من «لمة العائلة» إلى «الطبق الدوار».. كيف تغيرت طقوس رمضان؟

أماني ربيع

تغيرت عادات استقبال رمضان في أكثر من دولة عربية، سنتعرف على بعض هذه التغيرات


لقدوم رمضان وقع خاص في الدول العربية التي تتزين شوارعها بالأنوار فرحًا باستقباله، وتغيرت طقوس العرب على مر السنين خلال الشهر الكريم.

ورغم الإبقاء على بعض المظاهر الشكلية من فوانيس وزينة وموائد عامرة، إلا أن الاختلاف طال العديد من تقاليد الأيام الرمضانية العربية، طقوس كثيرة تقلصت وخلت منها البيوت والشوارع العربية تقريبًا.

موائد الرحمن

193066 1015672025

في مصر كانت موائد الرحمن من المشاهد المميزة، يقول إسلام علام، لـ “شبكة رؤية الإخبارية، “منذ وباء كورونا غابت موائد الرحمن عن الشوارع، لكن المصريين وجدوا بابًا آخر للخير بإعداد وجبات وتغليفها وتوصيلها إلى بيوت المحتاجين كبديل لموائد الرحمن”.

وأوضح أن هذه الموائد التي يأكل عليها صاحبها مع الفقراء وعابري السبيل والعمال في المحلات المجاورة كانت من مظاهر الدفء والتكافل في رمضان، لكن حتى بعد كورونا رأى البعض أن الوجبات المغلفة تصون كرامة المحتاج أكثر.

وتتذكر هناء سعد الله كيف كانت تبدأ قبل حلول رمضان بأسبوع في صناعة الزينة من أوراق الكراريس التي يحتفظون بها لهذا الغرض، يقصونها بأشكال مختلفة ويلصقونها بحبل الدوبارة بغراء بدائي من الدقيق والماء،

وتقول لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “كان أحد الجيران يصنع كل عام فانوسًا من الورق المُقوى وأوراق الجلاد الملونة”، مشيرة إلى أنهم اليوم يشترون الزينة جاهزة أشكالًا وألوانًا بنقوش الخيام وأشكال الشخصيات الرمضانية.

تجمعات بيت العائلة

29May AR 264291

تولى محمد جمال تجميع النقود من أطفال بيت العائلة الذي يقطن فيه مع أعمامه، يقول: “كنا نشتري سحورً موازيًا نتناوله في البلكونة، واليوم أصبح تجمعنا صعبًا بسبب من يدرسون في جامعات بمحافظات أخرى، ومن يعملون لوقت متأخر، وزواج البعض الآخر، لم تعد التجمعات أمرًا سهلًا.

تفتقد همت إبراهيم بشدة سحور أول يوم رمضان في بيت جدها، الذي تفرقت العائلة بعد وفاته، مشيرة إلى أنه حتى في البيت الواحد قد لا يجتمع الكل على مائدة واحدة، وبينما يفضل والدها تأخير سحوره المكون من الزبادي والتمر، تأكل هي وجبة خفيفة قبل منتصف الليل لتستيقظ لعملها في السابعة صباحًا، بينما بعمل شقيقها في وردية ليلية بأحد المصانع ويتناول السحور مع زملائه.

وبسبب سفر زوجها الذي يعمل مهندسًا للبترول، تضطر آلاء طارق للإفطار مع والدتها بمفردهما، فشقيقها يدرس في كندا، ووالدها يعمل مدرسًا بالكويت.

الطبق الدوار

FB IMG 1638755471179

من الطقوس التي اختفت من رمضان “الطبق الدوار”، تقول سمية هلال، إن والدتها كانت تحرص على تقديم طبق من الحلوى التي تُجيد إعدادها للجيران وكل يوم يذهب الطبق محملًا بأصناف الحلوى والطعام اللذيذ إلى بيت مختلف حتى يعود إليها وتكتمل الدورة.

وتقول لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “كان هذا في زمن الجيران كانت فيه مثل العائلة، واليوم الكل يعيش في عزلة عن الآخرين، أنا أعيش في كومباوند بإحدى المدن الجديدة ولم أتعرف على أي من الجيران حتى الآن”.

