجراد في كونه الميناء الروسي الوحيد على بحر البلطيق، الذي يخلو من الجليد على مدار السنة، ويُعد نقطة انطلاق مهمة للأسطول البحري للبلاد.

وبفضل موقعه الاستراتيجي، فإنه يمنع السفن من الاضطرار للإبحار حول الدول الاسكندنافية، عن طريق الممر الشمالي، والسفر عبر المحيط المتجمد الشمالي، الذي يجب أن تسلكه السفن من الميناء الثاني لأسطول البلطيق في سانت بطرسبرج. ويمنح ميزة عسكرية لروسيا، مع تمركز سفن بحرية روسية خلف خطوط الناتو.

أسلحة نووية

تمتلك روسيا أيضًا أسلحة نووية متمركزة في كالينينجراد، رغم الإنكار الروسي. فخلص اتحاد العلماء الأمريكيين في عام 2018، إلى أن روسيا حدّثت مخبأ لتخزين أسلحة نووية في المنطقة، بناءً على تحليل صور أقمار صناعية.

وبحسب ديفينس نيوز، توفر الرؤوس الحربية النووية المحمولة على صواريخ قصيرة أو متوسطة، في الجيب الواقع بقلب أراضي الناتو، لروسيا ميزة ضربة أولى أكثر فاعلية، نظرًا لمحدودية الوقت الذي تستغرقه الصواريخ للوصول لأهدافها في أوروبا.

ربما يعجبك أيضا