من ميلوني لترامب.. الملاكمة الجزائرية إيمان خليف تتحدى حملات التشهير

عبدالمقصود علي

جدل مستمر يحيط بالملاكمة الجزائرية إيمان خليف بعد فوزها في دور الـ16 بأولمبياد باريس على الإيطالية أنجيلا كاريني في فئة أقل من 66 كلج، حيث اتهمها منتقدوها بأنها “رجل”، لكنها رغم ذلك تحدت الجميع وحققت أول ميدالية لبلادها في هذا العُرس الرياضي.

القصة بدأت يوم 1 أغسطس بعد 46 ثانية فقط من بداية القتال، حيث تلقت الملاكمة الإيطالية ضربة مباشرة قوية إلى حد ما على وجهها وانهارت تمامًا، وتحت أعين الجمهور المذهول، خلعت خوذتها، وصرخت هذا ليس عدلاً قبل أن تنهار وتزرف دموعًا.

هجوم شرس

بعدها الحكم يأخذ ذراع منافستها خليف ويرفعها، معلنًا فوزها ووصولها للدور التالي، لكن هذا الأمر فتح ملف الملاكمة الجزائرية عالميا، وبدأ الهجوم الشرس عليها، ابتداء بالملياردير إيلون ماسك، الذي انتقد مشاركتها مع النساء، إلى رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، وأخيرًا المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

GUHSrfKWQAABwdQ

وبحسب تلفزيون “فراتنس إنفو” تضاعفت علامات الدعم للملاكمة الإيطالية، فيما اكتسبت حملة التشهير ضد الجزائرية زخمًا.

وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، تُتهم خليف ذات الملامح الذكورية التي يبلغ طولها 1.78، بأنها رجل بيولوجيا، كذلك تُتهم اللجنة الأولمبية الدولية بالسماح لها بالقتال ضد السيدات، خاصة أن الاتحاد الدولي للملاكمة في عام 2023 استبعدها من بطولة العالم للسيدات في نيودلهي، بعدما أظهرت الاختبارات الجينية وجود كروموسومات XY  المرتبطة بالذكورة بالإضافة للملاكمة التايوانية لين يو تينج.

من الرياضة للسياسة

الحملة الشرسة ضد خليف لم تقف عند هذا الحد بل تناولها السياسيون، ففي الولايات المتحدة نشر المرشح الجمهوري دونالد ترامب عبر حسابه في منصة “إكس” صورة لإيمان مع تعليق: “هل توافق على منع المتحولين جنسيا من ممارسة الرياضة النسائية؟”. ليجيب مضيفا: “نعم أم لا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، أود أن أتابعك”.


وقبل ذلك، استنكرت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني ما اسمتها “المنافسة غير العادلة”، وقالت في تصريح لها: في ظل مستويات هرمون التستوستيرون المرتفعة هذه، لا يمكن اعتبار هذه المنافسة عادلة.. لا ينبغي السماح للرياضيين ذوي السمات الذكورية بالمشاركة في مسابقات السيدات”.


كما شارك الملياردير الأمريكي إيلون ماسك مالك منصة “إكس”، في السجال الساخن وأعاد نشر عدد من التغريدات حول القضية، مؤيدًا رأي السباحة الأمريكية، رايلي جاينز، التي رأت أنه “لا ينبغي للرجال أن ينخرطوا في الرياضة النسائية”، وفي تعليق آخر اعتبر أن ما جرى للاعبة الإيطالية “جنون”.

دفاع ومساندة

توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، خرج عن صمته ودافع عن الملاكمة الجزائرية ونظيرتها التايوانية، وقال “لدينا ملاكمتان ولدتا كامرأتين، نشأتا كامرأتين، وهما امرأتان فى وثيقة السفر، وشاركتا فى المنافسات كامرأتين لعدة سنوات، وهذا هو التعريف الواضح للمرأة، ولم تكن هناك أي شكوك حول كونهما امرأتين”

وأضاف “لكننا لن نشارك في حرب ثقافية لها دوافع سياسية، واسمحوا لي أن أقول إن كل ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي من خطاب كراهية والإساءات التي تغذيها هذه المحاولات أمر غير مقبول مطلقا”.


من جهته دافع والد الملاكمة الجزائرية عن ابنته، وقال عمر خليف لوكالة “فرانس برس” “طفلتي فتاة، لقد نشأت كفتاة، إنها فتاة قوية، لقد ربيتها لتكون مجتهدة وشجاعة، لديها إرادة قوية للعمل والتدريب”.

وأوضح أن ابنته كانت رياضية متحمسة منذ أن كانت فتاة صغيرة، وهي الآن “مثال للأنوثة الجزائرية”، قائلاً: “إنها إحدى بطلات الجزائر، إن شاء الله ستشرفنا بميدالية ذهبية وترفع العلم الوطني في باريس،  هذا هو هدفنا الوحيد”.

تحدي واعتذار

الجمعة، وجهت الملاكمة كاريني اعتذارا وقالت لصحيفة جازيتا ديلو سبورت الإيطالية بأن مشاعر اللحظة هيمنت عليها بعد خسارتها، وأنها تأسف لعدم مصافحة خليف المنتصرة.

وأضافت “في الواقع، أريد أن أعتذر لها وللجميع. لقد كنت غاضبة لأن النزال الأولمبي الذي شاركت فيه تحول إلى دخان. ليس لدي أي شيء ضد خليف. في الواقع، إذا التقيت بها مرة أخرى فسوف أحتضنها”.

لكن الحملة التي تعرضت لها خليف لم تثنها عن التحدي والسعي لإدخال السعادة على قلوب الجزائريين الذي اصطفوا لتشجيعها والدفاع عنها، وتمكنت مجددا من الوصول لنصف النهائي بالفوز على المجرية آنا لوكا هاموري، وانتصرت بإجماع قرار الحكام بنتيجة 5-0 في ربع النهائي، لتضمن ميدالية أولمبية، إذ يحصد صاحب المركز الرابع أيضا على برونزية رفقة المركز الثالث.

ربما يعجبك أيضا