طال التغيير أيضًا أنواع الأكلات الموجودة على الموائد مع انتشار برامج الطبخ التي تقدم أكلات من دول أخرى، وبعيدًا عن الأكلات التقليدية من بط ومحاشي، تقول سها عبدالراضي إنها تفضل إعداد المأكولات الإيطالية والمكسيكية وأطباق متنوعة من مطابخ عالمية على الإفطار كنوع من التغيير.

الشتات السوري

حلوى شامية

بعد الحرب يعيش السوريون حالة من الشتات مثلما تقول “آمنة ص”، لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، مشيرة إلى أن أفراد عائلتها تفرق شملهم بين ألمانيا وسويسرا ومصر، يتجمعون افتراضيًّا للتهنئة عبر مكالمات الفيديو، تقول: “لم يتبق من طقوس رمضان سوى رائحة ومذاق الطعام الذي تتمسك والدتها بإعداده متذكرة اسم من يفضله من إخوتها وأقاربها”.

وتوضح آمنة أن أبرز الأطباق على المائدة السورية هي المحاشي مثل “شيخ محشي” المطبوخ باللبن، والكبة اللبنية وسلطة الحمص وبابا غنوج والحلوى الشامية المحلاة بماء الزهر والفستق، مشيرة إلى أن التجمعات العائلية لم تعد بالكثافة ذاتها مثل الماضي، فمعظم الأسر تفضل الإفطار منعزلة في بيتها سواء بسبب الانشغالات أو الخلافات العائلية.

وتشير آمنة إلى اختفاء معظم الأطفال من الشوارع فالأهالي يفضلون بقاء أبنائهم في المنزل أمام شاشات التلفاز أو الهواتف المحمولة خوفًا عليهم.

من السودان إلى السعودية

فطور

من عادات أهل السودان الرمضانية افتراش الشوارع في موائد جماعية للإفطار، تجهز النساء الطعام في البيوت، ويأخذ الرجال الصواني إلى الشارع ليتشارك الجيران الإفطار، ويوقفون عابري السبيل، حتى لو كان مارًّا بالسيارة، فيجب أن ينزل ليفطر معهم، والطعام الرئيس هو العصيدة مع “القراصة” وهي نوع من الخبز، ويسمى مشروبهم المفضل حلو مر أو “الأبريه” السوداني.

وخفّت هذه العادة مع سوء الأحوال الاقتصادية والصراعات التي أثرت على الكثير من مظاهر البهجة الرمضانية في السودان.

لا يفطر أهل السعودية بعد المغرب مباشرة، بل يتناولون الماء والتمر بعد الأذان ويذهبون إلى الصلاة ويعودون لتناول الشوربة مع سمبوسه كطعام خفيف ليصلوا التراويح، التي تبدأ بعد انتهاء وجبتهم الأساسية من الكبسة واللحوم أو الدواجن، ويكتفون في السحور بالتمر والزبادي مع القرصان وهي معجنات من الدقيق الأسمر، واليوم تتناول العديد من الأسر الإفطار مباشرة بعد المغرب.

القرقيعان والديوانية في الكويت

قرقيعان

تشتهر الكويت بالمجالس أو “الديوانية” تُقام خلالها موائد للإفطار الجماعي ليحلو خلالها السمر، وتحتفل البلاد في منتصف رمضان بـ”القرقيعان” حيث يدور الأطفال على البيوت يدقون الأبواب مرددين الأناشيد من بعد الإفطار حتى السحور ليأخذوا أكياس الحلوى والشوكولاتة والمكسرات.

وكشف يقول أكرم جمال، المقيم في الكويت لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، أن الزيارات بين الأقارب والجيران التي كانت من سمات رمضان الأساسية شبه تلاشت لتحل محلها التهاني والمعايدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب انشغالات الناس.

ومثل الكويت تفتح البيوت في الإمارات أبوابها لمجالس الديوانية التي يتبادل خلالها الرجال الشعر والحكايات، وتحفل الموائد بالأطعمة التقليدية من مجبوس وثريد ولقيمات إلى جانب أطباق الحلوى من خنفروش وبلاليط.و

يُطلق على القرقيعان في الإمارات “حق الليلة”، ويستمر الاحتفال به من 13 رمضان حتى 15 رمضان، وسابقًا كان الأطفال يزينون الشوارع بصخبهم أثناء لعب الألعاب التقليدية، واليوم يجلس كل طفل أمام هاتفه المحمول أو الكمبيوتر منصرفًا إلى عالمه الخاص.

 

ربما يعجبك أيضا